Skip to main content
تبرعوا الآن

المغرب: الحُكم على ناشط على خلفية تعبيره السلمي

أوقفوا القمع واحترموا الحقوق الأساسية

فؤاد عبد المومني (يسار) وأعضاء آخرون من "الائتلاف الوطني من أجل ملكية برلمانية الآن" في المغرب في مؤتمر صحفي يوم 28 يونيو/حزيران 2011 بالرباط. © 2011 عبد الحق سنا/أ ف ب عبر غيتي إيمجز

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي" اليوم إن محكمةً بالدار البيضاء حكمت في 3 مارس/آذار 2025 على الناشط البارز فؤاد عبد المومني بالسَّجن ستة أشهر وغرامات مالية بسبب منشور على "فيسبوك". ينبغي للسلطات المغربية أن تُنهي فورا قمعها المُتصاعد بحق النشطاء، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير وأن تُبطل إدانته.

حُكم على عبد المومني، الذي كان مسافرا خارج البلاد، غيابيا بالسَّجن ستة أشهر وغرامة قدرها 2,000 درهم (حوالي 208 دولارات أمريكية)، بسبب منشور على فيسبوك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرسمية. قال عبد المومني، عضو "اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في هيومن رايتس ووتش، إنه سيستأنف الحكم.

قالت بلقيس جراح، المديرة بالإنابة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "اقتياد ناشط مغربي آخر إلى المحكمة والحكم عليه بالسَّجن لمجرد التعبير عن رأيه بشأن العلاقات بين المغرب ودولة أخرى يُظهر مدى فظاعة هذا القمع لحرية التعبير. ينبغي لماكرون الضغط على حليفه ملك المغرب لإنهاء هذه الأساليب القمعية والإفراج عن جميع المعتقلين بسبب التعبير السلمي".

اعتقلت الشرطة المغربية عبد المومني في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في تمارة، قرب العاصمة الرباﻁ. اتهمه ممثل النيابة العامة في المحكمة الابتدائية الزجرية في عين السبع في 1 نوفمبر/تشرين الثاني بـ "إهانة هيئة منظمة، ونشر ادعاءات كاذبة، والتبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها". تشير هذه التهم إلى منشور في فيسبوك في 28 أكتوبر/تشرين الأول ينتقد العلاقات المغربية-الفرنسية ويقول إن الحكومة تستخدم برامج تجسس لاستهداف المعارضين. أُفرِج عن عبد المومني مؤقتا في 1 نوفمبر/تشرين الثاني.

صرّح وكيل الملك بالدار البيضاء في 31 أكتوبر/تشرين الأول بأن مزاعم ضلوع السلطات المغربية "في الاتجار بالبشر وتنظيم الهجرة غير الشرعية، والتجسس بواسطة برمجيات بيغاسوس" تفتقر إلى الأدلة وزائفة.

دعت عريضة وقّعها نحو 300 ناشط ومدافع عن حقوق الإنسان السلطات المغربية إلى إبطال الحكم على عبد المومني، و"إلغاء إدانته والإفراج عن جميع معتقلي الرأي في المغرب وباقي بلدان المغرب العربي".

عبد المومني هو منسق "الهيئة المغربية لمساندة السجناء السياسيين"، ومنتقدٌ صريح للنظام السياسي المغربي. استهدفته السلطات لسنوات بسبلٍ شملت المراقبة الرقمية، وانتهاك خصوصيته، والمضايقات المتكررة من قبل وسائل الإعلام المرتبطة بأجهزة الأمن المغربية، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. كان سجينا سياسيا في عامي 1977 و1982، وقال إنه تعرض حينها للتعذيب والإخفاء القسري.

علم عبد المومني العام 2019 أن هاتفه يحمل برمجية "بيغاسوس" للتجسس، الذي طوّرته وتبيعه شركة "إن إس أو غروب" الإسرائيلية. تتيح هذه البرمجية الدخول بلا موانع إلى كاميرا الهاتف، والميكروفون، والمكالمات الصوتية، والصور والفيديوهات والملفات الصوتية، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية، وغيرها من وظائف الهاتف، ما يُتيح مراقبة شاملة للشخص المستهدَف وجهات اتصاله. توصلت تحقيقات "منظمة العفو الدولية" ومنظمة "قصص ممنوعة" إلى أن السلطات المغربية كانت وراء اختراق الهواتف الذكية لعدد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب آلاف الأشخاص الآخرين المحتملين، باستخدام بيغاسوس، بين 2019 و2021.

في ديسمبر/كانون الأول 2020، قدّم عبد المومني وآخرون وقعوا ضحايا برامج التجسس طلب تحقيق إلى "اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي". قال إن اللجنة لم تتخذ أي إجراء بشأن الشكوى، مُدّعية أنها "ليس لها صلاحية النظر في هذا النوع من المسائل". نفت السلطات المغربية مرارا استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على المعارضين.

عام 2020، أرسل حساب مجهول في "واتساب" ستة فيديوهات إلى بضع عشرات من الأشخاص، منهم أصدقاء ونشطاء وأقارب مقرّبون لعبد المومني وشريكته، تُظهرهما في أوضاع حميمة قبل زواجهما. يعتقد عبد المومني أنه زُرِعت كاميرات سرّا داخل شقته.

يُعاقب القانون الجنائي المغربي العلاقات الجنسية بالتراضي بين البالغين غير المتزوجين بالسَّجن لمدة تصل إلى عام. نشْرُ هذه العلاقات قد يُعرّض النساء خصوصا لوصمة عار دائمة. قال عبد المومني إن تداول هذه المقاطع دفعه إلى الابتعاد مؤقتا عن الأضواء لحماية شريكته وأمنه وخصوصيته.

لكن بعد استئنافه انتقاد السلطات، كشفت قناة "شوف تيفي" في أكتوبر/تشرين الأول 2020 اسم شريكة عبد المومني وتفاصيل عن حياتها الخاصة وشهّرت بها.

في السنوات الأخيرة، صعّدت السلطات المغربية تكتيكاتها القمعية ضد عشرات الصحفيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وأدانتهم بتهمة التشهير ونشر "أخبار كاذبة" و"الإهانة" أو "الإساءة" بحق بمسؤولين محليين أو هيئات حكومية أو رؤساء دول أجنبية، والمس بأمن الدولة أو المؤسسة المَلَكية.

وفي تصعيد كبير، اعتقلت "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" في الدار البيضاء في 1 مارس/آذار 2025 أربعة أفراد من عائلة اليوتيوبر المغربي المقيم في كندا هشام جيراندو، فيما يبدو أنه رد انتقامي على فيديوهاته الجريئة على "يوتيوب"، التي تندد بالفساد المزعوم لشخصيات عامة وكبار المسؤولين المغاربة. ينتظر الأربعة، وهم شقيقة جيراندو وزوجها وابن أخيه وابنة أخيه البالغة من العمر 13 عاما، المحاكمة بتهمة التواطؤ في "بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة بغرض المس بالحياة الخاصة والتشهير" بأشخاص، والمشاركة المزعومة في التهديد.

استُدعي الناشط إسماعيل الغزاوي للاستجواب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على خلفية دعوات إلى الاحتجاج على تسهيل المغرب نقل الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، ووُجهت إليه تهمة التحريض على ارتكاب جرائم. حكمت عليه محكمة في الدار البيضاء بالسَّجن سنة وغرامة قدرها 5,000 درهم (حوالي 520 دولار أمريكي) في 10 ديسمبر/كانون الأول. في 5 فبراير/شباط 2025، خففت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء عقوبة السَّجن إلى أربعة أشهر، منها شهران مع وقف التنفيذ، وأمرت بالإفراج عنه.

في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قضت المحكمة الابتدائية بالرباط على حميد المهداوي، رئيس تحرير موقع "بديل" الإلكتروني، الذي لطالما انتقد الحكومة، بالسَّجن 18 شهرا وغرامة قدرها 1.5 مليون درهم (حوالي 156,600 دولار) بتهمة "بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، والقذف، والسب العلني"، وذلك بعد أن ذكر اسم وزير في فيديو. حُكم على المهداوي سابقا بالسَّجن مرات عدة على خلفية التعبير السلمي.

ينبغي للبرلمان المغربي إلغاء جميع الأحكام التي تُجرّم أفعال التعبير السلمي، بما فيها إهانة الموظفين العموميين ومؤسسات الدولة، والتي يُمكن أن تُعاقَب بالسَّجن بموجب القانون الجنائي.

يكفل دستور المغرب حماية الحياة الخاصة، والفكر، والرأي، والتعبير. كما أن المغرب طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي يضمن الحق في حرية التعبير والخصوصية.

قالت جراح: "سعيُ النظام الملكي المغربي إلى تقديم نفسه كنظام تقدمي يتعارض بشكل صارخ مع الممارسات القمعية لقوات الأمن. السبيل الوحيد لمواءمة هذين المسارين هو إنهاء قمع المنتقدين وضمان حق الناس في التعبير عن آرائهم سلميا".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة