(بيروت، 19 يوليو/تموز 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في رسالة وجهتها لوزير الداخلية الإماراتي أنه ينبغي على حكومة الامارات العربية المتحدة أن تمنح مئات اللبنانيين والفلسطينيين من غزة الذين تم إبعادهم من الإمارات الفرصة للطعن في قرارات طردهم.
وذكرت اللجنة اللبنانية للمرحلين، ومقرها بيروت، أن السلطات الإماراتية قامت بترحيل ما لا يقل عن 120 عائلة لبنانية - جميعهم من الشيعة - منذ يونيو/حزيران 2009 دون التقيد بالإجراءات القانونية. وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات الإماراتية طردت أيضاً عشرات الفلسطينيين، معظمهم من قطاع غزة، بعد إلغاء تصاريح العمل الخاصة بهم.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "أكثر من عام مضى منذ بدأت الإمارات بترحيل المئات من اللبنانيين والفلسطينيين من غزة، ولم تقدم الحكومة الإماراتية حتى الآن أي مبرر كافٍ". وأضافت: "على دولة الإمارات أن تمنح هذه الأسر، التي عاش الكثير منها في البلاد منذ عقود، فرصة للطعن في قرارات ترحيلهم".
وقال تسعة من المبعدين اللبنانيين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في بيروت إنهم طردوا تعسفاً، دون أي تفسير أو أية فرصة للإنصاف. جميعهم قالوا إنهم كانوا مقيمين بصفة قانونية في دولة الإمارات منذ فترة طويلة. وقد عاش بعضهم في البلاد لأكثر من 30 عاماً وتملكوا منازلاً ومؤسسات تجارية هناك.
ومع ذلك، قال الرجال الثمانية وامرأة إنه في مطلع يونيو/حزيران 2009، تلقى كل منهم مكالمة هاتفية من سلطات الهجرة الإماراتية تبلغهم بأن عليهم مغادرة البلاد مع عائلاتهم. منحوا بضعة أيام فقط لحزم متاع عائلاتهم والسفر. تكبد العديد منهم خسائر مالية فادحة، إذ لم يُتح لهم الوقت لبيع ممتلكاتهم أو المطالبة بأجورهم ومستحقاتهم من أرباب عملهم.
أخبر رجل لبناني (55 عاماً) هيومن رايتس ووتش أنه خسر 250 ألف دولار أميركي بعد أن تم ترحيله وعجز عن بيع مطعمه في الإمارات.
وقال الرجل، الذي عاش في الإمارات منذ عام 1978: "لم يخبرنا مسؤولو الهجرة شيئاً سوى أنه يتعين علينا حزم أمتعتنا والعودة الى الوطن"، "وعندما سألت عن السبب، قال مسؤولو الهجرة أنهم أنفسهم لا يعرفون السبب، وأنهم تلقوا قائمة أسماء من [سلطات] أبو ظبي".
قال بعض المرحلين لـ هيومن رايتس ووتش إنه قبل ترحيلهم، استدعتهم السلطات الإماراتية وسألتهم عن الحزب السياسي الذي يؤيدونه في لبنان. كما حاولت السلطات أيضاً الحصول على معلومات من الناس الذين تم استدعائهم حول حزب الله، وعن الانتماءات السياسية للبنانيين آخرين مقيمين في دولة الإمارات. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الاستجوابات تثير مخاوفاً من أن عمليات الطرد هذه كانت سياسية الدوافع.
أخبرت أستاذة جامعية لبنانية كانت تعمل في جامعة الشارقة هيومن رايتس ووتش أن مسؤولي الهجرة قاموا باستدعائها لمقابلة في 10 يونيو/ حزيران 2009، بعد ثلاثة أيام من الانتخابات البرلمانية اللبنانية. وخلال الاستجواب الذي دام لأربع ساعات، اتهمها ضابط بالانتماء الى "خلية نائمة" لحزب الله. وقالت أيضاً أن المحقق "سخر من معتقداتي [الشيعية] وممارساتي الدينية بطريقة قاسية جداً، وكان مؤلماً إلى حد كبير أني لا أستطيع الإجابة أو الدفاع عن نفسي".
وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2009، استجوبها مسؤولو الهجرة مرة أخرى، وطلبوا إليها هذه المرة مغادرة البلاد على الفور. وقالت أن الجامعة لا تزال مدينة لها بجزء من راتبها ونفقات أخرى.
بموجب القانون الدولي، للحكومات الحق في تنظيم تواجد الأجانب على أراضيها. لكن عملية الترحيل تخضع لقيود معينة. تحظر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي صادقت عليها دولة الإمارات عام 1974، التمييز على أساس العرق أو الأصل القومي. يلزم الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادفت عليه الإمارات، الحكومات بعدم ترحيل الأجانب إلا وفقاً للقانون، مع منحهم فرصة الطعن في أمر ترحيلهم. ويحظر الميثاق أي شكل من أشكال الطرد الجماعي.
أثارت الحكومة اللبنانية مسألة الترحيل مع السلطات الإماراتية مراراً على مدى العام الماضي. في أكتوبر/ تشرين الأول، زار رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، دولة الإمارات، وأعرب عن قلقه للرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مباشرة. على الرغم من التأكيدات التي قدمتها السلطات الإماراتية للمسؤولين اللبنانيين أن الإمارات ستعيد النظر في حالة كل شخص مبعد، فإن أياً من أولئك الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ممن طردوا لم تصله أية معلومات إضافية.
دعت رسالة هيومن رايتس ووتش الحكومة الإماراتية، في ضوء التزاماتها بموجب القانون الدولي، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، أن تعلن على الملأ الخطوات التي يمكن لأي شخص من الأشخاص المُرحلين اتخاذها فيما لو رغب بالطعن في قرار طرده، وكذلك الهيئة التي ستنظر في الطعون وعلى أي أساس سيصدر قرارها، وأن تعلن أنها ستجمد أي عملية ترحيل قيد التنفيذ انتظاراً لنتيجة الطعن. كما ينبغي على الحكومة الإماراتية أن توفر هذه المعلومات لكل الأفراد الذين تم الأمر بترحيلهم بإجراءات موجزة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "تفخر الإمارات باعتبارها أرض الفرص بالنسبة للعرب من مختلف أرجاء المنطقة، لكن هذه الحالات تبين أن هذه الفرص تقف على رمال متحركة".