يصادف اليوم مرور 11 عاما على انزلاق الانتفاضة السلمية في سوريا إلى نزاع مسلح وحشي، دون أن تلوح في الأفق بوادر تحقيق العدالة الشاملة بوجه الانتهاكات الهائلة المرتكبة هناك.
ومع انسداد وسائل عدة لمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، يفتح مبدأ الولاية القضائية العالمية الباب أمام الناجين لنيل قدر ضئيل من العدالة عبر المحاكم الأوروبية.
تسمح الولاية القضائية العالمية بالتحقيق في الجرائم الخطيرة وملاحقتها قضائيا أيا كان مكان ارتكابها أو جنسية جناتها أو ضحاياها. تستخدم بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا والسويد، هذه القوانين للتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم خطيرة في سوريا، وهو أحد خيارات المساءلة القليلة المتاحة لضحايا الفظائع المرتكبة هناك.
أصدرت "هيومن رايتس ووتش" اليوم أرشيفا صوتيا يتضمن مقابلات مع ناجين سوريين، وصحفيين، ونشطاء، ومحامين وآخرين منخرطين في النضال من أجل العدالة في سوريا. يركز هذا الأرشيف بشكل خاص على المحاكمة الألمانية بموجب الولاية القضائية العالمية التي جرت مؤخرا في مدينة كوبلنز في يناير/كانون الثاني، وفيها أدانت محكمة المدينة مسؤول المخابرات السورية السابق أنور ر. بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وحكمت عليه بالسجن المؤبد. تُظهر محاكمة ألمانية ثانية جارية حاليا في فرانكفورت لجرائم ضد الإنسانية أن جهود العدالة تكتسب زخما.
على مدار العقد الماضي، اعتقلت السلطات السورية عشرات الآلاف تعسفا واحتجزتهم بشكل غير قانوني وأخفتهم قسرا وعذبتهم. كما ارتكبت أطراف النزاع الأخرى انتهاكات جسيمة مع إفلاتها من العقاب.
يتعين القيام بالكثير للتصدي للفظائع الهائلة في سوريا، وينبغي للمجتمع الدولي فعل كل ما يمكن لتفكيك ثقافة الإفلات من العقاب وتعزيز الجهود الجارية لمحاسبة المسؤولين لأن الناجين والضحايا يستحقون العدالة ويجب عدم نسيانهم.