(لندن، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2008) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أن يستغل زيارته إلى سوريا لإثارة موضوع حقوق الإنسان. ويجب على ميليباند على الأخص أن يدعو الحكومة السورية إلى إخلاء سبيل النشطاء المحتجزين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات. كما وينبغي عليه أن يدعو السلطات السورية إلى الكشف علناً عن كل المعلومات المُتوفرة عن أحداث القمع العنيفة لتمرد سجن صيدنايا في يوليو/تموز 2008.
وسيكون ميليباند أول مسؤول بريطاني رفيع المستوى يزور دمشق منذ عقد رئيس الوزارء السابق توني بلير محادثات مع الرئيس بشار الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 2001. وقال ميليباند في مؤتمر صحفي يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني إنه قام بقبول الدعوة بعد ما أسماه "حدوث تغير هام في منهج الحكومة السورية، بالأخص القرار التاريخي بتبادل السفراء مع لبنان". كما قال إنه سيستمر بالضغط على سوريا من أجل التعاون بمجال مكافحة الإرهاب، وقضايا لبنان والعراق وجهود السلام في الشرق الأوسط.
وقال توم بورتيوس، مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في لندن: "ربما شرعت سوريا بتغيير منهجها في المنطقة، لكنها ما زالت لم تغير من منهجها في معاملة مواطنيها". وتابع قائلاً: "على ميليباند أن يُصر على أن تُحسن سوريا سجلها في مجال حقوق الإنسان كشرط لعلاقات أفضل مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي".
وما زالت سوريا ترزح تحت حُكم قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1963، وتأتي زيارة ميليباند في فترة تزايد فيها القمع. ففي 29 أكتوبر/تشرين الأول حكمت محكمة جنايات دمشق على اثني عشر قيادي مدافع عن الديمقراطية بالحبس 30 شهراً بناء على اتهامات بـ "إضعاف الشعور الوطني" و"نشر أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها وهن نفسية الأمة"
.
وقامت السلطات باعتقال النشطاء، ومن بينهم عضو البرلمان السابق رياض سيف، بعد مشاركتهم في اجتماع في ديسمبر/كانون الأول 2007 للمجلس الوطني لإعلان دمشق للتغير الديمقراطي، الإئتلاف المكون من جماعات معارضة وجماعات مناصرة للديمقراطية.
ويقضي ناشطان بارزان آخران، هما ميشيل كيلو ومحمود عيسى، أحكاماً بالسجن جراء المطالبة في مايو/أيار 2006 بتحسين العلاقات اللبنانية السورية، وهي إحدى النقاط الأساسية التي عدها ميليباند مثالاً على التقدم الذي أحرزته سوريا.
وفي عدة خُطب ألقاها ميليباند مؤخراً، ركز على دعم بريطانيا لحقوق الإنسان وقال إن على بريطانيا أن تساند ما دعاه بـ "التحركات المدنية" التي تدفع للمطالبة بالمزيد من الحريات والديمقراطية في الدول الشمولية. إلا أنه في المؤتمر الصحفي المُنعقد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، لم يذكر ميليباند أيّ من المعتقلين السوريين ممن سعوا لمزيد من الحريات والديمقراطية. وقال بدلاً من ذلك أن المحادثات ستُركز على السياسة الإقليمية ومكافحة الإرهاب.
وقال توم بورتيوس: "إن ميشيل كيلو ومحمود عيسى في السجن جراء المطالبة بنفس الشيء الذي يقول ميليباند إن سوريا تدعمه". وأضاف: "ينبغي على وزير الخارجية أن يلتزم بأقواله وأن يقف مع "التحرك المدني" في سوريا".
وتستمر الأجهزة الأمنية السورية في تبني أسلوب الإخفاء القسري، باحتجاز الأشخاص تعسفاً ورفضها في أحيان كثيرة الكشف عن أماكنهم طيلة أسابيع.
وما زالت السلطات السورية تقيد حرية التعبير، ولا توجد في سوريا صحافة مستقلة. وقد مدت الحكومة أذرعها إلى المنافذ الإعلامية على الإنترنت وفرضت عليها القيود التي تفرضها على الإعلام المطبوع والمتلفز، وقامت باحتجاز ومحاكمة عدد من الصحفيين والنشطاء جراء نشر معلومات على الإنترنت.
ويواجه كريم عربجي، 29 عاماً، مدير منتدى أخوية الإلكتروني، وهو منتدى شبابي شهير في سوريا www.akhawia.net يغطي موضوعات إجتماعية وسياسية، محاكمة بمحكمة أمن الدولة، بتهمة "نشر أنباء كاذبة من شأنها إضعاف الشعور الوطني". وتحجب الحكومة السورية مواقع إلكترونية معروفة مثل www.facebook.com و www.youtube.com .
وتنعكس سيطرة السلطات على المعلومات في سوريا في التعتيم الكامل على أية معلومات تخص أحداث الشغب التي وقعت في سجن صيدنايا يوليو/تموز الماضي. ففي صباح يوم 5 يوليو/تموز، فتحت الشرطة العسكرية السورية النيران على نزلاء سجن يديره الجيش في محاولة لتهدئة أحداث شغب وقعت إثر عملية تفتيش عدوانية على السجن.
وبعد أربعة أشهر من الواقعة، لا تزال أية معلومات عن كيفية انتهاء تمرد السجناء غير متاحة، أو عدد وأسماء القتلى والمصابين. وحصلت هيومن رايتس ووتش على أسماء تسعة نزلاء يُعتقد أنهم لقوا حتفهم. وأفادت منظمات حقوق الإنسان السورية أن عدد القتلى قد يبلغ 25 شخصاً. ولم تتمكن أسر النزلاء من الحصول على أية معلومات عن أقاربهم السجناء.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على وزير الخارجية البريطاني أن يدعو نظيره السوري إلى الأمر بفتح تحقيقات مستقلة في استخدام الشرطة للقوة المميتة في السجن، والكشف علناً عن كل المعلومات المتوفرة عن أحداث الشغب، بما في ذلك أسماء القتلى والمصابين.