(القاهرة،) - قالت هيومن رايتس ووتش أنّ آلاف المتظاهرين في القاهرة والإسكندرية تحدّوا قوات مكافحة الشغب إضافة إلى قوات أمن أخرى في ظل تحذيرات حكومية بعدم المشاركة في التظاهرات في 28 يناير/كانون الثاني، 2011. أغلقت الحكومة الصول إلى الإنترنت ومعظم شبكات الهاتف الخلوي كما أمرت الجيش بالنزول إلى الشارع قيل حظر التجوال.
أفاد شهود عيان بإصابة عشرات المتظاهرين على يد الشرطة. وقالت تقارير أن قوات الأمن تحظر تحرك قائد المعارضة محمد البرادعي كما اعتقلت عدد من قادة الإخوان المسلمين. كذلك اعتقلت الشرطة عدّة صحافيين يغطون التظاهرات.
" الشعب المصري خرج إلى الطرقات طالباً إصلاح حكومة لم تعد شرطتها تهاجمه" قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. "بعد عقود من التعذيب والوحشية، الحكومة المصرية مرتاحة جداً لضرب مواطنيها وإطلاق النار عليهم. لكن على الحكومة وقوات أمنها أن تلتفت للرسالة أن الشعب عانى بما فيه الكفاية."
حاول المتظاهرون في القاهرة شقّ طريقهم بالقوة باتجاه ميدان التحرير، نقطة التجمع المحددة لتظاهرة 28 يناير/كانون الثاني،2011. رصد باحثو هيومن رايتس ووتش المتظاهرين بعد أن نجحوا في عبور جسر قصر النيل باتجاه الساحة المركزية، وقد تمّ التصدي لهم بخراطيم المياه وإطلاق الغازات المسيّلة للدموع عن قرب أولاً ، ثمّ بالرصاصات المطّاطة التي أطلقتها قوات مكافحة الشغب. حاول المتظاهرون عبور جسر 6 أكتوبر، لكنّ قوات مكافحة الشفب أطلقت الغاز المسيّل للدموع باتجاه الحشود.
عند الساعة 3.15 بعد الظهر، بدأت قوات مكافح الشغب عند جشر قضر النيل بإطلاق الرصاصات المطاطة باتجاه الحشود وضربهم بالعصي، مما أدى في النهاية إلى تراجع المتظاهرين عبر الجسر. وأفاد شهود عيان بجرح العشرات. أحصى باحثو هيومن رايتس ووتش تسع ضحاياظهرت عليهم الدماء وقد تم سحبهم على يد متظاهرين آخرين. أحد هؤلاء بدا غائباً عن الوعي، بينما بدا آخر متأثراً بجروح عشرات الرصاصات، وبدت جروح رجل عمره 67 عاماً جراء رصاصة في عنقه.
وأفادت متظاهرة مسنّة قالت أنها كانت في الصفوف الأمامية للتظاهرة عند الجسر، قالت أنّ الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط على مسافة قريبة للغاية. وقال متظاهر آخر، وهو ضابط متقاعد عمره 62 عاماً شارك في حرب 1973 ضد إسرائيل، أنّ الشرطة ضربته بالعصا.
وفي الوقت نفسه، شمال ميناء الإسكندرية، ثاني أكبر مدن مصر، شاهد أحد باحثي هيومن رايتس ووتش قوات الأمن تطلق اسطوانات الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط على حوالي 600 متظاهر سلمي بعد صلاة الجمعة في مسجد سيدي بشر. ترك المتظاهرون المسجد حاملين لافتات وبدأو السير هاتفين "نحن مسالمون، نحن مسالمون". بعد نحو ساعة من الإشتباكات المتفرقة، جاء صف كبير من المتظاهرين، من اتجاه آخر سدّ طريق الشرطة، رافعين أيديهم مردّدين، "نحن مسالمون." انسحبت الشرطة من المنطقة لاحقاً ومشى آلاف المتظاهرين باتجاه الواجهة البحرية للإسكندرية. في وقت آخر من التهار، رأت هيومن رايتس ووتش سيارات الشرطة وآلياتها تحترق في شوارع المدينة.
معايير حقوق الإنسان الدولية بشأن استخدام القوة من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، على النحو المبين في المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، تفيد بالسماح باستخدام القوة عندما تكون "لا مفر منها"، وعندما يتم استخدامها يجب إستخدامها نسبياً. إنّ الإستخدام الإعتباطي والتعسفي للقوة من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون يجب معاقبته.
كذلك على السلطات المصرية واجب حماية حق كل إنسان بالتجمع السلمي، بما يتضمن السماح للمظاهرات بالتحرك بحريّة.
حثّت هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى العدول عن قرارها باغلاق معظم شبكات الاتصالات في مصر، قائلا ان التعتيم يشكل تهديدا رئيسيا لحقوق الإنسان. وجاء قرار إغلاق الإنترنت كرد واضح على التظاهرات ، التي بدأت كاحتجاجات ضد تعذيب الشرطة وتصاعدت بسرعة الى دعوات لإنهاء حكم الرئيس مبارك المستمر منذ ثلاثة عقود.
"إنّ التعتيم الإعلامي في مصر خطوة متطرفة تهدف الى تعطيل المسيرات المزمعة، لمنع الصور التي تظُهر وحشية الشرطة ، وإسكات المعارضة مرة واحدة وإلى الأبد،" قال ستورك : "تهدف الهجمات على الصحافيين لفرض رقابة على التقارير" على الحكومة أن تأمر الشرطة بالسماح للصحافيين بالعمل بحرية."
بحسب تقاؤير إعلامية، في 28 يناير، ضربت مراسل الـ بي بي سي، واستولت على كاميرا لأحد طواقم ال سي أن أن. واحتجزت لفترة وجيزة عشرة صحافيين على الأقل منذ 25 يناير/ كانون الثاني.
حكم مبارك مصر منذ عام 1982 تحت حكم الطوارئ، الذي يعطي قوات الأمن الحق بالإعتقال التعسفي واحتجاز الآلاف دون تهمة لفترات غير محددة، وبمنع التظاهرات. وقد سمحت ثقافة الإفلات من العقاب بالتعذيب المنهجي. وإزاء هذه الخلفية، اتخذ نشطاء الإنترنت الشباب على نحو متزايد من الإنترنت وسيلة استخدمها النشطاء لتنظيم الاحتجاجات في الشوارع وتبادل المعلومات حول الحالات.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الإنترنت والاتصالات المتنقلة هي أدوات أساسية لحقوق التعبير والمعلومات، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات. ويجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، والحكومات الاقليمية المؤثرة اتخاذ خطوات فورية للضغط على مصر لوضع حد للتعتيم على الاتصالات السلكية واللاسلكية على الصعيد الوطني. ويجب على الشركات ومزودي خدمات الإنترنت في مصر وخارجها التصرف بمسؤولية لدعم حرية التعبير والخصوصية عن طريق الضغط على مصر لوقف الرقابة على منتجاتها وخدماتها.
"الاغلاق الموجه من قبل الدولة للوصول الى شبكة الانترنت هو أمر تقشعر لها الأبدان،" قال ستورك. "على المجتمع الدولي أن يستجيب بسرعة لوضع حد للتعتيم الإعلامي في مصر وانتهاكات حقوق الإنسان."