Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل: التحقيق في حادث شاطئ غزة يتجاهل الأدلة

ليس تحقيق الجيش الإسرائيلي المتحيز عن التحقيق المستقل

ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن التحقيق الذي أجراه جيش الدفاع الإسرائيلي في الانفجار الذي وقع على شاطئ غزة فقتل ثمانية مدنيين وجرح العشرات يعاني نقصاً لأنه يستبعد أدلة مهمة. فقد اجتمع باحثوا هيومن رايتس ووتش يوم أمس بالعميد مئير كاليفي الذي ترأس تحقيق الجيش لمناقشة ما توصل إليه ذلك التحقيق. وبعد الاجتماع كررت هيومن رايتس ووتش دعوتها إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل أولئك الأشخاص.

وكشف اللقاء عن أن النتيجة التي توصل إليها الجيش الإسرائيلي من أنه غير مسؤول عن مقتل الأشخاص على شاطئ غزة اعتمدت حصرياً على المعلومات التي جمعها الجيش، واستبعدت جميع الأدلة التي حصلت عليها المصادر الأخرى. فقد تركز تحقيق الجيش حول نماذج رياضية يقول أنها تبين "الاستحالة الإحصائية" لأن تكون قذيفة أطلقتها المدفعية الإسرائيلية مسؤولةً عن مقتل المدنيين. ولا بد من قيام خبراء مستقلين بتقييم مدى موثوقية تلك النتيجة مع تمكنهم من الاطلاع على البيانات التي استندت إليها.

وقال مارك غارلاسكو، المحلل العسكري في هيومن رايتس ووتش: "يصعب اعتبار التحقيق الذي يرفض النظر في الأدلة المتضاربة تحقيقاً موثوقاً"؛ وأضاف قائلاً: "إن التحقيق من جانب جهة مشايعة لجيش الدفاع الإسرائيلي يؤكد على ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل".

وقال كاليفي لهيومن رايتس ووتش أن الفلسطينيين "لا يتورعون عن الكذب"، وأن الجيش عمد في تحقيقه إلى إهمال أية معلومات وردت من مصادر المعلومات الفلسطينية. وكان الجيش قد طلب من مكتب الارتباط الأمني الفلسطيني في اليوم التالي على الحادث تقديم الأدلة المخبرية، لكنه عاد فاستبعد الأدلة المقدمة التي ضمت شظيتين من قذائف عيار 155 ملم (واحدة قديمة وأخرى جديدة) وبعض التراب من الشاطئ ومن حفرة الانفجار. وعندما عرضت الأدلة التي جمعها باحثو هيومن رايتس ووتش عقب الحادث على العميد شكك فيها أو رفض قبولها.

ورفض الجيش أيضاً أدلة "غير مهمة" جمعتها هيومن رايتس ووتش تشير إلى خلل في التحديد الزمني المحيط بالحادث الذي طرحه الجيش. علماً أن الجيش ادعى في الأصل بأن التوقيت هو أهم عامل في إعفائه من المسؤولية. وطبقاً لما يقوله الجيش الإسرائيلي، فقد قتل المدنيون الثمانية بعد أن توقف القصف الإسرائيلي في الساعة 4:50 بعد الظهر من يوم 9 يونيو/حزيران 2006.
لكن الأدلة التي جمعها باحثو هيومن رايتس ووتش وكثير من الصحفيين المستقلين ميدانياً في غزة تشير إلى مقتل المدنيين أثناء القصف الإسرائيلي. ومن بين تلك الأدلة السجلات الحاسوبية للمستشفى التي تشير إلى معالجة الأطفال المصابين على الشاطئ عند الساعة 5:12 بعد الظهر؛ وكذلك سجلات المستشفى الخطية التي تشير إلى قبولهم في الساعة 5:05 بعد الظهر. وبالنظر إلى الزمن الذي تستغرقه السيارة من الشاطئ إلى المستشفى، تشير هذه الأدلة إلى أن الانفجار الذي أودى بالأسرة وقع أثناء القصف الإسرائيلي.

وخلال اجتماع الأمس، أكد العميد كاليفي أن الجيش استخرج شظية واحدة من جسد أحد الفلسطينيين الثلاثة الذين نقلوا إلى إسرائيل وقام بفحصها مخبرياً. وقال أن نتائج الفحص المخبري تبين أن الشظية من معدن يستخدم في الأسلحة، لكنها ليست ناتجة عن قذيفة من عيار 155 ملم. وصرح العميد بأن الجيش الإسرائيلي لم يقم بإزالة الشظايا من أجساد الفلسطينيين المصابين الآخرين. لكن تقريراً إخبارياً إسرائيلياً صدر مساء الأمس جاء مناقضاً لهذه الرواية؛ إذ قال أن الجيش أستخرج شظيتين من جسد أحد المصابين الآخرين ووجد من المرجح أن يكون مصدرهما قذيفة من عيار 155 ملم. كما اعترف ناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي اليوم باستخراج واختبار شظية أخرى، لكنه ادعى أن نتائج الاختبار لم تظهر بعد.

وقلل كاليفي أيضاً من أهمية شظية من صاعق قذيفة مدفعية استخرجها طبيب فلسطيني من ذراع شاب يبلغ 19 عاماً أصيب في الانفجار، وقامت هيومن رايتس ووتش باختبارها. فقد شكك في مصداقية تسلسل التحفظ على الدليل قائلاً أن بوسع أيٍّ كان أن يأتي بشظية ويغمسها في دم المصاب. كما شكك في سلامة قرار الأطباء الفلسطينيين بإزالة الشظية من المصاب الذي نقل إلى إسرائيل لاحقاً، وقال أنه يظن بأن الهدف من ذلك ليس إلا "إخفاء أدلةٍ" يمكن أن تساعد الجيش الإسرائيلي.

وقال غارلاسكو: "إذا كان لنا أن نصدق الادعاء الإسرائيلي بأن هناك تلاعباً بالأدلة، فلا بد أن يكون كثير من الفلسطينيين مشاركين في مؤامرةٍ فورية واسعة لتزويرها". مضيفاً بأنه "لا بد أن يكون المتآمرون (الشهود والمصابون والعاملون الصحيون ووحدة تفكيك المتفجرات) قد زوروا شهاداتهم وغيروا السجلات الخطية والحاسوبية وغمسوا الشظية في دم المصاب. وليس من السهل أبداً أن يقتنع المرء بإمكانية ترتيب تلك المؤامرة الضخمة بهذه السرعة".

وخلال الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف مع العميد كاليفي أقر الجيش الإسرائيلي باحتمال أن تكون قذيفة غير منفجرة من عيار 155 ملم أطلقها الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من ذلك اليوم هي التي سببت إصابة الأسرة الفلسطينية. فقد أطلق الجيش أكثر من 80 قذيفة من عيار 155 ملم في منطقة الشاطئ صبيحة ذلك اليوم. ويزيد وجود الرمال على الشاطئ من إمكانية سوء عمل أحد الصواعق، مما قد يؤدي إلى عدم انفجار القنبلة وبقائها في الرمل تنتظر ما يفجرها. ويمكن أن يكون القصف الذي وقع بين الساعة 4:31 و4:50 بعد الظهر هو الذي سبب انفجار تلك القذيفة، بقدر ما يمكن أن تكون حركة الناس على الشاطئ هي التي سببت انفجارها.

لقد أطلق الجيش الإسرائيلي أكثر من 7700 قذيفة مدفعية على شمال غزة منذ الانسحاب الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2005 مما خلق مشكلة القذائف غير المنفجرة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة