(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على حلفاء الإمارات، بما يشمل الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأعضاء في "الاتحاد الأوروبي"، الخروج عن صمتهم بشأن المحاكمة الجماعية الجائرة لقرابة 84 معارضا سياسيا وناشطا حقوقيا. على هذه الحكومات إرسال مراقبين إلى جلسة النطق بالحكم يوم 10 يوليو/تموز 2024.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، أثناء استضافة "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ" (كوب 28)، وجّهت السلطات الإماراتية اتهامات إلى قرابة 84 مدعى عليهم، في ثاني أكبر محاكمة في تاريخ البلاد، انتقاما منهم لتشكيل مجموعة مناصرة مستقلة في العام 2010. شابت المحاكمة انتهاكات للمحاكمات العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، شملت ادعاءات سوء المعاملة التي تصل حد التعذيب، وقيام القضاة بتلقين الشهود، وانتهاكات للمبدأ الذي يمنع ازدواج المحاكمة على الجرم نفسه، وإحاطة الجلسات بالسرية.
قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: "على الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وحلفاء الإمارات الآخرين مناصرة الإماراتيين الشجعان الـ84 الذين يواجهون أحكاما بالسَّجن المؤبد لمجرد التعبير عن معتقداتهم السياسية والدفاع عن حقوق الإنسان. على حلفاء الإمارات الحث على الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء النشطاء، والالتقاء بأُسرهم، وإرسال مراقبين للمحاكمة، وإشهار إدانتهم للمحاكمة الجائرة".
في بيان صدر في 6 يناير/كانون الثاني، اتهمت السلطات الإماراتية المتهمين الـ84 بـ "إنشاء تنظيم سري... بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة"، في إشارة إلى "لجنة العدالة والكرامة". يبدو أن هذه الاتهامات ناتجة عن قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي المسيء الصادر في 2014، والذي يوقع عقوبات تصل إلى السَّجن المؤبد، وحتى الإعدام، بحق أي شخص ينشئ أو ينظم أو يدير منظمات مشابهة. في 10 مايو/أيار، أعلنت "وكالة أنباء الإمارات" الرسمية أن الحكم في هذه القضية سيصدر في 10 يوليو/تموز.
حثت هيومن رايتس ووتش الحكومات على إرسال مراقبين لرصد جلسات المحاكمة، التي تدّعي الإمارات أنها مفتوحة أمام الجمهور. لكن على حد علم هيومن رايتس ووتش، لم ترسل أي سفارة في الإمارات مراقبين. كما طلبت هيومن رايتس ووتش من الحكومات إدانة انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة والدعوة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المتهمين. لم يُصدر حلفاء الإمارات أي بيانات علنية تدعو إلى إطلاق سراحهم أو تعرب عن قلقها بشأن إجراءات المحاكمة، رغم ادعاء العديد من تلك الحكومات نفسها بشكل منتظم أن حقوق الإنسان جزء مهم من سياستها الخارجية.
احتُجز العديد من المتهمين الـ84 انفراديا وبمعزل عن العالم الخارجي لمدة عام على الأقل، وأفادوا عن ظروف احتجاز مسيئة، شملت الاعتداءات الجسدية، والحرمان من الأدوية والرعاية الطبية اللازمة، والموسيقى الصاخبة المتواصلة، والتعرية القسرية.
وفقا لـ "مركز مناصرة معتقلي الإمارات"، أُدين في العام 2013 قرابة 60 متهما لارتباطهم بـ لجنة العدالة والكرامة، ما يثير مخاوف بشأن انتهاك السلطات الإماراتية المبدأ الذي يمنع تكرار المحاكمة على الجرم ذاته بعد تلقي حكم نهائي.
وبينما ادعى بيان صادر في يناير/كانون الثاني عن وكالة أنباء الإمارات أن القضية "علنية"، فرضت السلطات الإماراتية قيودا مشددة على حضور الجلسات، حتى لأفراد الأسر، وأبقت طيَّ الكتمان التفاصيل الأساسية للقضية، بما فيها أسماء جميع المتهمين.
كما حالت السلطات الإماراتية دون اطلاع المحامين على ملفات القضايا ووثائق المحكمة بحريّة. قال الأقارب إن المحامين لم يحصلوا على ما يبدو على نسخ ورقية أو إلكترونية من وثائق المحكمة، واطلعوا عليها فقط على شاشة في غرفة خاضعة للحراسة وتحت إشراف عناصر الأمن. قالت مصادر مطلعة إنه لا يُسمح للمحامين بالتقاط صور للمستندات، ويُسمح لهم فقط بتدوين ملاحظات بخط اليد.
قالت شيا: "هذه ثاني أكبر محاكمة جماعية جائرة بحق معارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين في تاريخ الإمارات من دون أن يثير المجتمع الدولي أي مخاوف. لطالما استخدمت الإمارات علاقاتها الاقتصادية والأمنية لمنع انتقاد سجلها الحقوقي، ولكن نادرا ما وصل صمت حلفائها إلى هذا الحد".