Skip to main content

على الحكومة التقصي من ادعاءات التجاوزات وليس التعتيم عليها

ردنا على<a href="http://hrw.org/pub/2006/arabic/al-Dustur092906.pdf">نقد</a> نشر في صحفة الدستور الأردنية

إن نقد مسؤول بوزارة التنمية السياسية—لم ينشر اسمه—لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المعنون "اعتقالات مريبة: دائرة المخابرات العامة ومشكلة سيادة القانون في الاردن" لا يتطرق لانتهاكات حقوق الإنسان التي يوثقها التقرير، كما يسيء عرض نتائجه أيضاً. لقد خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن دائرة المخابرات العامة كثيراً ما تقوم باعتقالاتٍ تعسفية وتسيء إلى المشتبه بهم أثناء وجودهم في مركز الإحتجاز التابعة لها، وإلى أنه يجري احتجاز العديد منهم في الحبس الانفرادي دون توجيه التهم لهم.
ويحاول نقد المسؤول، الذى نشر في صحيفة الدستور تحت عنوان ("الرد القانوني"، 29 سبتمبر/أيلول 2006)، التضليل عن ما يورده التقرير من روايات متعددة حول التعذيب وسوء المعاملة لدى دائرة المخابرات العامة، وذلك بإشارته إلى أن التعذيب في الأردن "ليس بتلك الوحشية التي حدثت وتحدث في سجون العالم وفي سجني أبو غريب وغوانتنامو". أن هيومن رايتس ووتش ساعدت في فضح التعذيب في أبو غريب، ولطالما عملت على الدفاع عن حقوق المحتجزين في غوانتنامو. ونحن نبذل قصارى جهدنا لفضح الانتهاكات وليس للتغطية عليها كما هو الحال مع هذا المسؤول المجهول.
وفيما يلي ردٌ على العناصر الرئيسية في مقالة هذا المسؤول الآنفة الذكر:

  • ذكر المسؤول أن تقرير هيومن رايتس ووتش يورد ادعاءات كاذبة مفادها أنه ليس من حق الأردنيين استئناف قرارات محكمة أمن الدولة؛ لكن التقرير لا يورد ادعاءاتٍ من هذا القبيل، فهو يقول: "يستطيع رئيس الوزراء إحالة أية قضية إلى هذه المحكمة بصرف النظر عن التهمة، ولا يحق للمتهم استئناف قراره". ولم يتعرض المسؤول لهذه النقطة.
  • ادعى المسؤول أن مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة مفتوح لمنظمات حقوق الإنسان، وأنه خاضعٌ لرقابةٍ مستقلة. هذا غير صحيح. لقد رفضت الحكومة عدة طلبات مقدمة من منظمات غير حكومية أردنية لزيارة المركز. ولم يُسمح بزيارة مركز الاحتجاز التابع لدائرة المخابرات إلا لمنظمة حقوق إنسان واحدة هي المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي شكلته الحكومة. وحدثت الزيارة للمرة الأولى في عام 2005. وهذا المركز ليس مستقلاً، كما أن الضوابط المُحْكمة التي تفرضها المخابرات على زياراته لمركز الاحتجاز تجعل من الرقابة التي يمارسها محدودةً جداً.
  • ادعى المسؤول أن "قانون الاجتماعات العامة" يقدم حمايةً كافية للحق في التظاهر وإقامة التجمعات العامة. لكنه لا يشير، كما يوضح تقريرنا، إلى أنه بإمكان المحافظ منع التجمعات، ودون تبرير. وسبق أن قام المحافظون بذلك في عدة مناسباتٍ. وينبري المسؤول أيضاً لتصحيح ما يدعيه التقرير من أن مجلس القضاة الأعلى غير مستقلٍ بالكامل، وذلك عبر اكتفائه بالإشارة (كما يشير تقريرنا أيضاً) إلى أن الدستور الأردني يضمن استقلال القضاء. ولكن المسؤول لا يتطرق لما أوردته هيومن رايتس ووتش من أدلة بشأن نفوذ السلطة التنفيذية المبالغ فيه على المجلس. ومن أشكال هذا النفوذ: يضم المجلس ممثلين عن وزارة العدل، ويعين الملك بعض كبار القضاة لعضوية المجلس، وتتحكم وزارة العدل بميزانية القضاء، كما أن المدعين العامين على مستوى محاكم البداية ومحاكم الاستئناف ملزمون بتنفيذ تعليمات الوزارة.
  • اساء المسؤول تمثيل المعنى الكامن وراء عدم تأكيد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بممارسة التعذيب في مركز الاحتجاز التابع للمخابرات العامة. فالصليب الأحمر لا يدلي بنتائجه للعموم، وهو قادر فقط (كما يقول التقرير) على الاحتجاج على المشكلات الخطيرة التي يصادفها بتعليق زياراته. والواقع أن الصليب الأحمر علّق زياراته إلى الأردن فعلاً في عدة مناسباتٍ خلال السنوات الماضية؛ وقد كان آخرها في عام 2004.
  • ذكر المسؤول أن القانون الأردني يلزم كل المسؤولين الاردنيين بالإبلاغ عن اي إساءات، وأن على المدعي العام التحقق في الشكاوى (وهذا ما يورده تقريرنا). لكن النقطة المهمة هنا لا تتعلق بمدى تقدم القوانين الأردنية، بل بكون المسؤولين لا ينفذون هذه القوانين. فقد أكّد جميع المحتجزين الذين تحدثنا إليهم أنهم شكوا إلى المحققين أو إلى حراس السجون سوء المعاملة، لكنهم لم يفعلوا شيئاً إزاء تلك الشكاوى. ويعدد التقرير القوانين الأردنية التي تنص على معالجة أوضاع ضحايا مخالفات الموظفين، والتي تشمل التعويض، وعلى معاقبة الموظفين الذين يثبت سوء تصرفهم. لكن مدعياً عاماً ومسؤولين في دائرة المخابرات قالا لنا، كلٌّ بمفرده، أن أياً من موظفي دائرة المخابرات لم يواجه محاكمةً جزائية بسبب خرق القانون. ويورد المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي لعام 2005 ادعاءاتٍ كثيرة بالتعذيب، بما في ذلك التعذيب في دائرة المخابرات العامة، دون أن يَجري تحقيقٌ في ايّ منها.
  • استخدم المسؤول القضية التي أوردها التقرير عن قيام مدعي عام عسكري بسؤال المحتجز عما إذا كان يريد محامياً كدليلٍ على أن جميع إجراءات دائرة المخابرات العامة تتقيد بحرفية القانون. لكن الواقع عكس ذلك، فما هذه الحالة إلا استثناءٌ يؤكد القاعدة. فالمدعي العام لم يوجه هذا السؤال إلى الخمسة عشر معتقلاً الباقين. وقد صرح لنا أربعةٌ من محامي الدفاع الذين وكّلتهم أسر المحتجزين أن مقابلة موكليهم في دائرة المخابرات العامة أمرٌ شديد الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً. وبالمثل، ذكر المسؤول ما أورده التقرير من أن المخاتير يحضرون اثاء تفتيش المنازل طبقاً للقانون الأردني. وهو يستشهد بذلك كدليل على أن موظفي المخابرات يقومون بتفتيش المنازل على نحوٍ قانونيٍّ دائماً. لكن المخاتير لم يكونوا حاضرين إلا عند تفتيش منزلين فقط من أصل تسعة منازل يذكر تقريرنا أنها تعرضت للتفتيش.
  • ادعى المسؤول أن إطلاق المخابرات العامة سراح معظم المحتجزين المذكورين في التقرير يدل على أن هذا الاعتقالات كانت وقائية وجرت لإحباط ايّ نشاط إرهابي. لكن المنطق يقول عكس ذلك فلو كان الأشخاص المعتقلون متورطين في التخطيط أو التآمر من أجل تنفيذ هجمات إرهابية، لما أطلقت النيابة العسكرية سراحهم، ولقدمتهم إلى العدالة. وكما يعلم المسؤول بكل تأكيد، فإن عدداً من الأشخاص مثلوا أمام محكمة أمن الدولة عام 2006 لاتهامهم بالتآمر من أجل شن هجمات إرهابية.
  • وأخيراً، فلعل الخطأ الذي وقع في ترجمة النص الإنكليزي الذي يقول أن ساجدة الريشاوي "قد تكون من قريبات نضال عربيات عن طريق الزواج" هو ما أعطى في النص العربي انطباعاً بأنها زوجته. ونحن نصحح هنا هذا الخطأ الذي وقع في الترجمة.

وبدلاً من ابتداع حجج عبر قراءةٍ انتقائية للتقرير لمحاولة إسقاط الادّعاءات التي يوردها، كان ينبغي على االحكومة أن تقوم بالتحقيق في ادّعاءات سوء المعاملة، كما يحثها التقرير. وينبغي على صحيفة الدستور التي نشرت هذه المحاولة الضعيفة للدحض ان تكرس صفحاتها للتقصي من الادعاءات وليس التعتيم عليها. إن أحد أهم أدوار ومسئوليات الصحافة الحرة هو التحقيق في تجاوزات مسؤولي الحكومة والكشف عنها. لكن المؤسف أن وسائل الإعلام الأردنية لم تظهر استعدادا أو لا تتمتع بحريةٍ تسمح لها بإجراء مثل هذه التحقيقات وأن تتحدي اداء الحكومة في ملف حقوق الإنسان.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.