Skip to main content
تبرعوا الآن

الصومال: تحقيقات غير كافية في غارات أمريكية

هجمات غير قانونية على ما يبدو ولا تعويضات عن القتلى المدنيين

Somali families, displaced after fleeing the Lower Shabelle region amid an uptick in US airstrikes, rest at an internally displaced persons camp near Mogadishu, Somalia, March 12, 2020. © REUTERS/Feisal Omar

 

(نيروبي، 16 يونيو/حزيران 2020) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن غارتَيْن جويتَيْن شنتهما الولايات المتحدة في الصومال في بداية 2020 أسفرتا عن مقتل سبعة مدنيين، في انتهاك واضح لقوانين الحرب. لم تُحقّق القوات الأمريكية كما ينبغي في غارة شنّتها في 2 فبراير/شباط وأسفرت عن مقتل امرأة داخل منزلها، وفي هجوم في 10 مارس/آذار أدى إلى مقتل خمسة رجال وطفل كانوا في حافلة صغيرة.

 لم تجد هيومن رايتس ووتش دليلا على وجود هدف عسكري يخص "حركة الشباب الإسلامية" (حركة الشباب) المسلحة في كلتي الغارتين. لا يبدو أن" القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا" (أفريكوم) ولا الحكومة الصومالية قد تواصلتا مع عائلات الضحايا للتحقيق في الهجمات أو تقييم مطالبهم بالتعويض. ينبغي للجيش الأمريكي ضمان شمولية ونزاهة وشفافية التحقيقات التي يجريها في مقتل مدنيين خلال العمليات العسكرية الأمريكية في الصومال.

قالت ليتيسيا بدر، مديرة قسم القرن الأفريقي لدى هيومن رايتس ووتش: "لم يُحقّق الجيش الأمريكي جديا في الغارتين الجويتين الأخيرتين في الصومال واللتين أسفرتا عن مقتل وجرح مدنيين، في انتهاك واضح لقوانين الحرب. التواصل مع المدنيين الذين يلتمسون تعويضا ليس فقط الأمر الصواب الذي ينبغي القيام به، لكنه سيساعد أيضا في جعل تقييم الخسائر في صفوف المدنيين أكثر دقة".

بين فبراير/شباط ومايو/أيار، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات هاتفية مع 14 شخصا، من بينهم أقارب ضحايا غارتَي فبراير/شباط ومارس/آذار، أربعة منهم زاروا موقع الغارة مباشرة بعد وقوعها، وقيّمت المعلومات المتاحة علنا عن الغارتين.

قالت أفريكوم في تقريرها الفصلي الأولّي عن تقييم الخسائر في صفوف المدنيين والذي نُشر في 27 أبريل/نيسان 2020، إنها درست 20 غارة جوية مزعومة أوقعت ضحايا مدنيين بين فبراير/شباط 2019 ومارس/آذار 2020، ولا تزال تُحقق في 7 حوادث إضافية، إثنين منها حققت فيهما هيومن رايتس ووتش. خلُصت تحقيقات هيومن رايتس ووتش إلى مقتل سبعة مدنيين وجرح ثلاثة ولم تجد أي دليل على ارتباطهم بحركة الشباب. لم تستطع هيومن رايتس ووتش تحديد الأهداف المقصودة بالهجمات التي وقعت في أراض خاضعة لسيطرة حركة الشباب.

في مساء 2 فبراير/شباط، ضربت غارة جوية واحدة على الأقل منزلا في جيليب، بلدة في إقليم جوبا الوسطى، وأدّت إلى مقتل امرأة يتراوح عمرها بين 18 و20 عاما على الفور وجرح أختيها الطفلتين وجدّتِها. تعرضت إحدى الفتاتين، عمرها 14 سنة تقريبا، وجدّتها السبعينية لجروح بليغة. أصدرت أفريكوم بيانا أقرّت فيه بأن القوات الأمريكية شنت غارة ذلك اليوم في "محيط جيلبيب" وأن "إرهابيا" قُتل.  خلُص تقييم أفريكوم الأولي إلى عدم وقوع ضحايا بين المدنيين. تقول منذ ذلك الحين إنها لا تزال تحقق في الأمر.

في 10 مارس/آذار، قرب بلدة جنالي في إقليم شبيلى السفلى، أصيبت حافلة صغيرة خاصة في غارة واحدة على الأقل ما أدى إلى مقتل ستة ركاب على الأقل، من بينهم طفل. حين وقع الهجوم، كان أربعة من الركّاب عائدين من البلدة إلى منازلهم بالقرب من مقديشو بعدما حضروا صباح ذلك اليوم جلسة بشأن نزاع حول أرض.

قال قريب أحد الضحايا الذي زار موقع الغارة ذلك المساء إنه رأى فقط جثتين وأشلاء متفحّمة. قال أخ ضحية أخرى زار الموقع صباح اليوم التالي: "تعرّفت على حذاء أخي وحزامه فقط. دُمِرت (الحافلة الصغيرة) بالكامل، لم يبق منها سوى الجزء الخلفي والدواليب وكانت لوحتها في الأرض".

أفادت أفريكوم في اليوم نفسه أنها شنت غارة بالقرب من جنالي والتي أسفرت عن مقتل خمسة "إرهابيين". قالت إنها كانت على دراية بتقارير على وسائل التواصل الاجتماعي حول وقوع ضحايا مدنيين وإنها ستدرس المعلومات المُتوفرة، من بينها تلك المُقدمة من أطراف أخرى.

 أقارب ضحايا الحادثتَيْن أنكروا علنا توصيف أفريكوم لأقاربهم بأنهم أعضاء في حركة الشباب، وطلبوا الاجتماع بأفريكوم والحكومة الصومالية. حتى أواخر مايو/أيار، لم تكن أفريكوم قد تواصلت مع أي من أقارب الضحايا الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، والذين قالوا جميعهم إنهم لم يستلموا أي مدفوعات أو مساعدة من من الحكومتين الصومالية أو الأمريكية.

أحد أقارب الصبي الذي قُتل في الغارة على الحافلة الصغيرة قال لـ هيومن رايتس ووتش:

نطالب بأن يتوقّفوا عن قتل الأبرياء. عليهم التأكد إن كان من يستهدفونهم جنود أو مدنيين، عليهم تحديد [من يستهدفون] بدقة قبل شن الهجوم. نطالب أيضا بالتعويض من الحكومة الصومالية والحكومة الأمريكية بمساعدة الحكومة الصومالية.

قالت هيومن رايتس ووتش إن تحقيقات أفريكوم السابقة بشأن الغارتين تبدو غير مناسبة. في تقريرها لشهر أبريل/نيسان، قالت أفريكوم إنها استلمت معلومات من أطراف أخرى، من بينها وسائل إعلامية تقليدية ووسائل تواصل اجتماعي ومنظمات غير حكومية. لكنها لم تذكر أنها تواصلت أو سعت إلى التواصل مع شهود أو أفراد من عائلات الضحايا المزعومين. في حادثة وقعت في 2018 والتي اعترفت فيها أفريكوم بوقوع ضحايا مدنيين، وجدت "العفو الدولية" أن لا أفريكوم ولا السفارة الأمريكية اتصلتا بأقارب الضحايا أو قدّمتا لهم تعويضا.

تسمح الحكومة الأمريكية لقادة قواتها بتقديم مدفوعات على سبيل الهبة أو "العزاء" إلى العائلات المتضررة من الأعمال العسكرية الأمريكية . تكون هذه المدفوعات طوعية ولا تعني اعترافا بالخطأ أو المسؤولية. أفادت أفريكوم في كتاب إلى هيومن رايتس ووتش في 1 يونيو/حزيران بأنها لم تدفع أي تعويضات في الحادثتين اللتين اعترفت بهما في الصومال منذ 2017 والتين وقع فيهما ضحايا مدنيين. قالت إنها تتابع العمل مع الحكومة الصومالية ووزارة الخارجية الأمريكية بشأن " التدابير الملائمة بخصوص الحوادث الأليمة التي أدت إلى وقوع ضحايا مدنيين".

أسست أفريكوم مؤخرا بوابة إلكترونية للإبلاغ العام تتضمن برمجية للترجمة إلى الصومالية، يمكن التبليغ عبرها عن وقوع ضحايا مدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إن عددا كبيرا من الصوماليين من الذين يعيشون في المناطق النائية أو حيث الانترنت محظورة، من بينها العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة حركة الشباب، لا يستطيعون الوصول إلى آلية التبليغ هذه.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على أفريكوم التواصل فورا مع أقارب الضحايا المدنيين للغارات الأمريكية في فبراير/شباط ومارس/آذار وغيرها لضمان سماع أقوالهم وتلبية طلباتهم بالتعويض.

تفرض قوانين الحرب على الأطراف في نزاع مسلح على اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لضمان تخفيف احتمال حدوث خسائر في صفوف المدنيين. يُحظر أي هجوم متعمد أو عشوائي على المدنيين، بما فيه الهجمات التي ليس فيها هدف عسكري. يتوجب على الأطراف المتحاربة التحقيق في مزاعم وقوع انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب، وتقديم سبل انتصاف عن الخسائر أو الأضرار الناتجة عنها. الانتهاكات الخطيرة المُرتكبة عن عمد أو تهوّر هي جرائم حرب.

القوات الأمريكية العاملة في الصومال ملزمة ليس فقط بمعالجة الانتهاكات المزعومة لقوانين الحرب، بل أيضا باعتماد إجراءات تقلل من احتمال إلحاق الضرر بالمدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إن الحوادث المتكررة التي قُتل أو جُرح فيها مدنيون والتي لا ليس فيها أي هدف عسكري واضح تشير إلى أنه ينبغي للقوات الأمريكية إعادة تقييم مقاربتها للاستهداف، وعليها اعتماد كافة التدابير الضرورية لتطبيق التزاماتها القانونية الدولية.

قالت بدر: "يبدو أن أفريكوم مصممة ألا تكشف ما إذا كانت غاراتها الجوية قد قتلت مدنيين أو انتهكت قوانين الحرب. يُفترض بسلسلة القيادة العسكرية الاعتراف بأنها ليست فقط ملزمة قانونيا بالتحقيق، بل أيضا بأن الحد الأدنى من اللياقة تجاه عائلات الضحايا يقتضي تقديم المساعدة المادية وتقديم الاعتذار، وليس التزام الصمت".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة