Skip to main content

الاضطرابات الشعبية التي تكتسح العالم العربي اشتملت جميعاً على دعوات بمزيد من الحقوق والحريات. الأردن ليست بالاستثناء على الللقاعدة، ويبدو أن الملك عبد الله يعرف هذه الحقيقة. عندما كلف معروف البخيت بتشكيل حكومة جديدة في 1 فبراير/شباط، دعى إلى مساحة سياسية أوسع وتعددية سياسية أكبر لجميع الأردنيين.

مجلس الوزراء الأردني والبرلمان يحتاجان على وجه السرعة للمتابعة واعتبار حماية الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير من أهم الأولويات. هذه الحقوق ضمانات أساسية لعملية سياسية نزيهة وشاملة. دونها لا تُتاح إلا أقل الفرص لانفتاح سياسي حقيقي، مهما كثرت التشريعات الانتخابية وتلك الخاصة بالأحزاب السياسية.

ومما يُحسب لوزراء البخيت الجُدد أنهم بدأوا في تناول حرية التجمع بشكل جيد، عندما عرض وزير الداخلية مقترح بتعديل قانون التجمعات العامة وتبناه مجلس الوزراء، لاستبدال مطلب الحصول على إذن مسبق بالتجمع، بإخطار بسيط مسبق على بدء التجمعات. والآن، يحتاج البرلمان للموافقة على هذا الإجراء التشريعي.

هذا التعديل من شأنه أن يسمح للأردنيين وللمرة الأولى بالتنظيم والاجتماع كيفما شاءوا. القيود الخاصة بشرط الموافقة المسبقة كانت تعيق عمل المجتمع المدني. على سبيل المثال، قبيل انتخابات 2007، لم يتمكن تحالف من المنظمات الأردنية من الاجتماع في قاعة فندقية لتنسيق أعمال المراقبة المستقلة للانتخابات، لأن المحافظ رفض منحهم التصريح اللازم؛ فكل مؤتمر صحفي أو ورشة عمل تحتاج إلى رحلة إلى المحافظ.

في الماضي كان المحافظون لا يمنحون التصريح بعقد التظاهرات إلا بصفة توفير صمام أمان: ترك الغضب يخرج من الناس أثناء زيارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش لعمان في عام 2006، وأثناء الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في يناير/كانون الثاني 2009؛ ومع خروج تظاهرات كبيرة بما يكفي لتغيير النُظم السياسية في تونس ومصر. مقابل هذا العدد البسيط من التظاهرات، هناك مئات الطلبات بعقد مسيرات عامة، بالأساس من جبهة العمل الإسلامي، وقام المحافظون برفضها.

أما بالنسبة لحماية حرية التعبير، فإن الحكومة الجديدة لم تبذل أي جهود حتى الآن، ويبدو أنها راضية بإلغاء العقوبات الجنائية من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2007. لكن هذا لا يكفي. فالادعاء كثيراً ما يستند إلى أحكام القانون الجزائي في مقاضاة منتقدي الحكومة أو في تسوية حسابات شخصية.

قضية طاهر نصار توضح أهمية تغيير القوانين لأجل حماية حرية التعبير. نصار، وهو مرشح مستقل في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2010 البرلمانية، تعرض للاحتجاز من قبل الادعاء في محكمة أمن دولة تهيمن عليها المؤسسة العسكرية، لأن بيانه الانتخابي دعى إلى المساواة بين المواطنين، وفُهم هذا على أنه دعوة لترويج المساواة لصالح الأردنيين من أصول فلسطينية. يُواجه نصار اتهامات بـ "إهانة" الملك و"التسبب في فتنة طائفية" بموجب المواد 195 و150 من القانون الجزائي. على الحكومة أن تُلغي هذه المواد من القانون الجزائي والمواد الأخرى المستمرة في تجريم القدح والذم.

حكومة البخيت كانت صامتة أيضاً بالمثل فيما يخص إصلاح قانون الجمعيات الخانق. تم إصدار قانون جديد لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية في عام 2008، وعُدل في 2009، لكن ما زالت سيطرة الدولة على منظمات المجتمع المدني قائمة. ما زال بإمكان الحكومة حرمان المنظمات من التسجيل، الذي تحتاجه لبدء العمل. ويمكنها أن تحرمها من التصريح بقبول التمويل الأجنبي، بل ويمكنها إغلاق الجمعيات والاستيلاء عليها بشكل كامل، كما حدث بالنسبة لاثنتين من أكبر المنظمات الأردنية أثناء وزارة البخيت الأولى، من 2005 إلى 2007.

في أواسط ديسمبر/كانون الأول، أدى جهد موسع للمطالبة بإعادة شهر الجمعيات إلى مطالبة الجمعيات بتقديم أكوام من المستندات بمعلومات دقيقة عن أهداف وخطط الجمعيات، قبل الموافقة عليها.

لابد من ظهور قانون جديد ليستبدل هذه القوة السياسية بإخطار بسيط يرسله مؤسسو المنظمات بأنها قائمة وتعمل، مع إبعاد الحكومة عن التدخل في شؤون المجتمع المدني، وأن يُنقل للمسؤولين القضائيين أية سلطات تحقيق في مزاعم مخالفات هذه المنظمات.

أما وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، فقد احتج في مطلع يناير/كانون الثاني بأن كل هذه الحقوق مكفولة الحماية. الواضح أنها ليست كذلك. على الحكومة أن تقترح تعديلات لحماية الحقوق الأساسية مثل الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، وألا تعامل الإصلاحات الانتخابية على أنها الأولوية الوحيدة. إذا أخفقت الحكومة الأردنية في اتخاذ هذه الخطوات، فهي تخاطر بأن تغمرها موجة الديمقراطية التي تهب على شتى بقاع المنطقة.

كريستوف ويلكى باحث أول ومعني بالشأن الأردني في هيومن رايتس وتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة