Skip to main content

ليبيا: ينبغي إخلاء سبيل السجين السياسي الخاضع للرعاية الطبية

حصول فتحي الجهمي المُصاب بمشكلة طبية جسيمة على الرعاية الطبية رهن احتجاز الدولة

قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في بيان مشترك اليوم إنه ينبغي على الحكومة الليبية أن تقوم ودون شروط بإخلاء سبيل السجين السياسي المريض فتحي الجهمي، الذي ما زال رهن احتجاز الحكومة رغم أن بعض التقارير الإعلامية الحديثة أفادت خروجه.

وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إن صحة الجهمي بدأت تتحسن بعد حصوله على رعاية طبية أفضل أثناء الشهور الأخيرة في مستشفى حكومي في العاصمة طرابلس، لكن حالته الصحية أسوأ كثيراً من حالها حين تم اعتقاله منذ أربعة أعوام. وكان قد تم احتجازه في مارس/آذار 2004 إثر مطالبته بحرية الصحافة والانتخابات الحرة في ليبيا.

Fathi 2005
Fathi 2008
Top: فتحي الجهمي في 10 مايو/ أيار 2005.
Bottom:فتحي الجهمي في 13 مارس/ آذار 2008.
© فريد آبراهامز/ هيومن رايتس ووتش

وكان ممثلون عن هيومن رايتس ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان قد زاروا الجهمي، البالغ من العمر 66 عاماً، في المستشفى أواسط مارس/آذار وتحدثوا إليه على انفراد، وكذلك إلى أسرته وطبيبه، وظل عناصر أمن الدولة خارج الحجرة. ويسرت مؤسسة القذافي – التي يديرها سيف الإسلام القذافي ابن معمر القذافي – من إجراء الزيارة.

وقال فريد آبراهامز، الباحث في هيومن رايتس ووتش الذي قابل الجهمي في طرابلس: "يسرنا تحسن صحة الجهمي، لكننا نبدي أسفنا لأنه لم يتم إخلاء سبيله بعد". وتابع قائلاً: "ويجب أن يتسنى له مغادرة المستشفى وأن يسعى لتلقي الرعاية الطبية التي يختارها، سواء في ليبيا أو في دولة أخرى".

وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إنه على الرغم من تحسن حالته في الآونة الأخيرة، فإن صحة الجهمي تدهورت كثيراً إثر اعتقاله في مارس/آذار 2004.

وقال د. سكوت آلين الاستشاري بمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان ومنسق مركز صحة السجناء وحقوق الإنسان التابع لجامعة براون: "ليس ثمة شك في أن إهمال الرعاية بالجهمي أسهم في التدهور الجسيم في حالته الصحية في بداية احتجازه". وأضاف: "فعلى الرغم من تحسن حالته الصحية في الأشهر القليلة الماضية، فهو ما زال في حالة طبية متدهورة للغاية. لكن حالته مستقرة ويمكن علاجه دون الحاجة لإقامته في المستشفى".

وحتى 28 مارس/آذار، كان الجهمي ما زال في مركز طرابلس الطبي وعناصر الأمن يفرضون الرقابة على الزيارات التي تصله. وبدأ علاج فتحي الجهمي في المستشفى تحت الحراسة جرّاء حُكم محكمة في مايو/أيار 2006 خلص إلى أنه في حالة عقلية غير ملائمة للمحاكمة وأمرت باحتجازه في مستشفى نفسي. ولم تعلن السلطات عن القرار على الملأ أو هي أخطرت الأسرة به. وطلبت هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان نسخة من حُكم المحكمة لكن لم تحصل عليها بعد، ولم تحصل أيضاً على السجلات الطبية الكاملة للجهمي.

وأثناء فترة العام – أو نحوها – التي أمضاها الجهمي في المستشفى النفسي، تدهورت حالته الصحية كثيراً؛ مما استدعى نقله إلى مركز طرابلس الطبي في يوليو/تموز 2007. وقال الجهمي لـ هيومن رايتس ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان إن أثناء احتجازه في المستشفى النفسي منعته السلطات من الحصول على العقاقير الطبية التي يحتاجها ومن مقابلة طبيب، وكذلك من الزيارات العائلية.

وحسب ما قالت الأسرة، فلم تكن لديهم أية معلومات عن مكان تواجد الجهمي أثناء تلك الفترة.

وفي 13 مارس/آذار 2008 أجرى د. سكوت آلين فحصاً طبياً شاملاً على الجهمي، على انفراد، في حجرته بمركز طرابلس الطبي. وراجع سجلات الجهمي الطبية وخلص إلى أن صحته تحسنت في الشهور الأخيرة، وهذا بعد تدخل مؤسسة القذافي على ما يبدو. وكانت صحة الجهمي قد تدهورت كثيراً، والواضح أن هذا بسبب المعاملة غير الملائمة والحرمان من العقاقير الطبية.

وكان هذا الفحص الطبي متابعة لفحص تم في فبراير/شباط 2005 (http://physiciansforhumanrights.org/library/documents/reports/medical-assessment-of-fathi-el-jahmi.pdf) وأجراه طبيب من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية للصحة ومنظمات حقوق الإنسان. وفي ذلك الحين تلقى الطبيب تأكيدات بأن الجهمي سوف يتلقى العقاقير الطبية والرعاية الصحية المنشودة. وتلقت هيومن رايتس ووتش التأكيدات نفسها أثناء زيارة للجهمي في مايو/أيار 2005.

والجهمي مُصاب بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، ومرض في القلب، حسب ما قال د. سكوت آلين. وطبقاً لأطباء الجهمي، فقد أصيب بأزمة قلبية حادة لدى نقله من المستشفى النفسي إلى مركز طرابلس الطبي في يوليو/تموز 2007. ولدى دخوله مركز طرابلس الطبي أظهر رسم للقلب أُجري عليه اعتلالاً جسيماً في عضلة القلب.

وقالت هيومن رايتس ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان إنه على الرغم من التحسن في الفترة اللاحقة، فثمة مشكلات طبية خطيرة وتسترعي العلاج السريع ما زالت قائمة.

وقال د. سكوت آلين: "الجهمي في احتياج عاجل إلى إجراء فحص بالقسطرة القلبية لتقييم مدى خطورة مرض القلب لديه". وأضاف: "وبينما يبدو أن مركز طرابلس الطبي مُجهز جيداً لإجراء هذا الفحص، فثمة شك في مصداقية النتائج نتيجة لأجواء رقابة الدولة وتحكمها على مجريات العمل".

وقالت هيومن رايتس ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان إنهم غادروا ليبيا ولديهم انطباع قوي بأن الجهمي وأسرته ليسوا أحراراً في اتخاذ القرارات المستقلة بشأن الرعاية الطبية به جراء ضغوط حقيقية أو مُتصورة تمارسها الحكومة عليهم. والضغوط الحقيقية أو المُتصورة تعرقل من الرعاية الملائمة للجهمي وتخالف مبدأ الموافقة المستنيرة.

ولم يجد د. سكوت آلين دليلاً على اضطرابات في الحالة المزاجية أو الذهنية في الجهمي على الرغم من أن الجهمي خاضع للتحفظ بناء على أسباب نفسية. ولم يكن يتعاطى أي عقاقير للعلاج النفسي أثناء تقييم حالته، وليس من الواضح إن كان قد تلقى أي علاج لاضطرابات نفسية في الماضي.

وقال د. سكوت آلين: "يثير هذا التساؤل حول إمكانية وقوع إساءة استخدام المشتغلين بالطب من أجل التحفظ على مريض بدعوى العلاج الطبي، وهذا انتهاك لأخلاقيات مهنة الطب ولمبادئ حقوق الإنسان".

كما تثير الأوجه القانونية لاحتجاز الجهمي بواعث القلق العميق، حسب قول هيومن رايتس ووتش وأطباء من أجل حقوق الإنسان. إذ تم احتجازه للمرة الثانية في مارس/آذار 2004 جراء انتقاد النظام السياسي الليبي وزعيمه، وقبل هذا قام الأمن الداخلي باحتجاز الجهمي وزوجته وابنه الأكبر، بزعم حمايتهم.

وبدأت المحاكمة الثانية في أواخر عام 2005 باتهام الجهمي – على ما يبدو – بمحاولة قلب نظام الحكم، وإهانة الزعيم الليبي معمر القذافي والاتصال بسلطات أجنبية. والتهمة الثالثة، حسب قول الجهمي، هي جراء محادثات أجراها مع دبلوماسي أميركي في طرابلس. وتم توكيل محامي من تعيين المحكمة للجهمي، لكنه رفضه.

وقال فريد آبراهامز: "لم يستخدم فتحي الجهمي العنف قط أو دعى إلى استخدامه". وأضاف: "ما كان يجب اعتقاله في المقام الأول. لقد عانى من الاحتجاز مدة أربع سنوات وتدهورت صحته لمجرد التحدث عن حرية الصحافة والانتخابات الحرة والإصلاح الديمقراطي السلمي".

خلفية

اعتقلت قوات الأمن الداخلي الجهمي – مهندس وحاكم محلي سابق – للمرة الأولى في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2002، إثر انتقاده للحكومة والزعيم الليبي معمر القذافي ومطالبته بإبطال العمل بالكتاب الأخضر للقذافي وبالانتخابات الحرة في ليبيا وبحرية الصحافة وبإخلاء سبيل السجناء السياسيين. وحكمت إحدى المحاكم عليه بالسجن خمسة أعوام.

وفي الأول من مارس/آذار 2004 قابل السيناتور الأميركي جوزيف بيدن القذافي في طرابلس وطلب الإفراج عن الجهمي. وبعد تسعة أيام أنزلت محكمة استئناف على الجهمي حُكماً بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وأمرت بالإفراج عنه في 12 مارس/آذار.

وفي اليوم نفسه أجرى الجهمي مقابلة مع قناة الحرة ذات التمويل الأميركي، وفي المقابلة كرر دعوته بالتحول الديمقراطي في ليبيا. وأجرى مقابلة أخرى على نفس القناة بعد أربعة أيام، ونعت فيها القذافي بالديكتاتور وقال: "كل ما تبقى له أن يفعله هو أن يعطينا سجادة صلاة ويأمرنا بأن نركع أمام صورته ونعبده".

وبعد أسبوعين، في 26 مارس/آذار 2004 اعتقلت عناصر الأمن الجهمي للمرة الثانية، ومعه زوجته وابنهما الأكبر. واحتجزهم الأمن الداخلي في موقع غير مُعلن لستة أشهر، دون زيارات من الأقارب أو مقابلة محامين. ثم أفرجت السلطات عن ابن الجهمي الأكبر في 23 سبتمبر/أيلول 2004، لكن زوجته رفضت المغادرة حتى 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

وقد احتجز الأمن الداخلي الجهمي في منشآة خاصة على الساحل بالقرب من طرابلس. وقال رئيس الأمن الداخلي لـ هيومن رايتس ووتش في عام 2005 إن الجهمي محتجز هناك لحمايته ولأنه "مضطرب عقلياً".

وقال الضابط تهامي خالد: "أنا مسؤول عن رعايته الصحية واحتجازه، وأريد أن أقول: إذا لم يكن هذا الرجل محتجزاً، كان ليستفز الناس وكانوا ليهاجمونه في بيته". وأضاف: "ولهذا فهو يواجه المحاكمة... إنه رهن الاحتجاز الخاص لأنه مضطرب عقلياً ونحن قلقون من أنه قد يتسبب لنا في مشكلة".

وزار أطباء من أجل حقوق الإنسان الجهمي في فبراير/شباط 2005، وخلصوا إلى أنه مصاب بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم والقلب. وطالبت المنظمة بإخلاء سبيل الجهمي دون شروط وبأن يحصل على الرعاية الطبية (http://physiciansforhumanrights.org/library/news-2005-03-24-libya.htm).

وزارت هيومن رايتس ووتش الجهمي في مايو/أيار 2005 في مركز الاحتجاز الخاص في طرابلس. وقال في ذلك الحين إنه يواجه اتهامات ثلاثة بموجب المادة 166 و167 من القانون الجنائي، وهي محاولة قلب نظام الحكم، وإهانة القذافي، والاتصال بسلطات أجنبية. والاتهام الثالث، حسب قوله، ناتج عن محادثات أجراها مع دبلوماسي أميركي في طرابلس.

والمادة 166 من القانون الجنائي الليبي تنص على عقوبة الإعدام لأي شخص يتحدث إلى مسؤول أجنبي أو يتآمر معه من أجل التحريض على هجوم على ليبيا أو الإسهام فيه. والمادة 167 نصت على السجن مدى الحياة لمن يتآمر مع مسؤول أجنبي من أجل الإضرار بموقف ليبيا العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي.

والاستمرار في احتجاز الجهمي ينتهك كلاً من القانونين الليبي والدولي. وإساءة الاستخدام الظاهرة للتشخيص النفسي والطبي لتبرير استمرار احتجازه ما زالت من بواعث القلق ذات الأهمية الخاصة في هذه القضية.

والمادة 31 من الإعلان الدستوري الليبي لعام 1969 تنص على يجب ألا يلحق بالأشخاص المحتجزين أي ضرر عقلي أو بدني. والمادة 2 من الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان تحظر أي عقاب من شأنه أن ينتهك كرامة وسلامة أي إنسان. ولكل من الإعلان والوثيقة ثِقل الدستور.

وليبيا دولة طرف في كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. ولهذا فإن على ليبيا عدة التزامات قانونية بضمان ألا يتعرض أحد فيها للاحتجاز التعسفي أو الحرمان من حقوق إجراءات التقاضي السليمة الأساسية. ويجب ألا يتعرض الأشخاص المحتجزين للمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، بل أن يُعاملوا "بالاحترام اللصيق بالكرامة الإنسانية" وتشمل إمكانية الحصول على الرعاية الصحية والعلاج الطبي الضروريين.

وكما جاء في مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، تتحمل الدولة مسؤولية الخاضعين للاحتجاز لديها، بما في ذلك "يجب توفير الرعاية الطبية والعلاج الطبي كلما نشأت الحاجة".

للاطلاع على صور فوتوغرافية لفتحي الجهمي من عام 2005 حتى 2008، يُرجى الاتصال بإيلا موران في نيوروك، على: morane@hrw.org

للاطلاع على تقرير د. سكوت آلين الطبي عن فتحي الجهمي، يُرجى زيارة:
http://physiciansforhumanrights.org/library/documents/reports/2008-fathi-al-jahmi-evaluation.pdf

لمزيد من المعلومات عن أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/doc/?t=arabic_mena&c=libya

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.