كأنّ اليمن لا يكفيه النزاع المسلّح المطوّل والأزمة الإنسانية، جاء فيروس "كورونا" المستجد ("كوفيد-19") ليشكّل خطرا محدقا يُضاف إلى المخاطر التي تهدّد الشعب اليمني.
رغم تسجيل إصابة واحدة فقط بالفيروس في اليمن، يبدو أن تفشي الوباء حتمي، مع استمرار ارتفاع عدد الحالات في الدول المحيطة وانهيار نظام الرعاية الصحية في البلاد نتيجة الحرب.
تحمّل الشعب اليمني الذي يَعدّ 30 مليون نسمة أكثر من خمسة أعوام من القتال بين التحالف الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثيين المسلّحة، والذي خلق ظروفا سهّلت التفشي العارم لأمراض عدّة شملت الكوليرا، والخناق، والحصبة، وحمى الضنك. أثّرت الكوليرا وحدها في كلّ عائلة يمنية تقريبا بشكل أو بآخر، وسط الاشتباه بحوالي مليونيّ حالة منذ 2016، بحسب "الأمم المتحدة". يبدو أنّ موجة جديدة من الكوليرا تلوح في الأفق، مع حلول موسم المطر وحصول فيضانَين بارزَين في صنعاء ومدينتين أخريَيْن مؤخرا. سيكون تفشٍّ إضافي لفيروس كورونا المستجد كارثيا.
أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن إمّا أقفلت أبوابها، أو تعمل بجزء من طاقتها. منذ 2015، لا تستهدف أطراف النزاع المرافق الطبية وحسب، وإنّما أيضا الطاقم الطبي من خلال تهديد عمّال القطاع الصحي، وجرحهم، وخطفهم، واحتجازهم، وقتلهم. بالتالي، هرب العديد من الاختصاصيين الطبيين من اليمن، ما أمعن في تقويض قدرة نظام الرعاية الصحية على الاستجابة لجائحة.
خلافا للغارات الجوية والتفجيرات، ستكون السيطرة على الإصابات بفيروس كورونا المستجد أكثر صعوبة. في وقت سابق من هذا الشهر، حذّر وزير الصحة الحوثي طه المتوكّل بأن تفشي فيروس كورونا المستجد في اليمن سيتعذّر "إيقافه" وسيكون "فتّاكا للغاية". أقرّ الوزير أنّه، حتى في ظلّ التنسيق بين السلطات والجماعات الصحية في المناطق الشمالية، والجنوبية، والشرقية من البلاد، لا تملك أيّ منطقة الموارد والجهوزية للتعامل مع فيروس كورونا المستجد.
أفادت المنظمات الإنسانية والإغاثية في اليمن باستحالة الاستجابة للإصابات بفيروس كورونا، في ظل القتال واستمرار الجماعات المسلّحة في منع وصول المساعدات الإنسانية.
قد يكون فيروس كورونا أسوأ من جميع الكوارث التي شهدها المدنيون اليمنيون. كي يحظى اليمن بفرصة مكافحة هذا الوباء، على أطراف النزاع اتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين في المناطق تحت سيطرتهم، والالتزام بقوانين الحرب، وضمان تسهيل مرور المساعدات الإنسانية دون عوائق.