(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن تحقيق الأمم المتحدة الجديد بشأن الجرائم التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") في العراق لم يحصل على الولاية اللازمة. في 31 مايو/أيار 2018، عين الأمين العام للأمم المتحدة كريم خان لرئاسة فريق موكل بجمع وحفظ الأدلة بشأن الجرائم الخطيرة التي ارتكبها داعش في العراق.
أُنشئ الفريق بناء على قرار بالإجماع لمجلس الأمن الدولي في 21 سبتمبر/أيلول 2017. يعطي القرار فريق التحقيق ولاية توثيق الجرائم الخطيرة التي ارتكبها داعش، لكنه لا يشمل الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات المعادية للتنظيم.
قالت بلقيس جراح، مستشارة أولى مختصة بالعدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "عمليا، عبر تحديد نطاق عمل فريق التحقيق الجديد، يغطي قرار مجلس الأمن عدالة غير شاملة. رغم قدرة التحقيق على المساعدة في فضح انتهاكات داعش وتحديد المسؤولين عنها، يجب ألا يكون ذريعة لتأخير التحقيق بشأن جرائم باقي الأطراف".
قالت هيومن رايتس ووتش إن خان سيواجه بلا شك تحديات كبيرة في منصبه الجديد؛ كالحاجة إلى التنسيق مع سلطات الحكومة العراقية وإقليم كردستان بشأن تصحيح مجموعة من العيوب في النظام القضائي العراقي، وبناء جسور تواصل مع الضحايا، والتعاون مع جهود التوثيق الأخرى.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه بينما تمثل المبادرة الهادفة إلى معالجة الفظائع التي ارتكبها داعش خطوة أولى إيجابية لدعم جهود المساءلة في العراق، فإنها لا ترقى إلى النهج الشامل المطلوب لإنهاء العدالة الانتقائية التي ابتُلي بها العراق منذ عقود. يهدد الافتقار المستمر إلى العدالة في العراق جديا بإثارة انقسامات جديدة، في وقت توجد أمام الحكومة العراقية فرصة فريدة للانتقال بالبلاد إلى مصالحة مهمة. يمكن أيضا أن يشكل سابقة خطيرة ويجعل باقي حكومات العالم تتبع ذات النهج الانتقائي لتحقيق العدالة في أعقاب النزاعات.
كان قائد الفريق خان مستشارا قانونيا في مكتب المدعي العام في المحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا. كما عمل محامي دفاع في قضايا مختلفة في "المحكمة الجنائية الدولية" والمحكمة اليوغوسلافية و"المحكمة الخاصة لسيراليون".
قالت هيومن رايتس ووتش إن أمام خان مهمة صعبة. للحصول على أي فرصة لتحقيق مكاسب دائمة وذات مصداقية في مكافحة الإفلات من العقاب في العراق، سيكون عليه تنفيذ ولايته بشكل مستقل ومبتكَر.
ينبغي لخان التأكد من ألا يساهم فريق التحقيق في إجراءات قد تتسبب في عقوبة الإعدام، تماشيا مع سياسة الأمم المتحدة العريقة بعدم دعم أو مساعدة العمليات التي قد تؤدي إلى هذه العقوبة. الإعدام عقوبة شائعة ضد المدانين بانتمائهم إلى داعش في العراق.
بالإضافة إلى ذلك، سيتعيّن عليه معالجة أوجه القصور القانونية الخطيرة والمستمرة التي تقوض نظام العدالة العراقي. ينبغي لفريقه الضغط على السلطات العراقية لتحسين احترام الحق في الإجراءات القانونية الواجبة للمتهمين والمحتجزين من داعش إذا كان الفريق سيشارك المعلومات التي يجمعها لاستخدامها في إجراءات عادلة ومستقلة، بما يتماشى مع اختصاصاته.
ينبغي للفريق أيضا حث السلطات العراقية على توجيه اتهامات إلى المشتبه فيهم من داعش بشأن أخطر الجرائم التي ارتكبوها، واتخاذ نهج يركز أكثر على الضحايا في جهود المساءلة الوطنية. يحاكم العراق آلاف المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب بتهم الانتماء إلى داعش. لكنه لم يوجه إلى أي منهم أي تهمة تتصل بارتكاب جرائم دولية خطيرة مثل الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب أو الإبادة الجماعية، كون القانون العراقي لا يراها جرائم جنائية، أو حتى جرائم عنف محددة مثل القتل والاغتصاب والعبودية. لم تبذل السلطات أي جهد لالتماس مشاركة الضحايا في المحاكمات.
قالت جراح: "لن يكون الفريق بوضعه الحالي قادرا على مشاركة معلوماته دون أن يتم إدخال تحسينات جوهرية على نظام العدالة والضمانات المتصلة بعقوبة الإعدام. الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة في الجرائم الخطيرة في العراق تتطلب قيادة ثابتة ومبدئية من خان".