Skip to main content

المحكمة العليا الإسرائيلية تصدر حكما بشأن الضرائب، مساهِمةً في حملة قمع المجتمع المدني الفلسطيني

نُشر في: The New Arab

بينما تتعالى أصوات الإدانة العالمية ضد السلطات الإسرائيلية لتصنيفها ست منظمات غير حكومية فلسطينية تحظى باحترام كبير كمنظمات إرهابية، وبينما يشير تحقيق إلى أنها استخدمت أدوات قرصنة عسكرية للتجسس على نشطاء فلسطينيين، دخلت المحكمة العليا الإسرائيلية على الخط بهدوء لتؤدي دورها في تقلص مساحة عمل المجتمع المدني الفلسطيني.

في حكم صدر في 27 أكتوبر/تشرين الأول، رفضت المحكمة العليا منح إعفاء ضريبي لمنظمة مسجلة في إسرائيل تدير مدرسة في الضفة الغربية بدعوى أن المدرسة تعلم أطفالا فلسطينيين، وليس إسرائيليين. يضع هذا القرار عبئا ماليا على منظمات المجتمع المدني التي تقدم خدمات للفلسطينيين، بما فيها منظمات تتحمل مسؤوليات تهربت منها الحكومة الإسرائيلية، وهي القوة المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

يعني هذا الحكم أن المنظمات المسجلة في إسرائيل والعاملة في الضفة الغربية ستحصل على إعفاءات ضريبية إذا قدمت خدمات للإسرائيليين اليهود الذين يعيشون في مستوطنات غير قانونية، ولن تحصل عليها إذا قدمت خدمات للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري في نفس المنطقة.

الوقائع التي يثيرها قرار المحكمة هي التالية: على مدى العقود الثلاثة الماضية، أدارت "جمعية لجنة العلوم والثقافة الإسلامية بالقدس" مدارس في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، بما فيها القدس الشرقية. تقدم الجمعية تقارير منتظمة إلى سجل المنظمات غير الربحية الإسرائيلي. في 2004، عندما أقامت السلطات الإسرائيلية حاجزا يفصل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، أغلقت المنظمة مدارسها في القدس وأبقت على مدرسة واحدة فقط في بير نبالا، وهي بلدة فلسطينية في الضفة الغربية داخل جيب محاط بالجدران والأسيجة.

يقطع الجدار الفاصل بير نبالا عن القدس الشرقية، وللوصول إلى باقي الضفة الغربية، يضطر السكان إلى استخدام بوابات الجدار أو الأنفاق المحفورة تحته. والطرق الرئيسية في بير نبالا، التي كانت طرقا تجارية في السابق، أصبحت الآن طريقا مسدودا ينتهي إلى جدار اسمنتي ارتفاعه ثمانية أمتار. أغلقت الجمعية مرافقها في القدس وأجّرتها لمؤسسة تعليمية أخرى مقابل حوالي 600 ألف دولار أمريكي سنويا.

يعفي البند 9 (2) من قانون ضريبة الدخل الإسرائيلي المنظمات غير الربحية من ضريبة الدخل إذا كانت تعمل "لمصلحة عامة"، مثل التعليم. لا يحدد القانون النطاق الجغرافي لتلك الخدمات، والمنظمات التي تخدم السكان اليهود في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية تتمتع بالإعفاء من ضريبة الدخل الإسرائيلية وغيرها من المزايا.

حَكَم قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية إسحق أميت، ودافيد مينتز، وأليكس شتاين بالإجماع بأن على الجمعية دفع ضريبة على دخلها من الإيجارات لأن إدارة مدرسة للأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية ليست "مصلحة عامة" لتدعمها الحكومة الإسرائيلية بشكل غير مباشر من خلال الإعفاء الضريبي.

مع أن القانون الدولي بشأن الاحتلال والقانون الدولي لحقوق الإنسان يلزمان إسرائيل بضمان قدرة الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية على الحصول على تعليم جيد، كما أن السلطة الفلسطينية ليس لها ولاية قضائية في المنطقة ج، حيث تقع المدرسة، وجدت المحكمة أن الخدمات التعليمية في بير نبالا ليس لها "ارتباط" بإسرائيل فيما يخص قانون الضرائب.

المذهل أن القرار يستند أيضا إلى كون الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع الإشراف بشكل فعال على أنشطة المنظمات غير الحكومية في "المناطق التي لا تخضع لسيطرتها"، على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية تحتفظ بسلطة حصرية على حي المدرسة في بير نبالا، بما في ذلك السيطرة المُحكَمة على التنقل من المنطقة وإليها، وعلى الأمن، والتراخيص، والبناء.

رفضت المحكمة حجة الجمعية بأن مدرستها في بير نبالا تخدم أيضا فلسطينيي القدس الشرقية الذين يحملون إقامة إسرائيلية وبالتالي يُعتَبرون "إسرائيليين"، وقالت إن المنظمة لم تثبت هذا الادعاء، بل سبق وصرّحت بعكسه.

هناك بالفعل فلسطينيون مقيمون في إسرائيل، خاصة ممن يحمل أزواجهم بطاقات هوية من الضفة الغربية وبالتالي لا يستطيعون دخول القدس دون تصاريح نادرة الصدور، يعيشون في بير نبالا ويرسلون أطفالهم إلى المدارس هناك. لكن لن يقدم أي فلسطيني مقدسي للسلطات الإسرائيلية أدلة على أن أطفاله يذهبون إلى المدرسة في بير نبالا، لأن ذلك قد يعرض وضع إقامته للخطر، وهي حقيقة لم تأخذها المحكمة بعين الاعتبار. فإسرائيل تشترط في وضع الإقامة ارتباط الشخص بالقدس، من بين عوامل أخرى، كجزء من سياستها لضمان التفوق الديموغرافي لليهود في القدس.

قرار المحكمة سابقة ملزمة وخروج عن الممارسات السابقة. وهو يضع عبئا ماليا على المنظمات المسجلة في إسرائيل والتي تخدم الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. هذا أحدث مثال على إقرار أعلى محكمة في إسرائيل الممارسات التمييزية التي تساهم في الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، في إطار سياسة شاملة للحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين، حتى في مسائل التعليم.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة