Skip to main content
تبرعوا الآن

تونس: المطالبة بالإفراج عن ناشط معتقل

مدافعون عن حقوق الإنسان وأقرباؤهم يتعرضون للمضايقات

دعت منظمة العفو الدولية ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" اليوم إلى الإفراج الفوري عن جلال زغلامي، شقيق الصحفي توفيق بن بريك، المضرب عن الطعام منذ الثالث من إبريل/نيسان.

وشجبت المنظمتان الدوليتان المدافعتان عن حقوق الإنسان بقوة الاعتداءات الجسدية التي ارتكبتها الحكومة التونسية خلال الأيام القليلة الماضية، والتي ألحقت الأذى بدعاة حقوق الإنسان والمحامين في تونس. وحثت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" ومنظمة العفو الدولية الحكومة التونسية على إسقاط التهم الموجهة إلى بن بريك، وإعادة جواز سفره إليه، وإلى الوقف الفوري لحملة التخويف المتصاعدة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأقربائهم في تونس.
في هذا الخصوص، أدلى هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بتصريح قال فيه: "إن هذا النوع من التخويف والاضطهاد لدعاة حقوق الإنسان وأقربائهم مستمر منذ فترة طويلة، غير أن اعتقال جلال زغلامي هو تصعيد يبعث على القلق البالغ". وأضاف مجلي قائلاً: "لقد ردت السلطات التونسية مرة أخرى بأساليب الاضطهاد والعنف الجسدي ضد أناس ذنبهم الوحيد أنهم حاولوا ممارسة حقهم في حرية التعبير، وهو حق من أهم حقوق الإنسان الأساسية".
وفي السادس والعشرين من إبريل/نيسان، استجاب بن بريك، الذي انتقدت مقالاته الصحفية التردي الشديد لأوضاع حقوق الإنسان في تونس ـ استجاب لنداءات أصدقائه ومؤيديه بأن ينهي إضرابه عن الطعام الذي استمر لمدة 24 يوماً. غير أن الشرطة منعت الصحفيين طيلة ذلك اليوم من زيارته في منزله، كما منعت مؤيديه التونسيين، بمن فيهم الأطباء، من زيارته. وخلال تلك المواجهة، قامت السلطات بضرب واعتقال الناشطين علي بن سالم، وسهام بن سدرين، وجلال زغلامي، والطيب نعمان. أما بن سالم، البالغ من العمر 70 عاماً، وأمين صندوق "المجلس الوطني للحريات في تونس"، وهو من المنظمات المعنية برصد حقوق الإنسان، التي لم تُمنح بعد الترخيص القانوني، فقد اقتادته الشرطة إلى غابة في إحدى ضواحي تونس العاصمة، وتركته هناك يعاني من الألم المبرح. ولا يزال بن سالم في المستشفى حيث يتلقى علاجاً للإصابات التي لحقت بظهره وساقيه.
وأما سهام بن سدرين، عضو "المجلس الوطني للحريات في تونس"، التي أصيبت في أحد كتفيها وإحدى عينيها، فقد اقتيدت هي والطالب الطيب نعمان إلى مركز الشرطة في المنار للاستجواب واحتمال توجيه التهم إليهما وملاحقتهما قضائياً؛ ثم أُخلي سبيلهما في وقت لاحق من ذلك اليوم. كما اقتيد إلى مركز الشرطة جلال زغلامي، الذي ربما أصيب بكسر في الأنف، ثم نُقل إلى سجن تونس المدني. ولم يتمكن محاميه من زيارته؛ ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة غداً، حيث وُجِّهت إليه تهمة "التجمع غير المرخص به في مكان عام"، و"استخدام العنف ضد عناصر الأمن"، و"تحريض المواطنين على مخالفة القوانين". ونتيجة لهذه الأحداث، استأنف بن بريك إضرابه عن الطعام.
وتقول منظمة العفو الدولية: "إن هذه التهم منافية للمنطق والعقل؛ فزغلامي يتعرض للأذى والملاحقة لأنه، بالدرجة الأولى، تدخل لمنع الشرطة من ضرب واختطاف رجل في السبعين من عمره. وهذا الاضطهاد المتواصل لتوفيق بن بريك وزملائه يرجع أيضاً إلى أن "المجلس الوطني للحريات في تونس" مستمر في كشف الحقيقة حول الأوضاع الرهيبة في تونس. كما أن استمرار الحكومة التونسية في حجب مواقع المنظمات غير الحكومية والمواقع الأجنبية على شبكة الإنترنت، واستمرار وسائل الإعلام التونسية في التزام الصمت المطبق إزاء هذه القضية برمتها، إنما يفضح الكثير عن أوضاع حرية التعبير في ذلك البلد الآن".
ومساء اليوم السابق لاعتقال شقيق بن بريك، وقع اعتداء أيضاً على زوجة بن بريك، عزة، هي ومجموعة من المحامين، كما مُنع هؤلاء من زيارته في المستشفى. ومن بين هؤلاء المحامين راضية نصراوي؛ وشوقي الطبيب، رئيس مجلس إدارة "الجمعية التونسية للمحامين الشبان"؛ ومحمد صالح الشطي، الأمين العام للجمعية المذكورة؛ وجمال الدين بيدا، الأمين العام السابق لمجلس نقابة المحامين؛ وفاضل غدامسي عضو مجلس إدارة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان؛ ومراد بلبيش؛ وعياشي حمامي. وقد أعلن المحامون في جميع أنحاء تونس عن إضراب ليوم واحد هذا اليوم، دعا إليه مجلس نقابة المحامين احتجاجاً على الاعتداءات التي وقعت على زملائهم.
وفي يوم الأربعاء الماضي، قام حوالي 30 شرطياً بطرد وفد زائر مؤلف من خمسة صحفيين فرنسيين برئاسة روبرت مينار وفيرجيني ليكوسول، عضوي منظمة "صحفيون بلا حدود"، التي تتخذ باريس مقراً لها. وقال مينار إن الشرطة اعتدت عليهم أيضاً، وصادرت المواد التي كانت بحوزتهم، بما في ذلك الكاميرات، وحطمتها؛ لكن الصحفيين أنفسهم لم يصابوا بأذى.
كما طالبت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" ومنظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق كامل ونزيه فيما تعرض له الصحفيون والناشطون وأقرباؤهم من ضرب وسوء معاملة، وحثتا على تقديم من تثبت مسؤوليته عن ذلك إلى القضاء.
خلفية عامة
بدأ توفيق بن بريك إضرابه عن الطعام يوم 3 إبريل/نيسان احتجاجاً على مصادرة الحكومة جواز سفره منذ عام 1999، وعلى المضايقات المتكررة لأفراد عائلته من قبل الحكومة، وتخويف وسائل الإعلام التونسية من عواقب نشر أعماله. وفي العاشر من إبريل/نيسان، مثل بن بريك أمام المحكمة متهماً "بنشر معلومات كاذبة وثلب السلطات". وقد جاءت هذه التهم، التي تصل عقوبة مرتكبها إلى السجن مدة تسع سنوات، رداً على مقال له نشرته في يناير/كانون الثاني الماضي صحيفة "لا تريبيون" اليومية السويسرية، حول مضايقات الشرطة لسهام بن سدرين، وكذلك رداً على مقال آخر نشرته في فبراير/شباط صحيفة سويسرية أخرى تناول فيه بالعرض والتحليل كتاباً صدر في فرنسا العام الماضي تحت عنوان: "صديقنا بن علي"، ينتقد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
وفي الثامن من إبريل/نيسان، اعتقلت الشرطة فتحي الشمخي، رئيس "التجمع من أجل بديل دولي للتنمية"، واعتقلت معه عضو التجمع محمد شرابي، وصاحب محل لاستنساخ الوثائق يُدعى إيهاب الهاني لحيازته وثائق تخص التجمع و"المجلس الوطني للحريات في تونس". ووُجِّهت إليهم تهمة "نشر معلومات كاذبة من شأنها أن تعكر صفو النظام العام، وثلب السلطات، وتحريض المواطنين على مخالفة قوانين البلاد، والانتماء إلى جمعية غير مرخص لها"؛ ولا يزال هؤلاء رهن الاعتقال.
وفي العاشر من إبريل/نيسان، أخلت الشرطة بالقوة دار النشر التي تمتلكها سهام بن سدرين، والتي كان توفيق بن بريك يقيم فيها أثناء إضرابه عن الطعام، ثم أغلقت الدار بحجة أن اجتماعاً عاماً عُقد في الدار في اليوم السابق وبحضور صحفيين أجانب، وهو ما اعتبرته السلطات "تهديداً للنظام العام".
وفي 21 إبريل/نيسان، منعت الشرطة التونسية الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية من عقد لقاء عام لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. فقد منعت قوات الأمن محمود بن رمضان، رئيس المجلس الدولي للمنظمة، وغيره من أعضاء المنظمة والضيوف، بما في ذلك بعض الدبلوماسيين الأجانب، من الوصول إلى مكتب المنظمة في تونس العاصمة. أما المحامي الهاشمي جغام، الرئيس السابق للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، فقد سحبته الشرطة وجرَّته جرّاً إلى خارج المبنى؛ وكانت واقعة مشابهة قد حدثت يوم الأول من إبريل/نيسان.
وفي 25 إبريل/نيسان، أُدخل بن بريك إلى مستشفى المنجي سليم في تونس العاصمة بعد أن حذره أطباؤه من خطر تعرضه لأضرار صحية مستديمة إن استمر في إضرابه عن الطعام. ويوم الثلاثاء الماضي انتقل بن بريك إلى عيادة خاصة بعد أن اشتكى من مضايقات الشرطة في المستشفى. غير أن رجال أمن بلباس مدني دخلوا غرفته في العيادة بعد ذلك، وأساؤوا إليه وإلى عائلته، حسبما قال. ولما وصل إلى العيادة بعض أصدقائه من الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، و"المجلس القومي للحريات في تونس" لاصطحابه إلى منزله، وقعت مشادة بينهم وبين رجال الأمن انتهت بإصابة بعض الأشخاص بجروح.
أما عمر المستيري، زوج سهام بن سدرين ورئيس "المجلس الوطني للحريات في تونس"، فقد اختطفه مجهولون في سيارة لا تحمل لوحات، ثم أخلوا سبيله في موقع يبعد حوالي 15 كيلومتراً خارج تونس العاصمة. وقبل يوم واحد من هذه الواقعة، طُرح المستيري أرضاً وهُشمت نظارته، بعد أن قدم شكوى إلى أفراد الشرطة الذين كانوا يراقبون منزله على نحو سافر.
وفي مايو/أيار الماضي، أصيب بن بريك بجراح من جراء اعتداء ثلاثة رجال مجهولين عليه بسلاسل الدراجات، وذلك عقب نشره مقالاً عن سجن نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي يناير/كانون الثاني 1999، هُشِّمت نوافذ سيارة زوجته في أعقاب نشر مقال له يناقش قضية بعض الطلبة المعتقلين. وعلى مدى عدة سنوات، ظل بن بريك وأفراد أسرته يتلقون مكالمات هاتفية تهديدية، كما قطعت خطوطهم الهاتفية، وظل بيتهم خاضعاً لمراقبة الشرطة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة