حضرة السيد لامي المحترم،
تحية طيبة وبعد،
تهانينا على تولّيكم منصب وزير الخارجية في بريطانيا. بصفتكم وزير الخارجية، لديكم فرصة مبكرة للوفاء بوعدكم وبوعد حزب العمال بالدفاع عن سيادة القانون الدولي ودعم عمل المؤسسات المرموقة عالميا مثل "المحكمة الجنائية الدولية". سيتطلب ذلك أن تسحب الحكومة الجديدة على الفور طلب الحكومة السابقة بتقديم ملاحظات مكتوبة إلى الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية (والذي مُنح مع تمديد الموعد النهائي إلى 26 يوليو/تموز 2024). يطعن هذا الطلب في اختصاص المحكمة على المواطنين الإسرائيليين فيما يتعلق بطلب المدعي العام بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
رحبنا بتصريحاتكم القوية لدعم طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في 20 مايو/أيار 2024 بإصدار أوامر اعتقال كجزء من تحقيقه في فلسطين وبتعهدكم بأن حزب العمال سيُنفّذ أي أوامر اعتقال يُصدرها قضاة المحكمة، بناء على إيمان الحزب بالنظام الدولي القائم على القواعد وفصل السلطات.
اتخذت الحكومات البريطانية السابقة نهجا انتقائيا حيال تطبيق القانون الدولي، وأظهرت معايير مزدوجة بشأن المساءلة والعدالة، بما يشمل عبر مواقفها من القضايا المطروحة أمام المحكمة الجنائية الدولية. أدى هذا إلى إلحاق ضرر كبير بمصداقية بريطانيا كمدافع مبادئي عن القانون الدولي وتقويض نفوذها مع الشركاء في جميع أنحاء العالم.
قادت الحكومة السابقة عام 2022 جهودا لإحالة الوضع في أوكرانيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، ورحبت بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن. يتناقض هذا بشدّة مع طعون الحكومة السابقة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم التي يُزعم ارتكاب مواطنين إسرائيليين لها.
سعت الحكومة البريطانية السابقة إلى التحجج أمام الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية بأن المحكمة لا يمكنها ممارسة الولاية القضائية الجنائية على المواطنين الإسرائيليين بسبب أحكام في "اتفاقيات أوسلو". لا تلتف اتفاقيات أوسلو على تفويض المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخاضعة لولاية المحكمة على أراضي دولة طرف. فضلا عن ذلك، كمسألة سياساتية، يتعين على حكومة بريطانيا دائما تفضيل تفسير يعزز المساءلة للجميع دون تمييز.
كما قلتم، لعبت بريطانيا دورا حيويا في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، حيث كان السبب الحقيقي لإنشائها وجود ظروف مثل هذه تكون فيها المحاكم الوطنية غير قادرة على، أو غير راغبة في، توفير المساءلة الحقيقية عن أخطر الجرائم. لم تحقق السلطات الإسرائيلية والفلسطينية بشكل موثوق ولم تلاحق الجرائم الخطيرة المزعومة، مما يؤكد أهمية عمل المحكمة الجنائية الدولية.
من شأن الموقف الذي اعتمدته الحكومة البريطانية السابقة في سعيها للحصول على إذن بتقديم مذكرات باعتبارها من أصدقاء المحكمة، إذا ما تم تبنيه، خلق فراغ في المساءلة عن الجرائم الخطيرة التي ارتكبها مواطنون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يقوّض بشكل أساسي جهود العدالة الدولية والتصور السائد عن بريطانيا بأنها تقف إلى جانب سيادة القانون للجميع. ينبغي للحكومة البريطانية الجديدة أن تدعم بحزم العدالة المحايدة والمستقلة على الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف لتكون صوتا موثوقا للعدالة الدولية على مستوى العالم.
إذا لم يُسحب طلب تقديم الملاحظات، فقد يساهم ذلك في تأخير أي مذكرات اعتقال، ضد قادة حماس والمسؤولين الإسرائيليين، وهو ما يكون على حساب وصول جميع الضحايا إلى العدالة.
سيكون قرار الحكومة الجديدة بشأن سحب طلبها بالطعن في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمثابة اختبار أولي مهم لما إذا كان حزب العمال سوف يميز نفسه عن سابقه ويظهر نفسه كمدافع عن الدور الحيوي للمحكمة الجنائية الدولية في ضمان المساءلة والعدالة للجميع بدون تمييز.
مع وافر الاحترام والتقدير،
ياسمين أحمد
مديرة مكتب المملكة المتحدة
"هيومن رايتس ووتش"
ساشا ديشموك
المدير التنفيذي
"منظمة العفو الدولية"
روبرت سكيلبي
مدير
"ريدريس"