(واشنطن، 3 يونيو/حزيران 2020) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مجموعة مسلّحة ومنتسبين إليها كانوا يقاتلون من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس استخدموا على ما يبدو ألغاما أرضية مضادّة للأفراد وأفخاخا متفجرة في أواخر مايو/أيار 2020.
قال ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس "الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية" الحائزة على "جائزة نوبل" بالشراكة: "استخدام الألغام الأرضية المحظورة دوليا أمر مرفوض، وعلى الأطراف المتقاتلة في طرابلس الكفّ عن استخدامها والشروع في إزالتها لتجنّب إلحاق المزيد من الأذى بحياة الأشخاص وأطرافهم".
يبدو أن مقاتلين منتسبين إلى "القوات المسلحة العربية الليبية" بقيادة خليفة حفتر، التي تشمل قوات أجنبية، قد زرعوا ألغاما أثناء انسحابهم من الأحياء الجنوبية للمدينة. كانت القوات المسلحة والقوات التابعة لها تقاتل "حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس.
أثناء ثورة 2011 ضدّ معمّر القذافي، تعهد الجنرال حفتر بألا تستخدم القوات المسلحة الخاضعة لقيادته الألغام الأرضية، لأن هذا السلاح العشوائي لا يفرّق بين المقاتلين والمدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للجنرال حفتر تجديد هذا التعهد علنا، وتوجيه المقاتلين الخاضعين لقيادته والمقاتلين الأجانب المساندين للقوات المسلحة العربية الليبية بالكفّ عن استخدام الألغام وتدمير أي مخزون لديها.
في 25 مايو/أيار، عبّرت "بعثة الأمم المتحدة للدّعم في ليبيا" عن قلقها بشأن تقارير عن مقتل أو إصابة سكّان من أحياء عين زارة وصلاح الدين بطرابلس بعبوّات ناسفة يدوية الصنع وُضعت "في/قرب" منازلهم. أفاد أحد الأقارب أنّ زكريا الجمل قُتل في انفجار يوم 22 مايو/أيار، أثناء تفقده منزل عائلته في صلاح الدين. أظهر مقطع فيديو يعرض مشهدا دمويا نُشر على "تويتر" يوم 25 مايو/أيار رجلا يُدعى محمد دليح مقتولا وبقربه شقيقه المصاب بجروح خطيرة، بعد أن حاولا تفكيك عبوات متفجرة في طرابلس بحسب ما قيل.
في 29 مايو/أيار، نشرت قوات متحالفة مع حكومة الوفاق صورا على "تويتر" أظهرت أربعة أنواع من الألغام الأرضية المضادة للأفراد المصنّعة في الاتحاد السوفييتي أو روسيا، زاعمة أن الذين زرعوها هم "مرتزقة فاغنر"، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة بـ "الكرملين" وتدعم القوات المسلحة الليبية في أحياء عين زارة، والخلّة، وصلاح الدين، والسدرة، ووادي الربيع في طرابلس. كما أظهرت صور أخرى نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ألغاما مزوّدة بأسلاك تشغيل وألغاما تُستخدم كمحفزات لتفجير عبوات متفجرة أكبر. أظهر مقطع فيديو العديد من العبوات المتفجرة التي تُستخدم في تفخيخ المنازل، منها ألغام مضادة للعربات، مقترنة بأنواع مختلفة من صمّامات التفجير ومزيج من أجهزة ضبط الوقت الإلكترونية، ولوحات الدوائر الكهربائية، والهواتف الخلويّة المعدّلة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الأجهزة جُمِّعت واستُخدمت بطريقة تهدف إلى تفجيرها بمجرّد وجود شخص أو اقترابه منها أو ملامسته إياها، وهي قادرة على إلحاق العجز والإصابة بشخص أو أكثر أو قتلهم. هذه الأجهزة التي تنفجر بفعل الضحيّة محظورة بموجب اتفاقية حظر الألغام، بغضّ النظر عما إذا كان اللغم منتجا في مصنع أو صُنِع يدويا باستخدام مواد متوفرة محليا.
تتقاسم الحكم في ليبيا جهتان منخرطتان في نزاع مسلّح منذ أبريل/نيسان 2019: حكومة الوفاق الوطني، و"الحكومة المؤقتة" المنافسة لها والمرتبطة بالقوات المسلحة العربية الليبية في شرق البلاد. رغم حظر للأسلحة، زوّدت كل من الإمارات، ومصر، والأردن، وروسيا القوات المسلحة العربية الليبية بالعتاد العسكري. كما دعمها مقاتلون أجانب من تشاد، والسودان، وسوريا، وكذلك من شركة خاصة تدعمها روسيا. أمّا الداعم الرئيسي لحكومة الوفاق فهو تركيا، مع وجود دعم إضافي من مقاتلين أجانب من تشاد والسودان وسوريا.
ليبيا ليست ضمن الدول الـ 164 التي التزمت بحظر شامل للألغام المضادة للأفراد، وإزالتها، ومساعدة ضحاياها. عبّرت حكومة معمر القذافي سابقا عن اهتمامها باتفاقية حظر الألغام لكنها لم تبذل جهودا للانضمام إليها. وبعد أن وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام قوات القذافي ألغام أرضية في 2011، تعهد حفتر وقادة آخرون يرأسون جماعات مسلحة بعدم استخدام الألغام الأرضية أبدا، وإزالتها، والتوعية بخطورتها، ومساعدة ضحاياها.
حصلت حكومة القذافي على ملايين الألغام الأرضية وخزّنتها، لكن فيما بعد استولى عليها مقاتلون ومدنيون معارضون للحكومة بعد أن تُركت مراكز التخزين بلا حراسة في 2011. الألغام التي اكتُشفت في طرابلس في مايو/أيار سوفييتية وروسية الصنع، وتضمنت طراز "بي أو إم - 2" (POM-2) و"بي إم إن-2" (PMN-2) و"إم أو إن-50" (MON-50) ذي اللون الزيتوني، التي لم تُسجّل سابقا في ليبيا، ما يوحي بأنها دخلت البلاد في السنوات الأخيرة.
ليبيا متأثرة بألغام أرضية ومخلفات متفجرات تعود إلى الحرب العالمية الثانية. بحسب "مرصد الألغام الأرضية"، قتلت الألغام ومخلفات الحرب منذئذ 3,252 شخصا على الأقل.
قال غوس: "هذا الاستخدام الحديث للألغام الأرضية سيزيد عبئا إضافيا على ليبيا التي تعاني من الألغام غير المنزوعة، والذخائر المتروكة، والذخائر غير المنفجرة، وستشكل خطرا على الليبيين لسنوات قادمة".