Skip to main content

الرد إلى وزيرة التنمية الاجتماعية حول قانون الحمعيات

معالي الوزيرة هاله لطوف

وزيرة التنمية الاجتماعية

وزارة التنمية الاجتماعية

عمان

المملكة الأردنية الهاشمية

 

معالي الوزيرة هاله لطوف،

شكراً لكم على إرسالكم نسخة من رسالتكم إلى هيومن رايتس ووتش، وقد وصلت إلينا يوم السبت الموافق 6 يونيو/حزيران. وقد درست بحرص تعليقاتكم الواردة في الرد على مذكرتنا بتاريخ 12 مايو/أيار إلى السيد رئيس الوزراء نادر الذهبي بشأن قانون الجمعيات المقترح عام 2008، بتاريخ 12 مايو/أيار. ورسالتكم، التي يتبين منها السعي لتناول بعض بواعث القلق التي أثرناها في المذكرة وتبيان أنها في غير موضعها، لم تتناول عدة نقاط أخرى وردت في مذكرتنا. وقد اعتبرنا صمتكم إزاء هذه الموضوعات الأخرى علامة على اتفاقكم معنا على أن نواب البرلمان الذين يدرسون حالياً التعديلات على قانون الجمعيات لعام 2008 يجب في الحد الأدنى أن يأخذوا التغييرات الآتية بعين الاعتبار:

جعل شهر (تسجيل) الجمعية إجراء تلقائي بعد أن يفي مؤسسوها بالمعايير الرسمية لتأسيسها. وعلى الحكومة ألا تكون لديها سلطات اتخاذ قرار فيما يخص تسجيل الجمعيات. ومشروع القانون المذكور يقيد بشكل غير ضروري من الحق في تكوين الجمعيات.

أن يُدخل على القانون مطلب ألا يكون تحرك الحكومة ضد الجمعيات - في أعمال مثل رفض التسجيل أو التمويل الأجنبي - إلا بناء على أسباب محددة وضيقة. ودون المطلب القانوني الخاص بتحديد إجراءات الحكومة بحيث تقتصر على الحالات التي توجد فيها أسباب محددة وضيقة التعريف، فإنه من الصعب اعتبار الطعون القضائية في الإجراءات الحكومية بحق الجمعيات هي طعون ذات قيمة حقيقية. ويجب أن يقع على الحكومة وليس أي طرف آخر عبء تبرير إجراءاتها في الإطار القانوني المحدد والمعروف.

حماية حقوق الأطفال وغير الأردنيين المقيمين في الأردن في تشكيل الجمعيات دون التمييز بناء على السن أو الجنسية. ومشروع القانون الحالي يخالف التزامات الأردن بموجب اتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

رفع الاستبعاد المفروض على المُدانين السابقين أو من أدينوا في أعمال "تمس بالشرف أو الأمانة" ورفعهم عن قائمة الممنوعين من تكوين الجمعيات. فهذا الإجراء يتناقض بشكل صارخ مع الجهود الحالية المبذولة لإعادة تأهيل المُدانين الجنائيين الذين انتهوا بالفعل من محكومياتهم ويمس بشكل غير ضروري بحقوق هؤلاء الأشخاص في حرية تكوين الجمعيات.

إلغاء المطلب القانوني المفروض على الجمعيات بوجوب قبولها أي شخص يتقدم بطلب العضوية دون الوفاء بمعايير الجمعية الخاصة بالعضوية، ومنح الجمعيات حرية اختيار هيكلها التنظيمي. إذ أنه بفرض الاجتماع قسراً بأشخاص آخرين في بعض الحالات، فإن هذا الإجراء يخالف الحق في حرية تكوين الجمعيات، إذ ينطوي على خرق الحق في اختيار عدم الاجتماع بآخرين بناء على رغبة الشخص.

إلغاء المطلب الخاص بأن على الجمعيات أن تقدم للحكومة خطة سنوية بالأنشطة المعتزم القيام بها مقدماً. وعلى الحكومات الديمقراطية ألا تفرض مثل هذه الالتزامات على الجمعيات.

إلغاء الحُكم القانوني الذي يرفع السرية عن الحسابات البنكية للجمعية. إذ يجب ألا تخضع الجمعيات لآليات الإشراف المالي المختلفة عن تلك الآليات التي تخضع لها الشركات والهيئات الأخرى. ويجب أن يتبع التصدي لشكوك التزوير أو غيرها من الجرائم المالية اختصاص القضاء.

وأود أن أنتهز هذه الفرصة كي أرد أيضاً على تعليقات معاليكم في الرد الوارد على انتقاداتنا لمشروع القانون.

لقد أرتأيتم اعتراضنا على الحُكم الذي يحظر على المنظمات غير الحكومية السعي لـ "أهداف سياسية تدخل في إطار أعمال وأنشطة الأحزاب السياسية" هو اعتراض لا أساس له. وهذا الحُكم القانوني، حسب ما كتبتم، مصمم لدعم نمو الأحزاب والمنظمات غير الحكومية، بمنع الاختلاط بين الاثنين. وعلى النقيض، فإننا نعتقد بأن من أهم مقومات حرية تكوين الجمعيات في المجتمع الديمقراطي أن تكون أنشطة المنظمات غير الحكومية مفيدة للأحزاب السياسية وتصب في خدمتها، وأن توفر للأحزاب الخبرة المطلوبة. وعلى أية حال، فإن للمنظمات غير الحكومية كل الحق في الانخراط في السياسات العامة. وثمة أسلوب عملي أكثر للتصدي لبواعث القلق الخاصة بانخراط المنظمات غير الحكومية في السياسات الحزبية، وهو منع المنظمات غير الحكومية التي تنخرط في سياسات حزبية من بعض المزايا المالية التي تتمتع بها طالما هي تخدم المصلحة العامة، مثل الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية، أو استحقاقها للتمويل من صندوق المنظمات غير الحكومية الذي تديره الحكومة.

ثانياً، رأيتم أنه جانبنا الصواب في اعتبار مصطلح "النظام العام" مصطلحاً فضفاضاً واسعاً للغاية، وهو - هذا المصطلح - من الأمور التي يجب على المنظمات غير الحكومية ألا تخرقها في تعديلات القانون. أسمحوا لنا أن نعرب عن مخالفتكم الرأي في حجتكم بأن حظر أنشطة المنظمات غير الحكومية التي يرجح أن تزعزع "النظام العام" هو حظر مُتبع في دول أخرى كثيرة. ففي واقع الأمر، يجب ألا يؤخذ كعذر للأردن أن دول أخرى كثيرة فيها قوانين غير نموذجية. وبشأن ما ورد في تعليقكم من أن المصطلح "النظام العام" غير فضفاض أو مبهم، وراسخ التعريف في النظام القانوني والقضائي الأردني، فأسمحوا لنا أن نبقى على تشككنا، وأن ندعوكم إلى إرسال أمثلة إلينا على "النظام العام" المستخدم في النظام القانوني والقضائي الأردني. إننا نعتقد أن الحظر على الأنشطة التي تزعزع "النظام العام" يعني فرض قيود فضفاضة ومبهمة يمكن أن يستغلها مسؤولون حكوميون بشكل مسيء في حظر أنشطة مشروعة وقانونية للمنظمات غير الحكومية.

وفيما يخص النقطة الثالثة التي أثرتموها، من أن بعض الأنشطة الدينية محظورة على جميع المنظمات غير الحكومية، وليس على بعضها فقط، فإننا نرى أن هذا القول يتناقض بشكل مباشر مع منطوق التعديلات المقترحة. فالتعديلات تمنع على "الهيئات الدينية غير الإسلامية" فقط توفير الخدمات وتحظر، على سبيل المثال، أنشطة الترويج المشروعة المسموح بها حالياً للهيئات الإسلامية. كما أن الهيئات غير الإسلامية فقط هي المحظور عليها المس بالعقيدة الإسلامية، ومن ثم فهي عرضة للإشراف بموجب مشروع القانون المعدل. وعلى النقيض، وكما ورد في مذكرتنا، فإن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية مكلفة على وجه التحديد بـ "أنشطة دعوة" بموجب أنظمتها الداخلية. ويجب ألا يميز أي قانون بشكل مفتوح على أسس دينية في هذا الشأن، بغض النظر عن وجود قوانين سبق أن صدرت وتنطوي على مثل هذا التمييز، وبعض النظر عما إذا كانت الهيئات غير الإسلامية تعترض أو لا تعترض، حسب ما ذكرتم.

وعن نقطتكم الرابعة، من أن التعديلات المقترحة تمنح غير الأردنيين للمرة الأولى الحق في تأسيس المنظمات غير الحكومية، هو قول غير مؤثر إطلاقاً على حقيقة أن القانون الحالي يستمر في التمييز غير القانوني في المعاملة بناء على الجنسية، بغض النظر عن ورود تحسينات ضئيلة في التعديلات المقترحة أيا كانت. ولا ينص القانون على أسباب مقبولة لتعريض غير الأردنيين من مؤسسي المنظمات غير الحكومية لوجوب الموافقة من رئاسة الوزراء، وهو ما ينطوي على تمييز بحقهم.

نقطتكم الخامسة بشأن التسجيل التلقائي للمنظمات غير الحكومية في الحالات التي تخفق فيها الحكومة في الرد على طلب التسجيل في خلال فترة زمنية محددة، لا يتصدى لانتقادنا لقدرة الحكومة على رفض الطلب. فالتعديلات على حالها لا تخفف إطلاقاً من خطر رفض الحكومة طلب التسجيل بفرض معايير واضحة ورسمية، مما يصعب من الطعن في هذه القرارات في المحاكم. ويبدو أنكم لم تعرضوا أحد انتقاداتنا الأخرى على النحو الصحيح، إذ قلتم أن المسؤولين الحكوميين "لا يشترط حضورهم" اجتماعات المنظمات غير الحكومية. وبالفعل فهم ليسوا مُلزمين بذلك، لكن وجه اعتراضنا هو أن يُمنح المسؤولين الحق بموجب القانون في حضور اجتماعات معينة، وحقيقة أن المنظمات غير الحكومية لا يحق لها منعهم من بعض الاجتماعات. وعلى الحكومات الديمقراطية ألا تتدخل في اجتماعات المنظمات غير الحكومية دون دعوة من تلك المنظمات للحكومة بالحضور.

وعن نقطتكم السادسة، من أن الإعلان الإجباري بالتمويل الوارد للمنظمات غير الحكومية والإشراف المالي الحكومي عليها هو "من موجبات الأمن" لا يساعد في توضيح الأغراض المشروعة من مثل هذا المطلب القانوني. فإذا استخدمت المنظمات غير الحكومية التمويل الأجنبي في أغراض غير مشروعة، يمكن وقتها للممثلي الادعاء المبادرة بالتحرك القانوني ضد هذه المنظمات. وإذا لم يتم استخدام التمويل الأجنبي فيما يخرق القانون الأردني، فيجب إذن عدم حظر هذا التمويل. وإخضاع التمويل الأجنبي للموافقات الوزارية السرية (حسب ما كتبنا، وليس موافقة مجلس الوزراء، حسب ما تذكرون أننا كتبنا) هو أمر ينتقص من حرية المنظمات غير الحكومية دون أن يحسن من مستوى الالتزام القانوني.

وفي النقطة السابعة التي أثرتموها، تلصقون بنا انتقادات لم نثرها إطلاقاً، وفي الوقت نفسه تتجاهلون الانتقادات التي أثرناها. تقولون إن التعديلات المقترحة "لم تتعمد" إبعاد إدارة أية منظمة غير حكومية، وأن الإبعاد لن يُفعل إلا في ظروف واضحة المعايير. ونحن لا نتحدث عن وجود النية، بل نعترض على تمكين الحكومة بصفتها الفرع التنفيذي للحُكم من هذا الأمر، وليس القضاء، وأن يُتاح للحكومة ذلك دون إظهار الإثبات على وقوع السلوك غير القانوني.

وتشبه نقطتكم الأخيرة كثيراً النقطة السابقة عليها، بشأن إبعاد إدارة المنظمات غير الحكومية، إذ تقولون بأن سلطة الحكومة الخاصة بحل المنظمات غير الحكومية هي سلطة مقتصرة ولا تشمل حالات وقوع "المخالفات الصغيرة" حسب ما كتبنا. أسمحوا لنا بأن نختلف معكم في هذه النقطة، وأن نبين لكم مثالاً: إذا أخفقت منظمة غير حكومية مرتين في تسجيل محاضر اجتماعات جمعيتها العامة، رغم تحذير الحكومة إياها من عدم قيامها بهذا، يحق للحكومة بعدها أن تحل المنظمة. ونحن على ثقة من أنكم توافقونا على أن مثل هذه الإجراءات مُبالغ فيها.

أتوجه إلى معاليكم بالشكر على الوقت الذي أنفقتموه على تجهيز الرد على بواعث قلقنا. إلا أن التوضيحات والردود التي تفضلتم بتقديمها لم تتناول بواعث قلقنا، من أنه بموجب قانون الجمعيات لعام 2008 ومقترحات التعديل لعام 2009، فإن سلطات الفرع التنفيذي للحكومة على تأسيس وعمل وحل المنظمات غير الحكومية، تمس كثيراً وبشكل غير مقبول، الحق في حرية تكوين الجمعيات كما هو موضح في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه الأردن. وقد توصلت إلى هذا الاستنتاج هيومن رايتس ووتش وتحالفات من المنظمات غير الحكومية الأردنية، وكل منها توصلت إليه بشكل مستقل غير جماعي.

إننا ندعو السادة نواب البرلمان إلى أخذ التزامات الأردن بموجب المعاهدات الدولية على محمل الجد وأن يعملوا مع الحكومة على صياغة قانون جديد للجمعيات يلتزم تماماً بالحق في حرية تكوين الجمعيات.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة