يُرمى آلاف الشباب التونسيين كل عام في السجن لتعاطيهم المخدرات أو حيازتها. تُظهر إحصائيات وزارة العدل أن هناك 6700 شخصا في السجن لتعاطي المخدرات العام الماضي وحده. يشكل هذا الرقم ثلث المسجونين في البلاد تقريبا. لا يشكل ذلك عبئا غير ضروري على السجون التونسية المكتظة وحسب، ولكن تجريم تعاطي المخدرات يؤدي إلى انتهاكات أخرى أيضا.
احتفلت المنظمات الحقوقية عندما أعلن البرلمان التونسي في وقت سابق هذا الشهر أنه سيبدأ مناقشة مشروع القانون الذي يسعى إلى إعادة النظر في قانون المخدرات رقم 52 القاسي. رغم أن مشروع القانون ليس مثاليا، إلا أنه يلغي عقوبة السجن لتعاطي المخدرات وحيازتها للمرة الأولى والثانية.
لم يدُم التفاؤل طويلا، ففي 11 يناير/كانون الثاني 2017، قدّمت وزارة العدل نسخة جديدة من مشروع القانون، أعادت عقوبة السجن لتعاطي المخدرات وحيازتها للمرة الأولى والثانية. يلغي هذا التعديل التقدم في المشروع السابق، ولو أن القضاة سيحتفظون بحرية القرار بخصوص سجن التعاطي المتكرر.
قمت في 2015 و 2016 بمقابلة عشرات الشباب الذين يحاكمون بتهمة تعاطي الحشيش عند إعدادي تقرير "كل هذا بسبب سيجارة حشيش". وصف الشباب جميع أنواع سوء المعاملة المتعلقة بإنفاذ القانون 52، بما فيها الضرب والإهانات أثناء الاعتقال والاستجواب. قال لي بعضهم إن الشرطة ألقت القبض عليهم بشكل عشوائي عند نقاط التفتيش، أو خلال عمليات اعتقال جماعية، وأمرتهم بالخضوع لاختبار البول، حتى لو لم تعثر معهم على مخدرات. واذا كانت نتيجة الاختبار ايجابية فهذا يعني ان لا مفر من السجن. هناك، تبدأ محنة أخرى: يجد الشباب أنفسهم مسجونين مع أشخاص مدانين بارتكاب جرائم خطيرة، في زنازين مكتظة وظروف غير إنسانية. حتى بعد خروجهم من السجن، يُصعّب سجلهم الجنائي العثور على وظيفة.
على البرلمانيين رفض مشروع القانون هذا كما عدلته الحكومة، وإعادة إلغاء عقوبة السجن. عليهم الإصرار على التعامل مع تعاطي المخدرات على ما هي عليه فعلا: مشكلة تتعلق بالصحة العامة، بدلا من كونها جريمة كما يسعى البعض إلى توصيفها. يستحق الشباب التونسي ما هو أفضل من هذا القانون.