Skip to main content

مجلس حقوق الإنسان: على الدول اتخاذ إجراءات جريئة بشأن مصر

طال انتظار الرصد وتوجيه رسالة قوية حول حالة حقوق الإنسان المريعة

قوات الأمن المصرية تورطت بشكل منهجي في انتهاكات مثل التعذيب والإخفاء القسري واستخدمت قوانين وإجراءات مكافحة الإرهاب المسيئة لسحق المعارضة السلمية. قوات الأمن المصرية تحرس أحد مداخل سجن طرة في القاهرة، مصر. © 2015 حسان عمار/"آيه بي إيمدجز"

(جنيف) – حذرت أكثر من مئة منظمة حقوقية بارزة من شتى أنحاء العالم اليوم في رسالة وجهتها إلى وزراء الخارجية من أن مجتمع حقوق الإنسان المصري يواجه "إفناء" من قِبل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

طالبت المنظمات الحكومات بأن تقود وتدعم إنشاء آلية رصد وإبلاغ حول حالة حقوق الإنسان الآخذة في التدهور في مصر، مع اقتراب الدورة العادية الـ 46 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمقرر أن تبدأ في 22 فبراير/شباط 2021. إن إنشاء آلية للرصد والإبلاغ يُعدّ خطوة مهمة نحو تسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم الجاري ارتكابها، مع تقديم سبل انتصاف للناجين وأهالي الضحايا، ودرء وقوع المزيد من الانتهاكات، وفتح مسارات نحو المحاسبة.

قال جون فيشر، مدير مكتب جنيف في "هيومن رايتس ووتش": "على الحكومات في مجلس حقوق الإنسان أن توجه رسالة تأخرت كثيراً إلى الحكومة المصرية، بأن الانتهاكات تخضع وستخضع للرصد والإبلاغ، وأن المصريين الشجعان الذين يواجهون الاضطهاد كل يوم ليسوا وحدهم في نضالهم".

بعد عشر سنوات على انطلاق الانتفاضة التي شملت كامل أنحاء مصر عام 2011، وأدت إلى خلع الرئيس حسني مبارك، يعيش المصريون في ظل حكومة قمعية تخنق كافة أشكال المعارضة والتعبير السلمي. أظهرت الأسابيع الأخيرة أن التحرك الجماعي ممكن، ويمكن أن يكون له تأثير. قالت المنظمات في رسالتها: "لا يمكن أن نضمن نجاة حركة حقوق الإنسان المصرية في الفترة المقبلة إلا عبر تحرك مستمر ودؤوب".

طبقاً للمنظمات التي انضمت إلى التوقيع على الرسالة، فإن نضال حقوق الإنسان في مصر وصل إلى "مفترق طرق حرج". إن عدم تحرك شركاء مصر والدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان قد أدى إلى تجرؤ الحكومة المصرية "في جهودها لإسكات أي معارضة وتهشيم أوصال المجتمع المدني المستقل".

تمثل أعمال اعتقال والتحقيق مع كبار المسؤولين بـ "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" – وتجميد أصولهم المالية عبر إجراءات مسيئة أمام "دائرة إرهاب" بالمحكمة الجنائية – "هجمة بغيضة وغير مقبولة" ضد بعض أبرز منظمات حقوق الإنسان في البلاد، على حد قول المنظمات الموقعة على الرسالة. يُظهر هذا الأمر تصميم الحكومة المصرية على تصعيد هجماتها المستمرة والمتوسعة والممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمجال المدني.

منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن السلطة في يوليو/تموز 2013، شنت السلطات المصرية حملة قمعية تزداد قسوتها بحق المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى الحقوق المدنية والسياسية بشكل أعم. هناك آلاف المواطنين المصريين – بينهم مئات المدافعين عن الحقوق والصحفيين والأكاديميين والفنانين والساسة – تعرضوا للاحتجاز التعسفي، بناء على اتهامات جنائية متعسفة أو عبر محاكمات مجحفة في أغلب الحالات.

ولقد دأبت قوات الأمن المصرية على تعريض هؤلاء المحتجزين بشكل ممنهج للمعاملة السيئة والتعذيب. حذر خبراء الأمم المتحدة من أن الظروف المتدهورة بشكل كارثي قد عرضت حياة وصحة المحتجزين للخطر. كما أُخفي نشطاء سلميون آخرون قسرياً. ولم يتم الكشف مطلقاً عما حدث مع البعض منهم.

وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "الناس في مصر عاشوا في الماضي في ظل حكومات مستبدة، لكن المستويات الحالية من الاستبداد غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث. العواقب ربما تكون مرعبة على حقوق الإنسان وعلى الاستقرار الإقليمي".

في أغسطس/آب من العام الماضي حُكم على بهي الدين حسن بالسجن 15 عاماً غيابياً أمام "دائرة إرهاب" في مصر، جراء عمله الخاص بالدفاع عن حقوق الإنسان.

في هذه البيئة الشديدة القمع، اضطرت منظمات حقوقية عديدة إلى إغلاق أبوابها، أو تقليل أنشطتها، أو العمل من خارج البلاد، أو العمل تحت تهديد دائم بالتعرض للاعتقال والمضايقات.

عادة ما تستعين الحكومة بقوانين "مكافحة الإرهاب" لتبرير هذه الانتهاكات ولتجريم حرية تكوين الجمعيات والتعبير عن الرأي. حذر خبراء الأمم المتحدة من استخدام مصر "لدوائر الإرهاب" بالمحاكم الجنائية لاستهداف المدافعين عن الحقوق، ولإسكات المعارضين، وحبس النشطاء أثناء جائحة "كوفيد-19".

في مواجهة هذه التحذيرات المتكررة، يتحمل مجلس حقوق الإنسان مسؤولية التحرك لضمان إعداد التقارير بشكل فعال وتفعيل المتابعة والرصد الدوليين لحالة حقوق الإنسان المتدهورة في مصر، على حد قول المنظمات.

قال كيفين ويلان، ممثل "منظمة العفو الدولية" أمام الأمم المتحدة في جنيف: "إن بقاء حركة حقوق الإنسان في مصر، التي تعاني أشد المعاناة، على المحك. على أعضاء المجتمع الدولي مسؤولية دعم جهود إنشاء آلية رصد وإبلاغ بمجلس حقوق الإنسان فيما يخص الوضع في مصر، وتوجيه رسالة بأن تجاهل مصر لحقوق الإنسان أمر لن يستمر تجاهله أو تقبله."

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة