Skip to main content
تبرعوا الآن

تونس: حكم بالإعدام بسبب منشورات على "فيسبوك"

حكم غير مسبوق لعقاب التعبير السلمي

مشاركون في مظاهرة نظمتها "جبهة الخلاص الوطني" التونسية المعارضة بمناسبة الذكرى الـ 13 لانتفاضة 2011، في تونس العاصمة، 14 يناير/كانون الثاني 2024. © 2024 محمد مسرة/إي بي إيه-إي إف إي/شاترستوك

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة تونسية حكمت الأسبوع الماضي بالإعدام على رجل بسبب منشورات سلمية على "فيسبوك". حصل المتهم على عفو رئاسي بعد أيام، لكن هذا الحكم بسبب التعبير السلمي غير مسبوق في تونس. ينبغي للسلطات التونسية الكف عن اعتقال الأشخاص ومقاضاتهم لمجرد ممارسة حقهم في التعبير.

قالت عائلة صابر بن شوشان (51 عاما) إنه اعتقل في 22 يناير/كانون الثاني 2024 وهو في طريقه إلى موعد طبي. في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حكمت عليه محكمة نابل الابتدائية بالإعدام بسبب منشورات على فيسبوك. أُفرج عن بن شوشان في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد عفو رئاسي، بعد أن أثارت إدانته استنكارا عارما في تونس.

قال بسام خواجا، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بلغ قمع السلطات ضد حرية التعبير ذروة غير مسبوقة مع هذا الحكم بالإعدام بسبب التعبير عن السخط على الإنترنت. على الرغم من العفو الرئاسي، فإن هذا الحكم المروع يبعث برسالة مخيفة إلى جميع التونسيين مفادها أنه لن يتم التسامح مع أي انتقاد من أي كان، بغض النظر عن شكل الانتقاد".

بن شوشان أب لثلاثة أطفال ويقطن في ولاية نابل. خضع للإيقاف التحفظي لفترة تجاوزت الحد الأقصى المسموح به في القانون التونسي وهو 14 شهرا. ووفقا لعائلته، حُرم من الرعاية الطبية أثناء احتجازه على الرغم من إصابته السابقة التي تتطلب عناية طبية.

أدين بن شوشان بموجب الفصل 72 من "المجلة الجزائية"، الذي ينص على عقوبة الإعدام لمحاولة "تبديل هيئة الدولة". كما أدين بموجب الفصل 67 بتهمة "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة"، وكذلك الفصل 24 من المرسوم بقانون عدد 54 بشأن الجرائم الإلكترونية بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، حسبما قال وكيلاه ليلى حداد وأسامة بوثلجة لـ هيومن رايتس ووتش. قضت الدائرة الجنائية بمحكمة نابل، المؤلفة من خمسة قضاة، بفرض أشد عقوبة متاحة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه أول عقوبة إعدام معروفة بسبب التعبير السلمي في تونس.

راجعت هيومن رايتس ووتش المنشورات على حساب بن شوشان على فيسبوك والتي نُشرت قبل أيام من اعتقاله، وخلصت إلى أنها تشكل خطابا سلميا محميا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. في أحد المنشورات، ظهر بن شوشان في صورة خلال مظاهرة في تونس يحمل لافتة تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين. وكان قد أعاد نشر رسائل تدعو التونسيين إلى النزول إلى الشوارع للاعتراض على "ثورتنا إلي تفكت منا" (أي مصادرة الثورة) ودعوة إلى مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين في ذكرى الثورة التونسية العام 2011.

بعد استيلاء الرئيس قيس سعيّد على السلطة في يوليو/تموز 2021، كثفت السلطات بشكل كبير قمعها ضد المعارضة. وقد قيّدت بشكل متزايد حرية التعبير من خلال مقاضاة الأشخاص وسجنهم، بمن فيهم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيون والنشطاء والمحامون، بسبب تصريحاتهم في وسائل الإعلام أو على الإنترنت.

استخدمت السلطات التونسية منهجيا الاحتجاز التعسفي بسبب جرائم التعبير، وحولته إلى حجر الزاوية في سياساتها القمعية. ووجهت تهما تتعلق بالأمن والإرهاب، تشمل تهما يعاقَب عليها بالإعدام، لاستهداف المعارضين السياسيين والنشطاء، وتكميم أفواه المنتقدين، وحرمان التونسيين من حقوقهم المدنية والسياسية. منذ 2022، قوّض سعيّد وحكومته أيضا استقلالية السلطة القضائية بشكل منهجي، واستخدماها سلاحا لسَجن أبرز منتقدي الرئيس ومعارضيه أو إسكاتهم.

حوكم 10 معارضين على الأقل هذا العام بتهمة قد تؤدي إلى عقوبة الإعدام، وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة.

في حين أن تونس تلتزم منذ 1991 بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، إلا أن المحاكم تواصل إصدارها. وفقا لـ "منظمة العفو الدولية"، فرضت المحاكم التونسية أكثر من 12 حكما بالإعدام في 2024، ليصل عدد الأشخاص الذين يُعرف بأنهم محكوم عليهم بالإعدام في تونس إلى 148 بحلول نهاية ذلك العام.

تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي جميع الظروف من حيث المبدأ، لأنها غير إنسانية، وفريدة في قسوتها وكونها لا رجوع عنها، ويشوبها التعسف والتحيز والخطأ في الحالات كافة.

تونس دولة طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، اللذين يضمنان الحق في حرية التعبير والتجمع، والحق في محاكمة عادلة، والحق في عدم التعرض للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي.

قال خواجا: "هذه العقوبة غير المبررة بأي حال هي رد فعل شائن على النقد السلمي عبر الإنترنت، ولا تؤدي إلا إلى اهتزاز الثقة بالقضاء. حصول بن شوشان على عفو رئاسي شبه فوري يظهر تطرف العقوبة، وانفصال القضاء عن الواقع، والإحراج الكبير الذي تشكّله هذه العقوبة لتونس".

GIVING TUESDAY MATCH EXTENDED:

Did you miss Giving Tuesday? Our special 3X match has been EXTENDED through Friday at midnight. Your gift will now go three times further to help HRW investigate violations, expose what's happening on the ground and push for change.
الموضوع

الأكثر مشاهدة