قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن تهديد إسرائيل بفرض عقوبات إضافية على قطاع غزة يعتبر عقاباً جماعياً غير قانوني لسكان غزة المدنيين. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد اقترحت مزيداً من التقليل في إمداد الوقود والكهرباء لقطاع غزة وزيادة تقييدها لحركة البضائع والناس في المنطقة وخارجها.
وفي يوم الأربعاء قررت الوزارة الأمنية الإسرائيلية بالإجماع فرض "عقوبات إضافية... على نظام حماس الحاكم من أجل تقييد مرور مختلف البضائع إلى قطاع غزة وتقليل إمداد الوقود والكهرباء". وجاء في تصريح الحكومة أن هذا بمثابة رد على استمرار الهجمات الصاروخية على بلدة سديروت الإسرائيلية وغيرها من التجمعات السكنية، من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إن "الهدف هو إضعاف حماس".
وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تنتهك الجماعات الفلسطينية المسلحة بشكل واضح قوانين الحرب بإطلاقها الصواريخ متعمدة أو عشوائياً على المدنيين الإسرائيليين"، وتابعت قائلة: "وتقع على إسرائيل مسؤولية حماية مدنييها، لكن ليس بواسطة العقاب الجماعي لسكان غزة، ففي هذا انتهاك خطير لقوانين الحرب".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قطع الوقود والكهرباء ينتهك واجب إسرائيل باعتبارها قوة محتلة بصيانة صحة ورفاهية السكان تحت الاحتلال، كما يُعمِّق هذا من الأزمة الإنسانية القائمة.
وتظل إسرائيل قوة محتلة في قطاع غزة وإن كانت قد سحبت قواتها العسكرية ومستوطناتها المدنية غير القانونية في سبتمبر/أيلول 2005؛ لأنها مستمرة في ممارسة سيطرة يومية قائمة على غالبية أشكال الحياة في غزة. وتتحكم إسرائيل بالكامل في المجال الجوي والبحري والحدود البرية لغزة. ومنذ الانسحاب في سبتمبر/أيلول 2005 قللت إسرائيل بشكل حاد من حركة البضائع والناس إلى غزة وحولها. ومنذ يونيو/حزيران 2007، مع تولي حماس السلطة داخل قطاع غزة إثر النزاع مع فتح، لم تسمح إسرائيل بخروج الصادرات وحدت من الواردات بحيث اقتصرت على إمدادات إغاثة إنسانية معينة؛ مما أدى إلى تجميد اقتصاد غزة.
وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، فإن على القوة المحتلة وبأقصى ما تسمح به وسائلها، تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية. وفي المجتمعات المعاصرة تعتبر الطاقة والوقود مرتبطان ارتباطاً بالغاً بالقدرة على الحصول على الطعام والرعاية الصحية، ومنعها يؤدي بلا شك إلى تداعيات خطيرة على صحة ورفاهية السكان المدنيين.
وقال مسؤولون إسرائيليون يوم الأربعاء إن العقوبات ستأخذ في اعتبارها "كل من الأبعاد الإنسانية الخاصة بقطاع غزة والنية بتفادي إحداث أزمة إنسانية" وسوف يتم تنفيذها "بعد فحص السلطات الإسرائيلية للتبعات القانونية والإنسانية وليس قبل هذا".
وقالت سارة ليا ويتسن: "كنتيجة لسياسات الإغلاق الإسرائيلية القائمة بالفعل، فإن غزة غارقة منذ فترة طويلة في أزمة إنسانية". وأضافت: "ويعتبر من الخيال أن أي مراجعة قانونية صادقة للقيود الإضافية المقترحة ستسمح بتمرير هذه القيود وفرضها".
والعقاب الجماعي محظور بوضوح بموجب القانون الإنساني الدولي. فطبقاً لهذا المبدأ، لا يمكن معاقبة الأشخاص جراء جرائم لم يرتكبونها شخصياً. وفي تعليقها الآمر على المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، أوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحظر على العقاب الجماعي لا يقتصر على العقوبات الجزائية، "بل على أية عقوبات من أي نوع يتم فرضها على الأشخاص أو جماعات كاملة من الأشخاص وتتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، وهذا جراء أفعال لم يرتكبها هؤلاء الأشخاص".