Skip to main content

الاتحاد الأفريقي: يجب دعم دعوة لجنة مبيكي بالملاحقة القضائية في دارفور

المحكمة المختلطة ليست بالبديل عن المحكمة الجنائية الدولية والإصلاحات على المستوى الوطني مطلوبة

(نيويورك، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2009) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الاتحاد الأفريقي أن يدعم دعوة اللجنة رفيعة المستوى بإجراء ملاحقات قضائية من أجل إحقاق العدالة للضحايا في دارفور. وقالت هيومن رايتس ووتش إن توصية اللجنة بتشكيل "محكمة مختلطة" - بالإضافة إلى إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحة وتعزيز نظام العدالة الجنائية في السودان، يمكن أن يُكمل من جهود العدالة من أجل دارفور، لا أن يكون بديلاً عن ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية.

من المقرر عرض تقرير اللجنة في اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في أبودجا يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول.

وقال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدل الدولي في هيومن رايتس ووتش: "على دول الاتحاد الأفريقي أن تصدق على دعوة لجنة مبيكي بالملاحقات القضائية، فضحايا الهجمات في دارفور يستحقون الانتصاف". وتابع قائلاً: "المحكمة المختلطة وإصلاح القوانين الوطنية قد يساعدان كثيراً، لكنهما ليسا بالبديل للملاحقات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية".

اللجنة رفيعة المستوى المعنية بدارفور، برئاسة ثابو مبيكي، الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، أنشأها الاتحاد الأفريقي في مارس/آذار 2009 لبحث سبل تأمين السلام والعدالة والمصالحة في دارفور. وقد نفذت اللجنة عملها المنوط بها - ويشمل عقد سلسلة من الجلسات في السودان - على مدار نحو ستة أشهر، ثم أعدت تقريراً شاملاً جاء في 125 صفحة.

وانتهت اللجنة إلى أن "شعب دارفور عانى كثيراً من العنف والانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان". ومن توصيات اللجنة الأساسية إنشاء محكمة مختلطة جديدة من قضاة سودانيين وقضاة من تعيين الاتحاد الأفريقي، للملاحقة القضائية في أكثر الجرائم المرتكبة في دارفور جسامة.

لجنة مبيكي لم تتخذ موقفاً بشأن سعي المحكمة المختلطة للنظر في قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق في جرائم في دارفور وتلاحق المسؤولين عنها قضائياً منذ 2005، بعدما أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى المحكمة.

والمحكمة الجنائية الدولية تنظر حالياً في قضايا بحق أربعة من المشتبهين بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وأحد المشتبه بهم هو الرئيس عمر البشير، الذي أصدرت المحكمة بحقه مذكرة توقيف في 4 مارس/آذار 2009.

وقال ريتشارد ديكر: "السودان يعيق العدالة في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ سنوات". وأضاف: "المحكمة المختلطة المُقترحة وإصلاحات القوانين الوطنية يجب ألا تعطل قضايا المحكمة الجنائية الدولية ولو لدقيقة واحدة. وإذا بدأت المحكمة المختلطة عملها، ومتى تحقق هذا، ستجد الكثير من القضايا الكافية كي تنظر فيها".

تأسيس المحكمة المختلطة الجديدة - التي قالت هيومن رايتس ووتش أنها يجب أن تتسق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة - يُرجح أن يواجه عقبات كبرى، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. فالقيادة السودانية سبق أن قوضت من جهود المحاكم الوطنية الخاصة بمقاضاة المسؤولين عن الأعمال الوحشية في دارفور. ومن شأن محكمة مختلطة فيها مشاركة سودانية أن تبتلي بنفس الغياب للإرادة السياسية الخاصة بتحميل الجناة المسؤولية. فضلاً عن أن المحاكم الجديدة تستغرق زمناً طويلاً في الإنشاء ويمكن أن تكون مُكلّفة للغاية.

لجنة مبيكي أوصت أيضاً بتعزيز نظام العدالة الجنائية الوطني وإزالة الحصانة عن المسؤولين بالحكومة الذين انتهكوا حقوق الإنسان. وهذه التوصيات تستقيم مع الإصلاحات التشريعية والمؤسسية المطلوبة بموجب شروط اتفاق السلام الشامل لعام 2005، الذي وقعه حزب المؤتمر الوطني الحاكم مع اللجنة الشعبية لتحرير السودان، ووضع حداً لحرب أهلية دامت أكثر من 20 عاماً.

ومن شأن الإصلاح التشريعي الحقيقي أن يشمل إلغاء المُشرّع السوداني أو تعديله للقوانين القائمة بحيث تصبح متفقة مع المعايير الدولية المطبقة لحقوق الإنسان، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. وتشمل هذه الإصلاحات، على وجه السرعة، إصلاح قانون قوات الأمن الوطنية، الذي يمنح في الوقت الحالي سلطات موسعة للاعتقال والاحتجاز للسلطات الأمنية، المستمرة في ارتكاب انتهاكات حقوقية في دارفور وفي شتى أنحاء السودان.

وقالت جورجيت غانيون، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "دعوة لجنة مبيكي بإصلاح تشريعي حقيقي في السودان عنصر أساسي في تحسين المساءلة بمجال انتهاكات حقوق الإنسان، وهي دعوة نُرحب بها". وتابعت: "وقد تساعد أيضاً الإصلاحات الحقيقية في تهيئة الظروف المطلوبة لانتخابات حرة ونزيهة في أبريل/نيسان 2010".

كما أوصت لجنة مبيكي بإنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة، التي من شأنها أن تسهم إسهاماً مهماً في توسيع مجال المساءلة عن الجرائم في دارفور. مثل هذا الإجراء قد يسهم في رأب الصدع المجتمعي عبر التوثيق المستفيض لما تعرض له الضحايا وتوثيق الجرائم المُرتكبة.

الاتحاد الأفريقي والمحكمة الجنائية الدولية

في يوليو/تموز، دعى الاتحاد الأفريقي دوله الأعضاء إلى عدم التعاون في اعتقال وتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، بما أن مجلس الأمن لم يستجب لدعوة الاتحاد بإرجاء القضية. المادة 16 من نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية تسمح لمجلس الأمن بإرجاء القضايا لمدة عام قابلة للتجديد من أجل حفظ السلم والأمن. وبموجب نظام روما، فإن جهود تعزيز الملاحقات القضائية الوطنية في الجرائم ضمن اختصاص المحكمة، ليست بالسند الكافي لاستخدام الإرجاء بموجب المادة 16.

وكما أوضحت كل من جنوب أفريقيا وبتسوانا فإن قرار الاتحاد الأفريقي الصادر في يوليو/تموز يعارض كل التزامات الدول الأفريقية كدول أطراف في نظام روما. فجميع الدول الأطراف مُلزمة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بغض النظر عن قرارات القمة هذه. فقرار الاتحاد الأفريقي لا يتسق أيضاً مع المادة 4 من النظام المنشئ للاتحاد الافريقي، ويرد في تلك المادة رفض الإفلات من العقاب.

ومع صدور مذكرة التوقيف بحق الرئيس البشير، فقد أشار بعض المسؤولين بالحكومات الأفريقية إلى أن المحكمة الجنائية الدولية غير منصفة في استهدافها الزعماء الأفارقة. لكن جميع القضايا التي حققت فيها المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن إما كانت مُحالة إليها طوعاً من حكومات أفريقية، أو كما هو الحال في دارفور، من قبل مجلس الأمن.

وفي الوقت نفسه، فإن تطبيق العدل الدولي لم يتسم بالمساواة، مع عرضة المسؤولين في الدول الأقوى بدرجة أقل للملاحقة القضائية. الحل إذن هو العمل على توسيع مجال المساءلة، وليس الحد منه، مما يؤدي بدوره لتعزيز اتساع دائرة التصديق على نظام روما من قبل دول إضافية. وإلا فإن الضحايا سوف يُحرمون من الانتصاف وتسود ثقافة إحباط المساءلة، على النقيض من أهداف النظام المنشئ للاتحاد الأفريقي، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وهيومن رايتس ووتش تدعو الدول إلى العمل على الملاحقة القضائية في الجرائم الجسيمة التي تنتهك القانون الدولي حيثما وقعت، وأن توسع من مجال عمل المحاكم الدولية. كما أن هيومن رايتس ووتش ومعها منظمات دولية أخرى ومنظمات المجتمع المدني في شتى أنحاء أفريقيا، دعت الدول الأفريقية إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في اعتقال وتسليم البشير.

 

وقالت جورجيت غانيون: "تكررت دعوات المجتمع المدني الأفريقي للدول الأفريقية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في اعتقال الرئيس البشير". وأضافت: "ويجب على الدول الأفريقية مراعاة هذه الدعوة".

خلفية عن الجهود الوطنية السودانية للملاحقة القضائية عن الجرائم الجسيمة في دارفور

في السابع من يونيو/حزيران 2005، بعد يوم من إعلان ادعاء المحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق في أحداث دارفور، أنشأت السلطات السودانية المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور. إلا أنه بحلول يونيو/حزيران 2006 لم ترسل السلطات إلى المحاكم سوى 13 قضية، وجميعها متورط فيها أشخاص متواضعي الرتبة متهمين بجرائم صغيرة مثل السرقة. وفي القضية الوحيدة المتعلقة بهجوم موسع على المدنيين، لم تزد المحكمة عن إدانة المتهمين بالسرقة التي وقعت بعد الهجوم.

وفي أغسطس/آب 2008، قام وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات بتعيين مدعي خاص ومستشارين قانونيين لكل من ولايات دارفور الثلاث للتحقيق في الجرائم المُرتكبة منذ 2003. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 أعلن مسؤولون بوزارة العدل السودانية أن المدعي الخاص انتهى من تحقيقه في الادعاءات بحق علي كوشيب، زعيم الميليشيا المطلوب طرف المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي فبراير/شباط 2009 ذكر المدعي الخاص بدارفور أن ثلاثة رجال، منهم كوشيب، نُسب إليهم الاتهام على صلة بأحداث دليج ومكجار وبانداس وجارسيلا. إلا أنه منذ ذلك الحين لم تظهر مؤشرات على إحراز أي تقدم في هذه القضية أو غيرها، واشتكى المدعي الخاص علناً من أنه يعاني الصعوبات في الوصول إلى الضحايا ومقابلتهم.

قضايا المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بدارفور

حتى الآن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق ثلاثة مشتبهين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تم ارتكابها في دارفور: الرئيس عمر البشير وأحمد هارون، وزير الدولة السابق للداخلية والوزير السابق للشؤون الإنسانية، وعلي كوشيب، زعيم - حسب المفترض - لميليشيا الجنجويد. كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر استدعاء للمثول أمام المحكمة لزعيم متمردين سوداني، هو بحر إدريس أبو جردة، في جرائم حرب مُرتكبة ضمن هجوم على قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في هاسكانيتا. تخضع حالياً للمراجعة طلبات استصدار مذكرات التوقيف أو الاستدعاء بالمثول بحق اثنين من زعماء المتمردين لم يتم الكشف عن اسميهما، ويُعتقد أنهما شاركا في هجوم هاسكانيتا.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد