قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على وزارة الداخلية المصرية أن تحقق فوراً في حادثة تعذيب واغتصاب أحد أنصار الديمقراطية؛ الناشط محمد الشرقاوي الذي يحرر مدوّنة على الإنترنت، أثناء احتجازه لدى الشرطة في العام الماضي. كما يتعين على السلطات حمايته مما تمارسه الشرطة بحقه من تخويف.
وعلى الرغم من الطلبات المتكررة التي قدمها الشرقاوي ومحاموه منذ تعذيبه قبل سنةٍ تقريباً، لم تتخذ السلطات بعد أي إجراء ظاهر لتقديم المسئولين إلى العدالة. وقال الشرقاوي لـ هيومن رايتس ووتش، وهو الذي يشارك في حملات مناهضة التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان عبر التظاهرات والمقابلات مع وسائل الإعلام وعبر مدونته الخاصة، إن رجل شرطة كان حاضراً أثناء الإساءة إليه عند الاحتجاز "كان دائماً ينتظرني أسفل البناء الذي أقيم فيه"، وإن هذا الشرطي مجهول الهوية قرع بابه ليسأله إن كان موجوداً في المنزل وإذا ما كان يعيش فيه وحيداً. وفي السابعة من مساء 10 مارس/آذار، عاد الشرقاوي إلى بيته فاكتشف سرقة حاسبه المحمول الذي يقول إنه يحوي تسجيل فيديو غير منشور لإساءات الشرطة. ولم يُسرق شيءٌ آخر من الشقة رغم وجود مبالغ نقدية وأشياء قيّمة فيها. وأفاد الشرقاوي بأنه لم يعد ينام في بيته.
وفى 10 مارس/آذار، أرسلت دائرة تحقيق أمن الدولة في وزارة الداخلية تقريرا إلى الادعاء العام، قامت فيه بتسمية الشرقاوي و16 آخرين من المدونين والصحفيين والناشطين باعتبارهم مسؤولين عن "نشر أخبار كاذبة" من شأنها تشويه سمعة مصر في الخارج بالإضافة إلى قيامهم بتنظيم مظاهرات. ومن ضمن الذين شملهم التقرير مدونين مثل وائل عباس (http://misrdigital.blogspirit.com) و علاء سيف الإسلام (http://manalaa.net) واللذان لعبا دورا مركزيا في الحملة ضد ممارسة التعذيب من قبل الشرطة عبر مدوناتهما. كما وسمى التقرير الصحافية عبير العسكري التي تعمل لدى جريدة الدستور الأسبوعية والتي اعتدت عليها الشرطة في مظاهرة في 11 مايو/أيار إلى جانب ناشطين قياديين من حركة كفاية. وفي 15 مارس/آذار قامت الشرطة بتفريق تظاهرة لحركة كفاية ضد التعديلات المقترحة على الدستور المصري واعتقلت على أثرها 21 من المتظاهرين.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "رغم مضي قرابة سنة كاملة على تعذيب الشرقاوي واغتصابه في قسم الشرطة، فإن السلطات لم تتخذ أية إجراءات ظاهرة لمحاسبة المسئولين عن الجريمة". وتابعت تقول: "وعلى الحكومة المصرية أن تفعل كل ما تستطيع لمقاضاة رجال الشرطة الذين عذبوا هذا الناشط الشاب، لا أن تسمح لهم بمضايقته وتخويفه".
وكانت قوات الأمن اعتقلت الشرقاوي للمرة الأولى يوم 24 أبريل/نيسان 2006 أثناء تظاهرةٍ جرت في القاهرة تأييداً لاستقلال القضاء، ثم أطلقت سراحه في 23 مايو/أيار. لكن عناصر مباحث أمن الدولة بوزارة الداخلية اعتقلوه ثانيةً في 25 مايو/أيار أثناء انصرافه من مظاهرةٍ سلمية جرت بوسط القاهرة. وكانت تلك المظاهرة تجري إحياء للذكرى السنوية الأولى للهجوم العنيف الذي شنته الشرطة وأنصار الحزب الحاكم على الصحفيين والمتظاهرين الداعين إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور.
وقال الشرقاوي لـ هيومن رايتس ووتش إن من قبضوا عليه قاموا بضربه عدة ساعات في قسم شرطة قصر النيل، ثم اغتصبوه باستخدام أنبوب من الورق المقوى، وذلك قبل نقله إلى مقر نيابة أمن الدولة في مصر الجديدة. وعندما زاره محاموه بمقر النيابة في ساعةٍ متأخرة من ليل 25 مايو/أيار، طلبوا فوراً إجراء فحص طبي شرعي له ومعالجته من الإصابات التي وصفها أحد المحامين بأنها أسوأ ما شاهده من إساءات الشرطة خلال 12 عاماً. فرفضت النيابة هذا الطلب، لكنها سجلت إصابات الشرقاوي. ولم يعاين حالة الشرقاوي أحدٌ إلا طبيب السجن، وذلك بعد أربعة أيام. ولم يطّلع المحامون على أي تقرير عن تلك الإصابات، سواءٌ كان تقرير النيابة أو الطبيب. وقد أنكرت وزارة الداخلية تعرضه للتعذيب.
ويقول محامو الشرقاوي إنهم قدموا إلى النائب العام محمد فيصل ثلاثة طلبات خطية للتحقيق في مزاعم الشرقاوي بتعرضه للتعذيب. وقال لنا الشرقاوي إنه أخبر النيابة أكثر من مرة عن تعرضه للتعذيب أثناء احتجازه.
وبعد ذلك، وجهت السلطات إلى الشرقاوي تهم "إطلاق شعارات ضد النظام من شأنها الإخلال بالنظام العام والسلم الاجتماعي"، و"إهانة الرئيس"، و"إهانة رجال الشرطة أثناء أدائهم مهامهم"، و"الدعوة إلى تجمعٍ غير مرخص"، و"تعطيل السير"، واحتجزته في سجن طرّة إلى أن أمرت النيابة بالإفراج عنه يوم 18 يوليو/تموز. ومازالت قضيته أمام القضاء.
وقالت سارة ليا ويتسن: "أظهر محررو المدوّنات للعالم كله مدى تفشي التعذيب في أقسام الشرطة المصرية"، مضيفة بأن "على الحكومة المصرية أن تظهر للعالم عزمها على تقديم مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة إلى العدالة".
ومصر هي طرفٌ في اتفاقية مناهضة التعذيب، إضافةً إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وبالتالي فهي ملزمةٌ بتحريم أي شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة، وباتخاذ تدابير فعالة لحماية الضحايا من خلال إجراء تحقيقات شاملة محايدة وسريعة في مزاعم التعذيب، وكذلك من خلال توجيه الاتهام الجنائي حيث تجد سنداً له. وتنص المادة 42 من الدستور المصري على أن أي شخص محتجز "تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً".
لمزيدٍ من المعلومات عن انتهاكات الشرطة المصرية، يرجى الاطلاع على التصريحات الصحفية التالية الصادرة عن هيومن رايتس ووتش:
"مصر: الشرطة تضرب ناشطين مؤيدين للديمقراطية بعنف"، 31 مايو/أيار 2006، على الرابط: https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/05/31/egypt13486.htm
"مصر: يجب محاسبة الشرطة على أعمال التعذيب"، 23 ديسمبر/كانون الأول 2006، على الرابط: https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/12/23/egypt14926.htm
"مصر: سابقة مُروعة في حبس صاحب مدوّنة"، 22 فبراير/شباط 2007، على الرابط: https://www.hrw.org/arabic/docs/2007/02/22/egypt15380.htm
ولزيارة صفحة محمد الشرقاوي على الإنترنت:
http://sharkawy.wordpress.com