(بيروت) – قالت تسع منظمات اليوم إنه ينبغي للسلطات المصرية زيادة الشفافية عبر نشر أعداد المحتجزين والسجناء في البلاد. ينبغي أن يتضمن ذلك الإفصاح عن أعداد الأشخاص الذين احتُجزوا في السنوات الأخيرة في إطار قمع المعارضة في مختلف أنحاء البلاد.
آخر تقرير سنوي حول عدد السجناء أصدره "قطاع مصلحة السجون" التابع لوزارة الداخلية يعود إلى التسعينات. في السنوات الأخيرة تكرر رفض مسؤولين كبار، منهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الإجابة عن أسئلة الصحفيين حول أعداد السجناء. وتعتقد منظمات حقوقية أن أعداد السجناء ارتفعت كثيرا خلال حكم الرئيس السيسي بعد احتجاز السلطات عشرات آلاف المعارضين، أو مَن تعتقد السلطات أنهم معارضون، منذ أواخر 2013. وقد أدى القمع إلى اكتظاظ خطير في مراكز الاحتجاز ومفاقمة ظروفها، التي هي أصلا غير إنسانية.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تحجب الحكومة المصرية معلومات حول أعداد السجناء وكأنها أسرار دولة، لكن من حق المصريين معرفة عدد الأشخاص الذين تحتجزهم حكومتهم وكيف تعاملهم. غياب الشفافية حول أعداد السجناء يحرم المجتمع المدني من أدوات أساسية لتقييم فعالية النظام الجنائي، ورصد ظروف الاحتجاز، وغيرها من القضايا الحقوقية الأساسية".
قالت المنظمات إنه ينبغي للسلطات المصرية إنشاء قاعدة بيانات على الإنترنت تكون متاحة لعائلات المحتجزين كي تتمكن من تحديد مكانهم بسهولة ومتى يُنقلون وأين، وكذلك الوصول إلى معلومات حول وضعهم الصحي والقانوني. وينبغي للسلطات أيضا السماح للمنظمات بزيارة مراكز الاحتجاز، وإنشاء سلطة مستقلة لمراقبة السجون والتحقيق في ادعاءات سوء المعاملة، ونقل صلاحية إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل.
في السنوات الأخيرة، دأبت السلطات المصرية على نشر فيديوهات ومواد دعائية أخرى حول منشآت الاحتجاز الجديدة تقدم صورة وردية عن معاملة السجناء، بينما حجبت جميع أماكن الاحتجاز عن التفتيش المستقل من قبل الصحفيين والمنظمات غير الحكومية. ويتقاعس القضاة وأعضاء النيابة العامة منهجيا عن زيارة السجون أو نشر بيانات شفافة حول ظروفها.
باستثناء بعض السجون العسكرية التي تخضع لإشراف وزارة الدفاع، جميع السجون الرسمية في مصر تُدار من قبل وزارة الداخلية عبر قطاع مصلحة السجون أو مديريات الأمن أو هيئات أخرى. غير أن آلاف السجناء محتجزون في مراكز الشرطة، بالإضافة إلى مواقع احتجاز سرية غير رسمية يديرها "قطاع الأمن الوطني" الذي يمارس الانتهاكات.
وجدت ورقة بحثية لـ "مبادرة الإصلاح العربي"، وهو مركز أبحاث في باريس، أن الحكومة المصرية أنشأت عشرات السجون الجديدة بين 2013 و2021، منها سبعة سجون على الأقل تحت إدارة قطاع مصلحة السجون، ما يرفع عدد السجون تحت إدارتها إلى 49. وأفادت تقارير أن أكثر من 30 سجنا جديدا أُنشئ تحت إدارة هيئات أخرى (تحديدا مديريات الأمن) تابعة لوزارة الداخلية، ما يرفع عدد منشآت الاحتجاز الرسمية إلى 168 تقريبا في 2021، وذلك ما عدا مراكز الشرطة. ونقلت وسائل إعلام أن العديد من السجون أُنشئت بموجب عقود بناء غير شفافة، وصلت تكلفتها في إحدى الحالات إلى مليار جنيه مصري (140 مليون دولار أميركي، في 2013 و2014).
في 2013، وقبل إنشاء السجون الجديدة، قال وكيل وزارة الداخلية المشرف على قطاع مصلحة السجون إن الـ 44 سجنا تحت إدارته يمكنها استيعاب حتى 75 ألف شخص. تقع بعض السجون الجديدة في مجمع السجون الجديد في وادي النطرون، على بعد 100 كيلومتر شمال شرق القاهرة، الذي افتُتح في أكتوبر/تشرين الأول 2021. قال السيسي إنه أكبر مجمع سجون تم بناؤه في مصر ووصفه بأنه يتبع "نسخة أميركية كاملة". وبينما زعمت وسائل إعلام مصرية أنه أحد أكبر السجون في العالم، لم تكشف السلطات عن تكلفة البناء أو قدرته الاستيعابية القصوى؛ بينما قال "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في 2022 إن بإمكان المجمع استيعاب أكثر من 20 ألف شخص.
رغم أن الحكومة المصرية لا تنشر أي أرقام مفيدة حول عدد السجناء، قدم بعض المسؤولين معلومات وتقديرات غير وافية. إذ زعم مسؤولون في 2019 و2020 أنهم أفرجوا عن عشرات آلاف السجناء، إفراجا كليا أو مشروطا، مثل المسجونين بسبب تخلفهم عن دفع الديون. في 2017، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب حينها علاء عابد في اجتماع برلماني إن نصف السجناء في مصر محبوسون احتياطيا، أي أنه لم يكن قد حكم عليهم قاضٍ بعد.
أرسلت المنظمات الموقعة كتابا يتضمن أسئلة مفصلة حول عدد السجناء في مصر في 15 ديسمبر/كانون الأول 2022 و19 يناير/كانون الثاني 2023، إلى وزارة الداخلية، ومكتب النائب العام، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، لكنها لم تحصل على أي جواب. طلبت المنظمات من السلطات تزويدها بمعلومات حول عدد المحتجزين في السجون ومنشآت الاحتجاز الأخرى، مثل مراكز الشرطة ومنشآت الهجرة والمستشفيات، بالإضافة إلى تفصيل العدد تبعا للنوع الاجتماعي، والسن، والمحكومين مقابل المحبوسين احتياطيا.
وطلبت المنظمات أيضا توضيح عدد المحتجزين لجرائم متعلقة بممارسة حقوقهم الدستورية السلمية والمحتجزين لجرائم متعلقة بالعنف