Skip to main content

العراق: الأجانب يفرون إلى الأردن

لاجئون سابقون يصبحون لاجئين من جديد

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم في تقرير جديد لها بعنوان "الفرار من العراق" إن الاعتداءات والمضايقات التي تقع وسط الفراغ الأمني في العراق قد أجبرت اللاجئين وغيرهم من الأجانب على الفرار من العراق ليصبحوا في عداد اللاجئين من جديد، ولكن في الأردن هذه المرة.

ويعتقد بعض العراقيين أن اللاجئين في بلدهم استفادوا من المعاملة التفضيلية التي كانت قائمة في ظل حكومة صدام حسين. وجدير بالذكر أن ثمة أكثر من 500 فلسطيني بين اللاجئين الجدد الذين شقوا طريقهم إلى الأردن، ويبلغ عددهم نحو 1500.

ويستند تقرير هيومن رايتس ووتش، الذي يقع في 22 صفحة، إلى بحوث أجريت في بغداد والأردن، ويتناول بالتفصيل الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون والأجانب في العراق، إلى جانب المعاملة التي يلقونها لدى وصولهم إلى الأردن.
وقال بيتر بوكيرت، الباحث الأول المعني بالطوارئ في المنظمة
"إن غياب الأمن يهدد الجميع في العراق، لكن اللاجئين وغيرهم من الأجانب أكثر تعرضاً للمخاطر من غيرهم؛ فهؤلاء الناس يجدون أنفسهم في عداد اللاجئين مرة أخرى بدون أن يلوح أي حل دائم لمشكلتهم في الأفق".
وكثيراً ما تكون مسألة السكن هي الذريعة المستخدمة لتبرير أعمال العنف والمضايقات التي يكابدها اللاجئون؛ فكثير من أصحاب المساكن الذين أجبرتهم الحكومة السابقة على تأجير عقاراتهم للفلسطينيين بإيجارات منخفضة، بدأوا يستغلون انهيار النظام وغياب سلطة القانون لطرد المستأجرين الفلسطينيين من منازلهم أو لفرض زيادات غير معقولة في الإيجارات على هؤلاء المستأجرين. وفي بعض الحالات الأخرى، وقعت حوادث التهديد والعنف من جانب أفراد ليس لهم فيما يبدو أي حق شرعي في العقارات المعنية.

فقد تعرضت خيرية شفيق علي وأسرتها للتهديد أربع مرات من جانب جماعات صغيرة مكونة من ثلاثة إلى خمسة أشخاص مسلحين بالمدافع الرشاشة والبنادق؛ وحكت خيرية لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن التهديدات التي جعلتها تفر إلى الأردن: "قالوا لي إما أن تتركي منزلك، وإما أن تدفعي 300 ألف دينار كل شهر (حوالي 150 دولاراً)؛ وهددوني أن يفرغوا بنادقهم في رأسي. لقد بدأوا بعد سقوط الحكومة بحوالي أسبوع... فأطلقوا الرصاص على منزلنا، وقالوا "لقد رحل صدام، وأنتم لا قيمة لكم هنا، ولا تملكون شيئاً في العراق؛ وإذا أردتم الرحيل، فلا تأخذوا إلا ثيابكم".

أما نظيمة سليمان البالغة من العمر 50 عاما فقد فرت من بغداد مع أسرتها بعد أن ألقى مهاجمون مجهولون عبوات ناسفة داخل منزلها، مما أدى لمقتل طفل رضيع وإصابة ستة آخرين منهم ثلاثة من أبنائها. وجاء هذا الاعتداء بعد يومين من قدوم 15 رجلا مسلحا إلى المنزل وتهديدهم أسرتها. وقالت نظيمة لهيومن رايتس ووتش "قالوا لنا: إن هذا البيت للعراقيين، وأنتم لا تملكون شيئا. لقد كان صدام يحميكم، فاطلبوا الآن من صدام أن يجد لكم منزلا آخر. لو كنا نعرف أنهم جادون لتركنا البيت على الفور".
وقال بوكيرت
"ليس الفلسطينيون وحدهم هم الذين أصبحوا لاجئين للمرة الثانية، فالجماعات المسلحة في العراق تستهدف غيرهم من الأجانب، الذين قد يكون بعضهم من اللاجئين أيضاً".
وفي الأردن أجرت هيومن رايتس ووتش أيضا مقابلات مع بعض الضحايا السودانيين والصوماليين الذين فروا من التهديدات وحوادث انعدام الأمن؛ ومنهم رجل صومالي يُدعى محمد، عمره 23 عاماً، وقد أصيب في إحدى الهجمات التي شنتها قوات التحالف الأمريكي على بغداد في التاسع من أبريل/نيسان، وتعرض للتهديد وهو راقد على سريره بالمستشفى. فعندما انهارت حكومة صدام حسين في بغداد، جاءه عدد من المدنيين المسلحين الغاضبين ثلاث مرات، وسألوه كم كان قد قبض من الحكومة العراقية، وهددوا بقتله. فتدخل عراقيون آخرون، ولكن عندما التأمت جراح محمد، نصحوه بمغادرة العراق لأن الأوضاع صارت بالغة الخطورة بالنسبة للأجانب.

كما فر إلى الأردن الأكراد الإيرانيون الذين كانوا يعيشون في مخيم للاجئين يقع إلى الغرب من بغداد، وذلك عندما توقفت الشرطة التي كانت تحرس المخيم في الماضي عن المجيء إلى العمل. بل إن بعض الحراس من أفراد الشرطة قالوا لأحد الأكراد الإيرانيين بعد حصار بغداد إن اللصوص الذين يقومون بأعمال النهب والسلب سوف يستهدفونهم.

وقد انتقدت هيومن رايتس ووتش السلطات الأردنية لتقييدها دخول اللاجئين إلى الأردن ولتمسكها بالميعاد المحدد بمنتصف شهر يونيو/حزيران الذي كانت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد اقترحته أصلا لمغادرة اللاجئين. فلكي يستطيع الفلسطينيون دخول المخيمات الواقعة داخل الحدود الأردنية، فقد اضطروا إلى توقيع وثائق صيغت صياغة مبهمة سمح بإعادتهم إلى العراق، بينما مُنع اللاجئون الإيرانيون نهائيا من دخول الأردن.

وقال بوكيرت
"إن قوات التحالف لا تفعل شيئا يذكر لضمان أمن أي شخص في العراق، ناهيك عن تلك الجموع المعرضة للإيذاء؛ ومن واجب الأردن حماية اللاجئين الفارين إلى حدوده".
وقد عاد بعض المغتربين الذين فروا إلى الأردن إلى بلدانهم الأصلية، إلا أن طريقة معاملتهم تثير القلق في ضوء القانون الدولي للاجئين. ففي مارس/آذار سمح المسؤولون الأردنيون والمنظمة الدولية للهجرة لممثلي الحكومة السودانية بالاتصال بجماعة من السودانيين المحجمين عن العودة إلى السودان. كما أعيد آخرون من المغتربين إلى بلادهم خلال 72 ساعة من وصولهم إلى الأردن، الأمر الذي يثير القلق بسبب احتمال عدم توافر ما يكفي من الوقت أو المعلومات للتأكد من أن عودتهم لأوطانهم ستكون آمنة لهم ولأسرهم.

ولا يزال أكثر من ألف كردي إيراني من اللاجئين الذين كانوا يقيمون في مخيم يقع على مشارف بغداد - وكانوا قد فروا بعد تعرضهم للتهديد والهجوم من جانب عصابات من رجال يكيلون لهم التهديد - لا يزالون محصورين في بقعة صحراوية قرب الحدود الأردنية ليس بها تواجد لقوات التحالف أو الشرطة الأردنية؛ وفي هذه المنطقة المهجورة التي تضربها العواصف الرملية ولا يكاد يوجد بها أي ملاذ من حر الصحراء اللافح، يعاني الكثيرون من شتى الأمراض الناجمة عن سوء الصرف الصحي ونقص مياه الشرب النقية.

وقد حثت منظمة هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة وحلفاءها بوصفهم القوة المحتلة على منع انتهاكات حقوق الإنسان ضد جموع السكان المستضعفين في العراق، ومن بينهم اللاجئون وغيرهم من المغتربين.
كما أوصت هيومن رايتس ووتش بأن يوفر الأردن الحماية والمساعدة الفورية لكل اللاجئين، بما في ذلك أولئك المحصورون حاليا قرب الحدود الأردنية، وفقا لمعايير القانون الدولي للاجئين.

للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش "الفرار من العراق"، يرجى الرجوع إلى الموقع التالي:
https://www.hrw.org/reports/2003/iraqjordan/

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة