عند معبر حدودي بين سوريا وتركيا، قال مُهرب، وهو يجهز 7 من طالبي لجوء سوريين لدخول تركيا، لصبي يبلغ من العمر 13 عاما أن يعبر. أشار إلى الجانب الآخر من شارع واسع، وقال: "انظر هناك. اركض إلى هناك، إنها تركيا". ركض الصبي. بعد لحظات دوت طلقات نارية، وسقط الفتى ميتا في الشارع. التفت المهرب إلى بقية المجموعة وقال لهم: "يمكنكم العبور الآن، لن يُطلقوا النار مرة أخرى".
كانت هذه إحدى أساليب التهريب العديدة الخطيرة التي أخبرني لاجئون سوريون أنهم شاهدوها وهُم يُخاطرون بحياتهم ويُحاولون جاهدين الوصول إلى تركيا. استخدمت العائلات التي قابلتها مؤخرا في جنوب تركيا، حيثُ فر العديد منهم من القتال ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، مُهربين للفرار. طيلة 3 سنوات، كانت الطريقة الوحيدة التي تُمكن السوريين من عبور الحدود التركية المُغلقة، إما أن يكونوا قد أصيبوا بجروح بالغة ويحتاجون إلى مساعدة طبية تُنقذ حياتهم، أو أن يجدوا مُهربا لمساعدتهم على التسلل بعيدا عن حرس حدود تركيا.
أثني على تركيا لاستضافتها عددا من اللاجئين أكثر من أي دولة أخرى في العالم - بما في ذلك 3.5 مليون سوري - لكنها أنهت تقريبا بناء جدار حدودي طوله 900 كم، واتبعت سياسة عنيفة من خلال إطلاق النار على السوريين الذين يُحاولون عبور الحدود. منذ منتصف 2015 على الأقل، قامت بترحيل أعداد كبيرة من طالبي اللجوء السوريين الذين تم اعتراضهم على الحدود، وهو ما وثقناه عدة مرات.
وفقا لموقع ميديا بار، وهو جريدة تحقيق إلكترونية فرنسية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي دعم جهود تركيا، حيث منحها 83 مليون يورو للمركبات والمعدات العسكرية "لمطاردة" اللاجئين، "بما في ذلك على الحدود التركية السورية". إنه فصل مظلم جديد، إن تم تأكيده، في تعاون الاتحاد الأوروبي مع تركيا في مجال الهجرة، وربما يُفسر سكوت الاتحاد الأوروبي عن الانتهاكات على الحدودية التركية.
فر أكثر من 6 ملايين سوري من البلاد منذ اندلاع النزاع عام 2011، وفر ما لا يقل عن 6 ملايين آخرين من منازلهم، لكنهم ظلوا في سوريا. بحلول منتصف مارس/آذار، فر ما يقرب من 400 ألف شخص من دير الزور، الذي كان آخر معقل مركزي لداعش في سوريا، بحسب الأمم المتحدة. كثيرون تم تهريبهم إلى تركيا.
بالنسبة للكثيرين منهم، لم يكن البقاء في سوريا خيارا، وكان الإغلاق الفعلي للحدود التركية يعني فقط أن الوصول إلى الأمان أصبح أصعب بكثير.
بالإضافة إلى طلب مبالغ باهظة من الأشخاص الضعفاء، غالبا ما يقود المهربون طالبي اللجوء إلى رحلات تُهدد حياتهم، أو على متن قوارب مطاطية غير مُناسبة، أو عبر حقول ألغام، أو على طول وديان شديدة الانحدار، وأحيانا في طقس مُتجمد، أو مُطالبتهم بالقفز من على جدران عالية. قال لي طالبو اللجوء إنهم دفعوا للمهربين ما بين 300 و8 آلاف دولار أمريكي للوصول إلى تركيا، وغالبا ما يستنفدون مواردهم، أو يلجؤون للاستدانة. من بين طالبي اللجوء نساء حوامل، وأسر تُسافر مع أطفال صغار كان يجب تخديرهم ليناموا خلال الرحلة، أو أقارب كبار السن وذوي احتياجات خاصة كان يجب حملهم أو أن يزحفوا إلى بر الأمان. هرب الكثيرون وهم لا يحملون شيء معهم.
يفهم طالبو اللجوء السوريون أنه بعد 7 سنوات من النزاع، لم تعد الدول المجاورة مستعدة للمساعدة. مثلما رأينا في الأردن، تركيا، ولبنان، سيبنون جدرانا، ويخلقون عقبات إدارية لإبعاد طالبي اللجوء.
لكننا رأينا مُباشرة أن غريزة البقاء على قيد الحياة لا يمكن إيقافها، وأن طالبي اللجوء سيخاطرون بمالهم، وأرضهم، وحتى حياتهم من أجل وعد بالأمان
إغلاق الحدود لن يُثني الناس عن القيام بالرحلة، بل سيزيد من المخاطر، ويُثري المُهربين، ويجعل التفتيش والتحري على الحدود أقل احتمالا.
يحتاج العالم من جيران سوريا أن يسمحوا لطالبي اللجوء السوريين بالدخول على الأقل مؤقتا لتقييم مطالبهم، وإجراء التحريات الأمنية المُناسبة. ولتحقيق ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وبلدان أخرى بحاجة إلى توفير المزيد من المساعدة.
هذا يعني توسيع المساعدات للاجئين والجماعات المُضيفة في الدول المُجاورة لسوريا، والتأكد من أن تمويلات أمن الحدود لا تُستخدم لمنع طالبي اللجوء من الفرار، بل لإنشاء مراكز استقبال مُناسبة حيث يمكن التعامل مع الأشخاص المصدومين بكرامة، مع ضمان الاحتياجات الأمنية المشروعة للحكومات المُستقبلة. هذا يعني مُباشرة تقاسم مسؤولية استضافة اللاجئين عن طريق تعزيز إعادة توطين السوريين في أوروبا والولايات المتحدة.