(بيروت)- قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات الإماراتية أن تحقق فورا وبشفافية في ظروف سجن إماراتية عمرها 21 عاما ورد أنها حاولت الانتحار مؤخرا. تقول مصادر قريبة من المرأة إن سلطات السجن أخضعتها مع سجينة إماراتية ثانية عمرها 37 عاما للحبس الانفرادي لثلاثة أسابيع على الأقل، وحرمتهما من الرعاية الطبية الكافية.
تقضي المرأة المذكورة، مريم البلوشي، والسجينة الثانية أمينة العبدولي أحكاما بالسجن خمس سنوات في سجن الوثبة بتهم تتعلق بأمن الدولة. قالت مصادر قريبة من المرأتين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإماراتية وضعتهما في الحبس الانفرادي من 17 فبراير/شباط 2020 إلى 11 مارس/آذار 2020 على الأقل، عندما أعلِن عن محاولة انتحار البلوشي. بدأت كلتا المرأتين إضرابا عن الطعام في ذلك الوقت. من غير الواضح ما إذا كانت العبدولي لا تزال في الحبس الانفرادي. الحبس الانفرادي المطول محظور تماما بموجب القانون الدولي ويمكن أن يصل إلى حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لمسؤولي السجون في الإمارات سجل حافل في إساءة معاملة السجناء، يشمل الحبس الانفرادي لفترات طويلة. ما يبدو أنها محاولة انتحار مريم البلوشي تظهر أن السلطات الإماراتية لا تستطيع تجاهل ما يجري في سجونها".
في تسجيل صوتي سُرّب من السجن أواخر يناير/كانون الثاني، قالت البلوشي إن اتهامات جديدة وُجهت إليها والعبدولي بنشر معلومات كاذبة، والإضرار بسمعة الإمارات، والتسبب في مشاكل مع دول مجاورة لأنهما أرسلتا تسجيلا صوتيا من قبل وصفتا فيه ظروف اعتقالهما واحتجازهما العام 2015. مثل هذه التهم قد تؤدي إلى إصدار أحكام جديدة، وبالتالي إطالة فترة احتجازهما التي كانت ستنتهي العام 2020.
اعتقلت قوات أمن الدولة المرأتين في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. في رسالة إلى السلطات الإماراتية في فبراير/شباط 2019 بشأن المرأتين، أثار ثلاثة مقررين خاصين للأمم المتحدة ادعاءات بالاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب وسوء المعاملة، واستخدام الاعترافات القسرية، وظروف السجن البائسة، والحرمان من العلاج الطبي المناسب. نفت السلطات الإماراتية المزاعم في 4 مارس/آذار 2019.
أتى في رسالة المقررين الخاصين أنه، بحسب تقارير، اتهمت السلطات الإماراتية البلوشي في فبراير/شباط 2016 بـ "تمويل الإرهاب" لأنها تبرعت بأموال لمساعدة عائلة سورية في 2014. اتهمت السلطات العبدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2014، بعد عام تقريبا من اعتقالها "بالتحريض على الكراهية ضد الدولة والإخلال بالنظام العام، وتقويض سمعة مؤسسات الدولة ونشر معلومات كاذبة تعرض علاقات الدولة مع حلفائها للخطر" بسبب تعليقات نشرتها في "تويتر". غالبا ما تُستخدم هذه التهم الجنائية الغامضة في الإمارات للحد من حرية التعبير، وهي تنتهك بوضوح المعايير الدولية.
في سبتمبر/أيلول 2019، ذكر التقرير السنوي لـ "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" أن مكتبها تلقى تقارير تفيد بأن ظروف المرأة ساءت بعد حصول الأمم المتحدة على معلومات عنها.
يمكن للعزل أن يكون ضارا نفسيا لأي سجين، إذ يسبب القلق، والاكتئاب، والغضب، من بين تأثيرات أخرى. يمكن أن تكون آثاره ضارة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من ضائقة نفسية.
التوتر الناتج عن البيئة المغلقة والخاضعة للمراقبة الشديدة، وغياب التواصل الاجتماعي ذي المعنى، ونقص النشاط، قد يؤدي إلى تفاقم الكرب النفسي، وله آثار سلبية طويلة المدى على الصحة العقلية للسجناء. كثيرا ما يحاول الأشخاص في الحبس الانفرادي الانتحار، أو يحتاجون إلى دعم نفسي-اجتماعي طارئ.
قالت مصادر قريبة من البلوشي لـ هيومن رايتس ووتش إنه منذ اعتقالها حين كان عمرها 19 عاما، تدهورت صحتها بشكل خطير، وإنها تعاني من مشاكل في الكلى تسبب لها آلاما شديدة. تقول المصادر إن سلطات السجن منعت البلوشي من دخول عيادة السجن منذ ديسمبر/كانون الأول 2018 على الأقل، وإنها لم تتلق العلاج الطبي المناسب لحالتها.
قال بيج: "تفاقم السلطات الإماراتية انتهاكاتها بمعاقبة المعتقلين على الإبلاغ عن ظروف السجن".
سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق ادعاءات خطيرة بانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة في الإمارات، وخاصة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. تشمل هذه الاعتقالات والاحتجاز تعسفا، ومزاعم التعذيب والمعاملة السيئة في مرافق أمن الدولة.
كما يبدو أن الحرمان من الرعاية الطبية الكافية في السجون ومرافق الاحتجاز في الإمارات منتشر على نطاق واسع. في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وثّقت هيومن رايتس ووتش الحرمان الطويل من الوصول المنتظم وغير المتقطع إلى العلاج الضروري للحياة للسجناء المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في سجن العوير بدبي.
في مايو/أيار، أفادت هيومن رايتس ووتش عن وفاة علياء عبد النور، المعتقلة المصابة بالسرطان، بعد سنوات من سوء المعاملة والحرمان من الرعاية الطبية الكافية من قبل قوات الأمن ومسؤولي السجن في سجن الوثبة. تجاهلت السلطات الإماراتية الدعوات المتكررة من أعضاء "البرلمان الأوروبي" وخبراء الأمم المتحدة وأفراد أسرتها لإطلاق سراحها لأسباب صحية.
خلال العام الماضي، كانت هناك مخاوف متزايدة بشأن تدهور صحة الناشطَين الحقوقيَّين أحمد منصور وناصر بن غيث، المحتجزين ظلما في ظروف سجن بائسة، وحُرِما من الرعاية الصحية في سجنَي الصدر والرازين على التوالي.
قال بَيج: "ما يبدو أنه محاولة انتحار شابة إماراتية في زنزانة معزولة هي ضربة أخرى لصورة الإمارات كدولة متسامحة ومتقدمة. إذا كانت الإمارات تريد إظهار احترام سيادة القانون، فعليها أن تسمح فورا للمراقبين الدوليين المستقلين بالوصول إلى سجونها، وكذلك بالزيارات الخاصة والمنتظمة للسجناء".