Skip to main content
تبرعوا الآن

إيران: وفاة ثلاث سجينات بعد حرمانهن من الرعاية الطبية

ينبغي اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لحماية عشرات السجينات المعرضات للخطر

مشهد خارجي لسجن إيفين. © Wikipedia

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن ثلاث نساء توفين في سجن قرتشك، وهو سجن للنساء في طهران معروف بظروفه المزرية، بين 16 و25 سبتمبر/أيلول 2025، بعد حرمانهن من الرعاية الطبية.

تسلط وفاة سودابه أسدي وجميله عزيزي والسجينة السياسية سميه رشيدي (42 عاما) أثناء الاحتجاز الضوء على انتهاك السلطات الإيرانية حق السجناء في الحياة من خلال التسبب في وفاتهم أو المساهمة فيها عبر حرمانهم من الرعاية الطبية. تشير هذه الحالات إلى سياسة السلطات الإيرانية طويلة الأمد المتمثلة في حرمان السجناء من الرعاية الطبية، وهي جزء من المعاملة الوحشية التي تُعرض حياة السجناء الإيرانيين للخطر.

قال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "أصبحت السجون في إيران، وخاصة سجن قرتشك، أماكن للعذاب والموت حيث يتم منهجيا تجاهل كرامة السجناء وحقوقهم الأساسية. على مدى عقود، لم تتقاعس السلطات عن تحسين الظروف فحسب، بل استخدمت عمدا حرمان السجناء من أبسط حقوقهم، مثل الرعاية الطبية، كأداة للقمع والعقاب ضدهم".

تنص "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" (قواعد مانديلا) على أن تتيح الدول للسجناء الرعاية الطبية الملائمة.

يشتهر سجن شهر ري، المعروف بـ قرتشك، بظروفه غير الإنسانية، بما فيها سوء النظافة الصحية، والاكتظاظ الشديد، ونقص المرافق الأساسية والرعاية الطبية. الظروف مزرية لدرجة أن العديد من السجينات أضربن عن الطعام احتجاجا. أصبح قرتشك رمزا صارخا لانتهاك الحكومة الإيرانية المستمر للحقوق الإنسانية للسجناء.

لسنوات، أثارت منظمات حقوقية،ونشطاء، وخبراء "الأمم المتحدة" وهيئاتها مخاوف بشأن ظروف السجن ورفض السلطات توفير الرعاية الطبية. في أغسطس/آب 2025، أعربت هيومن رايتس ووتش مجددا عن قلقها البالغ بشأن الوضع المزري للسجينات السياسيات، بمن فيهن المعتقلات المريضات اللواتي نقلن إلى قسم الحجر الصحي في قرتشك بعد الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين في 23 يونيو/حزيران.

كانت رشيدي من اللواتي نقلن في يونيو/حزيران، وقد اعتُقلت في أبريل/نيسان 2025 لكتابتها شعارات احتجاجية في طهران، وفقا لـ "نشطاء حقوق الإنسان في إيران" (هرانا)، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة. توفيت رشيدي في مستشفى في 25 سبتمبر/أيلول، بعد 10 أيام من نقلها إلى "مستشفى مفتّح" في وَرامين عقب إصابتها بنوبة صرع في السجن، بحسب هرانا. في 25 سبتمبر/أيلول، أكدت وكالة الأنباء الرسمية التابعة للسلطة القضائية "ميزان" وفاة سجينة أشير إليها بـ "س. ر.".

حدد الأطباء تأخر دخول رشيدي إلى المستشفى سببا رئيسيا لتدهور حالتها بشكل غير قابل للشفاء، وفقا لما ذكره مصدر مطلع لـ هرانا. أثناء وجودها في السجن، كانت رشيدي أحيانا عاجزة عن المشي أو الاعتناء بنفسها بسبب مشاكلها الصحية، وفقا لـ هرانا. على الرغم من أن السلطات القضائية وسلطات السجن والطاقم الطبي كانوا على علم بحالة رشيدي، إلا أن السلطات حرمتها من الرعاية الطبية الملائمة في الوقت المناسب، وقدمت إليها مهدئات وأدوية نفسية فاقمت أعراضها، وفقا لـ هرانا. بل اتهم مسؤولو السجن رشيدي بالتظاهر بالمرض عندما أصبحت مريضة لدرجة أن السجينات الأخريات اضطررن إلى حملها إلى العيادة في 15 سبتمبر/أيلول، حسبما أفادت به مصادر لـ هيومن رايتس ووتش.

تماشيا مع أنماط السلطات طويلة الأمد في الإنكار وتشويه الحقائق والتهرب من المسؤولية، ادعت السلطة القضائية، في غضون عدة أيام بعد وفاة رشيدي، أن لديها تاريخا من تعاطي المخدرات واضطرابات عصبية وأنها تلقت العلاج المناسب في السجن.

جاءت وفاة رشيدي أثناء الاحتجاز في أعقاب وفاة سجينتَيْن أخريَيْن. وفقا لـ هرانا، توفيت أسدي، التي كانت محتجزة في قرتشك بتهم مالية، في 16 سبتمبر/أيلول بعد أن رفضت السلطات توفير الرعاية الطبية لها وأخّرت نقلها إلى المستشفى. في 19 سبتمبر/أيلول، نُقلت عزيزي، التي كانت محتجزة بتهم لا تعلمها هيومن رايتس ووتش، إلى عيادة السجن بسبب أعراض نوبة قلبية. بعد فحصها، أخبرها الأطباء أنها لا تعاني من أي شيء وأن عليها العودة إلى جناح السجن حيث توفيت بعد ذلك بوقت قصير، حسبما أفاد مصدر لـ هرانا.

قالت مدافعة حقوقية كانت محتجزة سابقا في قرتشك لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي عيادة السجن أعادوها إلى عنبر السجن دون إجراء أي فحوصات على الرغم من ألمها الشديد في الصدر، وتأخروا عمدا في نقلها إلى مستشفى خارجي على الرغم من تدهور حالتها. قالت: "إنهم [السلطات] يعرضوننا جميعا [السجناء] للموت".

وفاة النساء الثلاث هي الأحدث في سلسلة طويلة من السياسات الموثقة التي تعتمدها السلطات لحرمان السجناء من الرعاية الصحية، أحيانا لمعاقبة المعارضين وإسكاتهم. في تقرير صدر في أبريل/نيسان 2022، قدمت "منظمة العفو الدولية" تفاصيل عن الظروف المحيطة بوفاة عشرات الرجال والنساء في 30 سجنا في أنحاء البلاد منذ 2010 نتيجة حرمانهم من الرعاية الطبية. لا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات الحرمان من الرعاية الطبية والوفيات أثناء الاحتجاز، لا سيما السجناء المحتجزين بسبب جرائم عادية وأولئك الذين ينتمون إلى مجتمعات مهمشة. كما أن المخاوف المبررة من انتقام السلطات تعيق بشدة محاولات العديد من العائلات الدفاع عن ذويهم.

في 9 أكتوبر/تشرين الأول، نقلت السلطات السجينات السياسيات من سجن قرتشك إلى العنبر السادس في سجن إيفين. أفاد نشطاء ومنظمات حقوقية بأنهن محتجزات في ظروف سيئة دون الحصول على الضروريات الأساسية. تثير حالة السجناء الذين أعيدوا إلى سجن إيفين القلق، نظرا لأن الغارات الجوية الإسرائيلية في 23 يونيو/حزيران تسببت في أضرار جسيمة للمرافق الحيوية هناك، بما فيها العيادة وقاعة الزيارة.

تواصل السلطات حرمان السجناء السياسيين في سجنَي قرتشك وإيفين من الرعاية الطبية الكافية. أخبرت مصادر هيومن رايتس ووتش أن مريم أكبري منفرد (48 عاما) لم تُنقل إلى منشأة خارجية لتلقي الجراحة اللازمة في الظهر والعمود الفقري والعلاج المتخصص، والتي بدونها تكون معرضة لخطر الشلل. على الرغم من نقل السجينات السياسيات إلى سجن إيفين، تواصل السلطات احتجاز أكبري منفرد في سجن قرتشك في محاولة مفترضة لمعاقبتها. أكبري منفرد مسجونة منذ 15 عاما بتهمة "العداء لله" (محاربة) ذات الصياغة الفضفاضة، دون الحصول على إفراج مؤقت ولو ليوم واحد.

وريشه مرادي، وهي ناشطة كردية تنتظر الإعدام في سجن إيفين، تحتاج أيضا إلى رعاية طبية عاجلة لحالات طبية عدة، حسبما قالت مصادر لـ هيومن رايتس ووتش.

ما يزال عدد كبير من السجناء المرضى الآخرين، بمن فيهم سجينات سياسيات مثل الناشطة الكردية زينب جلاليان، محرومين من الرعاية الطبية في السجون في مختلف إيران.

بموجب القانون الدولي، الدول مُلزمة بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشفافة وفعالة وشاملة في الوفيات التي قد تكون غير قانونية، بما فيها تلك التي تقع أثناء الاحتجاز. وتماشيا مع الأنماط التاريخية للإفلات من العقاب، تقاعست السلطات الإيرانية منهجيا عن إجراء مثل هذه التحقيقات في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، بما في ذلك حالات وفاة السجناء. في كثير من الحالات، اكتفت السلطات ببساطة بإنكار المزاعم المتعلقة بحرمان السجناء عمدا من الرعاية الطبية الكافية، أحيانا في غضون ساعات بعد الوفاة، أو إلقاء اللوم على "حالات الانتحار" أو تعاطي المخدرات.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للسلطات الإيرانية أن توفّر فورا الرعاية الطبية المناسبة وفي الوقت المناسب، بما يشمل العلاج المتخصص خارج السجون، لجميع السجناء.

قال بَيْج: "على المجتمع الدولي الضغط بلا هوادة على السلطات الإيرانية حتى تعالج الظروف المزرية التي يعاني منها السجناء في جميع أنحاء البلاد، بمن فيهم أولئك في سجن قرتشك، وتضمن الرعاية الطبية المناسبة لجميع المحتجزين".

GIVING TUESDAY MATCH EXTENDED:

Did you miss Giving Tuesday? Our special 3X match has been EXTENDED through Friday at midnight. Your gift will now go three times further to help HRW investigate violations, expose what's happening on the ground and push for change.