قالت هيومن رايتس ووتش اليوم عشية اليوم العالمي للمهاجرين في 18 ديسمبر/كانون الأول 2008 إن على حكومات الشرق الأوسط أن تتحرك سريعاً أثناء عام 2009 لأجل الوفاء بالوعود التي قطعتها منذ فترة طويلة والخاصة بحماية حقوق النساء المهاجرات. وكانت عدة حكومات قد وعدت بإجراء إصلاحات موسعة رداً على الإساءات المتفشية والجسيمة، لكنها لم تنته بعد من إتمام وتنفيذ خططها الإصلاحية تلك.
والدول التي تقوم حالياً بصياغة ومناقشة إصلاحات بمجال العمل من شأنها أن تمد مظلة حماية أوسع لعاملات المنازل، تشمل الأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر.
وقالت نيشا فاريا، نائبة المدير التنفيذي لقسم المرأة في هيومن رايتس ووتش: "كل يوم تأخير يخلف عاملات المنازل المهاجرات عرضة للإساءات من قبيل عدم تلقي الأجور والحبس في مقر العمل والتعرض لإساءات بدنية وجنسية". وتابعت قائلة: "ومن المُشجع أن الحكومات بدأت تنظر أخيراً في إجراء إصلاحات جدية، لكن عروض الإصلاح لا تعني شيئاً إلى أن يتم فرض تدابير حماية جديدة مع تنفيذها".
وتعمل الملايين من عاملات المنازل في الشرق الأوسط، وهُن بالأساس من أندونيسيا وسريلانكا والفلبين وأثيوبيا. ووثقت أبحاث هيومن رايتس ووتش كيف أن استبعاد عاملات المنازل من مظلة حماية قوانين العمل وسياسات الكفالة التقييدية الخاصة بالهجرة، تمنح أصحاب العمل سلطة هائلة تمكنهم من استغلال النساء المهاجرات دون خشية من عقاب (https://www.hrw.org/en/category/topic/migrant-workers/women-girls).
وتشمل الإساءات بحق عاملات المنازل العمل لمدة 18 ساعة يومياً دون أيام راحة أسبوعية، واقتصار إقامتهن في مقر العمل، والحرمان من الطعام، وعدم تلقي الأجور لشهور أو سنوات، والإساءات البدنية والجنسية، وفي بعض الحالات العمل جبراً والإتجار في العاملات. وتواجه عاملات المنازل المهاجرات عدة عقبات تحول دون حصولهن على الانتصاف من النظم القضائية في الدول المضيفة، ونادراً ما يتعرض الجناة للعقاب.
وقد تبنت الأردن، وهي دولة تضيف زهاء 70 ألف عاملة منازل مهاجرة، تعديلات في يوليو/تموز 2008 من شأنها ضم عاملات المنازل إلى قانون العمل الأردني. إلا أن قبل نفاذ هذا التعديل ينبغي على الحكومة أن تقوم بإعداد آلية موازية تضع تدابير حماية مُحددة واجبة التطبيق. وتقارير المعاملة السيئة في الأردن كثيرة لدرجة أنه في يناير/كانون الثاني 2008 منعت الفلبين الرعايا الفلبينيات من السعي للعمل في الأردن كعاملات منازل.
وقالت نيشا فاريا: "إن قرار الأردن بتعديل قانون العقوبات من أجل حماية عاملات المنازل هو خطوة رائدة يجب أن تحاكيها الدول الأخرى في المنطقة والعالم". وأضافت: "إلا أن الاختبار الحقيقي هو ما إذا كانت هذه الأحكام ستفرض حماية شاملة وما إذا كانت ستُطبق على نحو فعّال".
وتعمل في المملكة العربية السعودية زهاء 1.5 مليون عاملة منازل مهاجرة. وفي يوليو/تموز 2008 أكد وزير العمل السعودي، د. غازي القصيبي على اعتزام الحكومة إصلاح نظام الكفالة في البلاد بحيث تصبح تأشيرات العمال مرتبطة بثلاث أو أربع شركات توظيف كبرى بدلاً من أصحاب العمل الأفراد. وهذا العرض، وفيما يُعتبر أفضل من النظام الحالي، فهو يعرض المهاجرين لأوجه فساد واستغلال مُحتملة من قبل شركات التوظيف الكبرى هذه. كما قامت المملكة العربية السعودية بصياغة ملحق لنظام العمل السعودي في عام 2005 يغطي عاملات المنازل، لكنها لم تقم بإصداره بعد.
وقالت نيشا فاريا: "في المملكة العربية السعودية، تُجبر بعض عاملات المنازل على العمل لسنوات ضد رغباتهن لأن نظام الكفالة يطالبهن بالحصول على إذن أصحاب العمل قبل مغادرة البلاد". وأضافت: "وتقر الحكومة بالاحتياج إلى الإصلاح، لكنها وحتى الآن فشلت على طول الخط في التحرك العملي على مسار الإصلاح".
كما أوقف لبنان من النظر في إصلاحات العمل والهجرة. ولبنان يضيف زهاء 200 ألف عاملة منازل، وانتهت هيومن رايتس ووتش في الآونة الأخيرة إلى أن أكثر من عاملة منازل تموت كل أسبوع تقريباً في لبنان، إما مُنتحرة أو أثناء محاولات الفرار الفاشلة (https://www.hrw.org/en/news/2008/08/24/lebanon-migrant-domestic-workers-dying-every-week).
وقام لبنان بإنشاء لجنة في فبراير/شباط 2006 من أجل تحسين تدابير الحماية المكفولة لعاملات المنازل، وتم تكليف اللجنة بصياغة نموذج لعقد توظيف وتعديل قانون العمل. ولم يتم الانتهاء من أي من المهمتين إلى الآن.
وقالت نيشا فاريا: "تأخر لبنان كثيراً عن كل الدول الأخرى في المنطقة فيما يتعلق بحماية حقوق عاملات المنازل". وتابعت: "وفيما تناقش دول أخرى إجراء إصلاحات قانونية ملموسة، فإن لبنان لم يتمكن حتى من اتخاذ الخطوة الأولى تجاه صياغة عقد عمل عادل".
ودعت هيومن رايتس ووتش كل الحكومات إلى التصديق على اتفاقية العمال المهاجرين للأمم المتحدة، والتي تضمن حقوق الإنسان للعمال المهاجرين، وتعد بمنح الدول لتدابير حماية ضد الإساءة إلى الموظفين والعمال والمسؤولين العموميين. كما قالت هيومن رايتس ووتش إن الدول الراسلة للعمالة عليها أن تفعل المزيد من أجل توفير خيارات للتوظيف لا تضطر معها النساء للهجرة، وأن تراقب عملية الاستقدام للعمل مراقبة مُشددة لضمان عدم خداع المهاجرات أو الإتجار فيهنّ من أجل جلبهن إلى أوضاع العمل القسري.