قد يبدو خبرا إيجابيا للبعض أن سوريا سمحت لـ "الأمم المتحدة" باستخدام معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لتسليم المساعدات الإنسانية الضرورية جدا إلى الشمال الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة. لكن لا يمكن الاعتماد على الحكومة السورية لضمان وصول المساعدات إلى من يحتاج إليها.
قبل يومين، لم يُجدّد "مجلس الأمن الدولي" الإذن باستخدام هذا الممر الحيوي للمساعدات. بالأمس، وجهت سوريا رسالة إلى الأمم المتحدة تبلغها بأن بإمكانها استخدام المعبر – بشرط الالتزام الأممي بمحاذير غير مقبولة.
قبول الدول المانحة بترتيب يسمح للأمم المتحدة بتسليم المساعدات إلى شمال غرب سوريا للأشهر الستة المقبلة فقط إذا كان بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية، كما ورد في الرسالة، يعني وضع مصير أكثر من 4 ملايين شخص ذوي وضع هش في يد الحكومة نفسها التي هجّرتهم، وسلبتهم معيشتهم، وحاصرتهم.
لأكثر من عقد من الزمان، تعرقل الحكومة السورية منهجيا المساعدات الإنسانية وتستغلها لتحقيق مصالحها الخاصة ومعاقبة خصومها المفترضين. لذا، قبل حوالي عشر سنوات، أصدر مجلس الأمن الدولي لأول مرة قرارا بشأن عبور الحدود يتجاوز موافقة الحكومة السورية، وبالتالي، أصبحت عمليات الإغاثة بقيادة الأمم المتحدة طوق نجاة للمدنيين في شمال سوريا.
لكن محاولات روسيا تقويض القرار في مجلس الأمن، الذي شهد سابقا تخفيض عدد ممرات المساعدات عبر الحدود إلى المناطق الخاضعة لسيطرة جهات غير حكومية من أربعة معابر إلى واحد، نجحت في إنهائه فعليا هذا الأسبوع.
ينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة البحث عن سبل أخرى لتسليم المساعدات المنقذة للحياة إلى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق خارج سيطرة الحكومة، بشكل محايد، ومبدئي، ولا يخضع للتسييس.
هذا أمر أساسي. في أعقاب الزلازل المدمرة التي ضربت شمال سوريا في فبراير/شباط، أدى الاعتماد على معبر حدودي واحد بتفويض من مجلس الأمن إلى شمال غرب سوريا إلى حرمان الملايين من تعزيزات البحث والإنقاذ الحيوية والمساعدات المنقذة للحياة لأسبوع كامل. يجب ألا يتكرر ذلك.
في الوقت نفسه، على أعضاء مجلس الأمن العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى إجماع يعطي الأولوية لحقوق السوريين. إذا لم يتحرك المجلس مجددا، يمكن التوجه إلى "الجمعية العامة للأمم المتحدة" للتدخل، كما فعلت في الماضي، لإنشاء مسارات للمساءلة والعدالة أثناء جمود مجلس الأمن.
السماح لسوريا بإملاء تدفق المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة يُعرّض حياة ملايين السوريين، وحقوقهم، وكرامتهم لخطر كبير.