عندما ترشح لمنصب الرئيس، وعد الرئيس بايدن "بضمان عدم تخلي أمريكا عن قِيمها لبيع الأسلحة أو شراء النفط". في سياق النزاع اليمني، قد لا يكون الوفاء بهذا الوعد سهلا، لكنه واضح: على حد تعبير بايدن نفسه، على أمريكا "إنهاء دعم الولايات المتحدة لحرب السعودية في اليمن". لسوء الحظ، كان رد الإدارة على التصعيد الأخير في النزاع هو العودة إلى نفس قواعد اللعبة الفاشلة كما الإدارات السابقة، مما يخاطر بمزيد من التواطؤ في انتهاكات التحالف السعودي الإماراتي.
دمر الصراع في اليمن حياة ملايين اليمنيين على مدى السنوات السبع الماضية، لكن التصعيد الأخير في الأعمال العدائية يبيّن التكلفة القاتلة للوعود الكاذبة. على صانعي السياسة الأمريكيين اتخاذ إجراءات جريئة تهدف إلى وقف الانتهاكات المستمرة ودعم المساءلة في اليمن.
في 2015، بدأت السعودية والإمارات حملة عسكرية ضد "جماعة الحوثي" المسلحة ردا على استيلاء الجماعة على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014. الآن، مع دخول النزاع عامه السابع، يُقدر "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) النزاع تسبب في وفاة نحو ربع مليون شخص. بالإضافة إلى ذلك، يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي.
في وقت مبكر من الصراع، بدأت الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة والدعم اللوجستي والاستخباراتي للتحالف بقيادة السعودية والإمارات. على مدى سنوات، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات أخرى انتهاكات جسيمة على الجانبين. تشمل هذه الانتهاكات أكثر من 90 غارة جوية عشوائية وغير قانونية من قبل التحالف ضد المدنيين يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب. شملت بعض الهجمات استخدام أسلحة أمريكية.
رغم أن القانون الأمريكي يحظر بيع الأسلحة إلى الحكومات التعسفية، سمحت الإدارات المتعاقبة بمبيعات أسلحة بقيمة 36 مليار دولار على الأقل إلى الحكومتين السعودية والإماراتية، بناء على البيانات المتاحة للجمهور. بذلك، اختارت الولايات المتحدة تجاهل أو تمكين الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة، التي ارتُكبت أثناء النزاع.
في غضون ذلك، واصلت جميع الأطراف ارتكاب الانتهاكات. اشتدت المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن انعدام المساءلة عن الجرائم الخطيرة في أكتوبر/تشرين الأول عندما صوّت أعضاء "مجلس حقوق الإنسان" التابع لـ"الأمم المتحدة"، تحت ضغط من السعودية والإمارات، بفارق ضئيل على إنهاء ولاية "فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين بشأن باليمن"، وهو الهيئة الدولية المستقلة الوحيدة التي توثّق الانتهاكات من قبل جميع أطراف النزاع.
لكن غياب المساءلة أدى إلى المزيد من الانتهاكات وأطال أمد الوضع القائم. في تصعيد أخير في يناير/كانون الثاني، شنّت قوات الحوثي هجوما صاروخيا وهجوما بطائرات مسيّرة على أبو ظبي، استهدف جزئيا مطارات مدنية، ردا على طرد القوات اليمنية المدعومة من الإمارات لقوات الحوثي خارج أراضي محافظة شبوة. أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين. ردا على ذلك، شنّ التحالف غارات جوية في جميع أنحاء اليمن، يبدو أن العديد منها غير متناسب، بما في ذلك قصف سجن في صنعاء أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا، وفقا لـ"أطباء بلا حدود".
ردا على التصعيد الأخير، يبدو أن إدارة بايدن ضاعفت دعمها للتحالف، مُعلنة بيع المزيد من الطائرات المقاتلة للإمارات. قال بايدن إن الإدارة تدرس إعادة تصنيف الحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية". كان بايدن قد أنهى هذا التصنيف، الذي فُرض في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب وعارضته المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان لأنه يهدد المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للبقاء على قيد الحياة.
بالإضافة إلى احتمال انتهاك القانون الأمريكي، يُعرّض استمرار مبيعات الأسلحة للتحالف الولايات المتحدة لخطر التواطؤ في جرائم حرب محتملة. تتعارض المبيعات أيضا مع العدالة والمساءلة عن الانتهاكات السابقة بالنظر إلى تحقيقات التحالف المعيبة بشكل مخيف في الضربات التي شنّها.
لكن لم يفت الأوان بعد على إيلاء إدارة بايدن الأولوية لحقوق الإنسان والمساءلة في اليمن. دعت هيومن رايتس ووتش ومنظمات يمنية ودولية أخرى الولايات المتحدة وحلفائها إلى وقف بيع الأسلحة للتحالف. إذا لم تستطع إدارة بايدن أن تتصرف أو امتنعت عن التصرف، على "الكونغرس" أن يتدخل. على وجه التحديد، على الكونغرس أن يُبلغ الإدارة علنا وسرا أن مبيعات الأسلحة للتحالف يجب أن تتوقف، وأنه لا ينبغي إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة "إرهابية".
على الإدارة أيضا إعطاء الأولوية لإعادة إنشاء آلية مساءلة أممية لمحاسبة جميع الأطراف في اليمن على انتهاكات القانون الدولي، مع التركيز على المساءلة الجنائية عن انتهاكات الحقوق وجرائم الحرب المحتملة.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات الجريئة والضرورية الآن، يمكن للولايات المتحدة أن ترى أخيرا الحرب في اليمن على حقيقتها: صراع يرتكب فيه جميع الأطراف انتهاكات خطيرة، وكما قالت الأمم المتحدة، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. على الولايات المتحدة القيام بدورها للمساعدة في وضع حد للمعاناة المطوّلة لملايين اليمنيين.