تحديث: أعدمت السلطات الإيرانية نويد أفكاري، الذي اعترف تحت التعذيب بارتكاب جرائم. هذا الفعل القاسي، في تحدٍ للاحتجاج الدولي من أجل منحه إعادة محاكمة عادلة، يُظهر تجاهلا تاما لأبسط معايير حقوق الإنسان.
(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قضية المصارع الإيراني الذي ينتظر الإعدام جزء من نمط منهجي تتجاهل فيه السلطات الإيرانية مزاعم التعذيب وتستخدم الاعترافات القسرية في المحاكمات. ينبغي للقضاء الإيراني فتح تحقيق شفاف ومستقل فورا في مزاعم قيام السلطات بتعذيب نويد أفكاري وشقيقيه، ومنح أفكاري إعادة محاكمة عادلة وفقا للمعايير الحقوقية.
رفعت السلطات الإيرانية ثلاث قضايا ضد المصارع نويد أفكاري وشقيقه وحيد. قُبض عليهما في سبتمبر/أيلول 2018 ووجهت إليهما عشرات التهم، منها المشاركة في مظاهرات غير قانونية، وإهانة المرشد الأعلى لإيران، والسرقة، و"المحاربة" أو العداء لله، والقتل. أيدت المحكمة العليا الإيرانية حكما بالإعدام أصدرته محكمة جنائية في شيراز ضد نويد وحكما بالسَّجن 25 عاما على وحيد لمساعدته في جريمة القتل المزعومة، ورفضت، بإجراءات موجزة، مزاعم الأخوين الخطيرة بشأن تعرضهما للتعذيب للاعتراف.
قالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: "تجاهل السلطات الإيرانية المطلق للادعاءات الخطيرة بشأن تعذيب نويد أفكاري ليعترف بالقتل المزعوم يتناسب مع نمط أوسع من الإفلات المنهجي من العقاب على التعذيب والاعترافات القسرية. على السلطات إسقاط التهم التي تنتهك الحريات المشروعة للإخوة أفكاري، والتحقيق في مزاعم التعذيب، وضمان نيلهم محاكمة عادلة".
قال رئيس "اللجنة الأولمبية الدولية" توماس باخ إنه "قلِق جدا" بشأن القضية، وطلب "الاتحاد الدولي لكرة القدم" )فيفا( "إنقاذ حياة الرياضي نويد أفكاري"، مع دعوة مماثلة من بعض أبرز مصارعي العالم.
بحسب وثائق المحكمة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حكم الفرع الأول بمحكمة جنايات شيراز على أفكاري (27 عاما)، وهو مصارع محترف حل وصيفا في مسابقة المصارعة الوطنية، بالقصاص – أي الإعدام في هذه القضية – بزعم أنه قتل حسن تركمان، الذي يبدو أنه كان عنصر أمن خلال الاحتجاجات في أغسطس/آب 2018 في شيراز. حكمت المحكمة على وحيد بالسجن 25 عاما بتهمة المساعدة في القتل بحسب الزعم.
في 25 أبريل/نيسان 2020، أيد الفرع 32 بالمحكمة العليا الحكم. رفضت المحكمة مزاعم التعذيب، مستشهدة بتصريح من نويد على ما يبدو قال فيه بحضور محام إنه لم يتعرض للتعذيب ولا يحتاج إلى مقابلة طبيب لفحصه. صرّحت المحكمة بأنه يبدو أن "في ظل التدريب في السجن [إشارة إلى تدريبه على يد سجناء آخرين على ادعاء التعذيب] وعلى افتراض أن إنكار [اعترافاتهم] سيجنّبهم العقوبة، فإن المشتبه بهم ارتكبوا أخطاء لا تغيّر من طبيعة القضية".
لكن في 13 سبتمبر/أيلول 2019، فصّل نويد في رسالة مكتوبة بخط اليد تفاصيل التعذيب. قال إنه تعرض للتعذيب في مركزَيْ احتجاز في شيراز. شمل ذلك ضربه على رجليه ويديه وبطنه بهراوة أو عصا، وصبَّ الكحول في أنفه، ووضعَ كيس بلاستيكي على رأس إلى حد الاختناق.
وثّقت هيومن رايتس ووتش مرارا استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات وبثها على التلفزيون الرسمي. في مثال حديث، بثت قناة "بي بي سي فارسي" التلفزيونية فيديو في يناير/كانون الثاني 2019 للناشطة العمالية والصحفية سبيده قوليان، تقول فيه إنها تعرضت للضرب بكابل لإجبارها على الاعتراف.
في قضية أخرى ضد الأشقاء أفكاري الثلاثة، راجعتها هيومن رايتس ووتش، حكم الفرع 116 من المحكمة الجنائية الثانية في شيراز في 24 يوليو/تموز 2019 على نويد ووحيد أفكاري بالسَّجن عاما و74 جلدة بتهمة "المشاركة في مظاهرة غير قانونية والإخلال بالنظام العام"، و3 سنوات ونصف بتهمة "عصيان عنصر أمن وإهانته".
حُكم على حبيب أفكاري، الشقيق الثالث، بالسَّجن لسنة و74 جلدة بتهمة "المشاركة في مظاهرة غير قانونية والإخلال بالنظام العام"، وأربع سنوات ونصف بتهمة "عصيان عنصر أمن وإهانته"، وسنتين ونصف وتعويض مالي "للاعتداء المتعمد بأداة حادة"، وسبع سنوات ونصف "للتجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم" بحق السكان.
قالت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" )هرانا( إن الفرع الأول بمحكمة الثورة في شيراز حكم أيضا على نويد أفكاري بالإعدام بتهمة "المحاربة"، والسجن عامين بتهمة إهانة المرشد الأعلى، وعلى وحيد بالسجن 25 عاما لمساعدته، وذلك في التهمة نفسها.
يبدو أن لائحة اتهام المحكمة الثورية صدرت عن الفرع العاشر لمحكمة جنايات شيراز والنيابة العامة على مستوى الجمهورية، اللذين اتهما الأشقاء الثلاثة بـ"الإفساد في الأرض عبر تأسيس مجموعة معارضة للنظام من أربعة أشخاص بقصد زعزعة الأمن القومي"، و"الدعاية ضد الدولة"، و"التجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد السكان". كلتا القضيتين قيد الاستئناف.
في 5 سبتمبر/أيلول، بث برنامج "20:30"على التلفزيون الرسمي لقطات لـ نويد يُفترض أنه يعيد فيها تمثيل جريمة القتل بحضور الشرطة. في اليوم نفسه، قالت هرانا إن السلطات نقلت الأشقاء إلى جزء مختلف من السجن يحرمهما من الهاتف. في 6 سبتمبر/أيلول، غرد الناشط مهدي محموديان، الذي يتابع قضايا المعتقلين أثناء الاحتجاجات، بأنه بعد يومين من انتظار الأسرة خارج السجن، اتصل نويد بأسرته وقال إنه وشقيقيه محتجزون معا. ذُكر قوله إنهم تعرضوا للضرب وإنهم بحاجة إلى مقابلة الطبيب، لكن رفضت السلطات الاستجابة لشكواهم.
بعد قتل تركمان، تحدّثت وسائل الإعلام المقربة من وكالات الاستخبارات الإيرانية عن جنازته، قائلة إنه كان عنصر أمن؛ لكنها أشارت إليه مؤخرا على أنه موظف في "الشركة الوطنية لإدارة المياه والصرف الصحي".
بموجب القانون الإيراني، يمكن لأفراد أسرة الضحية التنازل عن حقهم في طلب القصاص.
خلال العامين الماضيين، حُكم على ثمانية آخرين على الأقل بالإعدام على صلة بالاحتجاجات في إيران. في 5 أغسطس/آب، أعدمت السلطات مصطفى صالحي، المدان بقتل عنصر أمن خلال احتجاجات في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018 في أصفهان.
بعد حملة شعبية على الإنترنت باستخدام الهاشتاغ "#اعدام_نكنيد" (لا تُعدِموا)، في 10 يوليو/تموز، أعلن محامون أن القضاء أوقف إعدام أمير حسين مرادي، وسعيد تمجيدي، ومحمد رجبي، وهم ثلاثة موكلين لهم يواجهون عقوبة الإعدام. اعتُقل الثلاثة بعد مشاركتهم في احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بتهمة "المشاركة في التدمير والحرق بهدف مجابهة جمهورية إيران الإسلامية". وقَبِل القضاء مطالباتهم بمحاكمة جديدة.
ردت قوات الأمن الإيرانية على الاحتجاجات الواسعة على مدى السنوات الثلاث الماضية بالاستخدام المفرط للقوة، والاعتقالات الجماعية للمتظاهرين، وعدم إجراء تحقيقات شفافة في مقتل المتظاهرين. في أحدث مثال، استخدمت السلطات القوة القاتلة المفرطة وغير القانونية ضد الاحتجاجات الواسعة التي بدأت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وبحسب "منظمة العفو الدولية"، قُتل 304 أشخاص على الأقل خلال الاحتجاجات. في 1 يونيو/حزيران، قال رئيس لجنة الأمن القومي البرلمانية مجتبى ذوالنور إن 230 شخصا قتلوا. لم تنشر السلطات أي تحقيق مفصل ولم تحاسب أي شخص.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف، لأنها بطبيعتها قاسية ولا رجعة فيها. لإيران ثاني أعلى معدل إعدام في العالم مع إعدام 251 شخصا في عام 2019 وحده، وفقا لـ العفو الدولية.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، للجميع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، كما ورد في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وإيران دولة طرف فيه. يضمن القانون الدولي لأي متهم بارتكاب جريمة الوصول إلى محام في جميع مراحل الإجراءات الجنائية.
بموجب "المبادئ الأساسية المتعلقة باستخدام موظفي إنفاذ القانون للقوة والأسلحة النارية"، لا يمكن لموظفي إنفاذ القانون استخدام القوة إلا بقدر الضرورة وبالدرجة التي تؤدي إلى تحقيق هدف مشروع فيما بتعلق بفرض الأمن. وعند استخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون تقليل الضرر والإصابات، واحترام الحياة البشرية والحفاظ عليها. الاستخدام المتعمد للقوة القاتلة يُسمح به فقط عند الضرورة القصوى لحماية الحياة.
بموجب القانون الدولي والدستور الإيراني، يجب ألا تُقبَل الاعترافات تحت التعذيب في المحكمة.
قالت سبهري فر: "ينبغي للسلطات السماح بإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن في قمع الاحتجاجات بدلا من محاكمة الإخوة أفكاري والمتظاهرين في محاكمات جائرة. ينبغي للسلطات ضمان حصول أي متهم بارتكاب جريمة حقيقية على محاكمة عادلة وفقا للمعايير الدولية الحقوقية".