(بيروت) قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على سلطات العاصمة اليمنية صنعاء الإفراج الفوري ودون قيد أو شرط عن رجل من الطائفة البهائية مُعتُقل تعسفا منذ نحو 4 أشهر، وإنهاء اضطهاد هذه الطائفة الدينية.
كيوان قادري (43 عاما) هو آخر بهائي لا يزال معتقلا من بين حوالي 50 احتجزوا بعد اعتقالات واسعة في 10 أغسطس/آب 2016. أفرج عن معظمهم في غضون أيام. احتُجز رجلان آخران حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني وأطلق سراحهما. لم تُوجه تهم لقادري ولم يمثل أمام قاض ولم يُسمح له بتوكيل محام. رفضت السلطات مرارا السماح له بلقاء عائلته، وسمحت له بمكالمة هاتفية واحدة فقط في سبتمبر/أيلول.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "أظهرت السلطات في صنعاء قدرتها على تصحيح الأخطاء عندما أفرجت عن عشرات من الطائفة البهائية الذين اعتُقلوا تعسفيا في أغسطس/آب. إلا أن انتهاكات الحقوق ستستمر طالما لا يزال كيوان قادري معتقلا ظلما".
يسيطر الحوثيون، المعروفون أيضا باسم "أنصار الله"، على صنعاء ومناطق واسعة في اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014. أعلن الحوثيون و"المؤتمر الشعبي العام" بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، تشكيل "حكومة الإنقاذ الوطني" لإدارة البلاد، التي تشرف على وزارة الداخلية في صنعاء ومراكز الاحتجاز في مناطق اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون وصالح. وثّقت هيومن رايتس ووتش الاحتجاز التعسفي لعشرات الناس على يد سلطات صنعاء، وحثّت السلطات على إطلاق سراح المحتجزين تعسفيا والتحقيق في الانتهاكات المزعومة أثناء الاعتقال.
داهمت عناصر مسلحة من "جهاز الأمن القومي"، وكالة المخابرات اليمنية، في 10 أغسطس/آب ورشة عمل شبابية لبهائيين، واعتقلت 65 رجلا وامرأة، من بينهم قادري. اتصل المسؤولون الأمنيون في وقت لاحق من ذلك اليوم بنديم السقاف ونادر السقاف، زوجي روحية ثابت ونفحة السنائي المعتقلتين، وطلبوا منهما القدوم إلى مقر جهاز الأمن القومي لأخذ زوجتيهما، ولكنهم اعتقلوا الرجلين عندما وصلا.
قالت نفحة السنائي لـ هيومن رايتس ووتش إنها استُجوبت لساعتين تقريبا وسُئلت عن أعضاء آخرين من الطائفة البهائية والأنشطة البهائية في اليمن. قالت إن الضابط اتهمها بمحاولة تحويل الناس إلى العقيدة البهائية.
أفرجت السلطات بعد أيام عن معظم أعضاء الطائفة البهائية، لكنها واصلت احتجاز قادري والمرأتين وزوجيهما ومواهب يعقوب.
أفرج جهاز الأمن القومي عن السنائي في 21 أغسطس/آب بعد إصابتها بمرض، ولطلبها المستمر بالعودة إلى بيتها وطفلها الصغير. لم يسمح لها المسؤولون بالحديث مع عائلتها خلال فترة اعتقالها. قالت إن مسؤولي الأمن أجبروها ووالديها على توقيع تعهد، مثل أعضاء الطائفة البهائية المعتقلين الآخرين، كشرط لإطلاق سراحها، بعدم المشاركة في أي أنشطة بهائية وممارسة البهائية في المنزل فقط.
أفرجت السلطات عن المرأتين الأخريين بعد نحو شهر. قالت روحية ثابت إنه بعد قصف شديد نفذته قوات التحالف بقيادة السعودية على صنعاء أواخر أغسطس/آب، توسلت إلى مسؤولي السجن لإطلاق سراحها لقلقها على أولادها بسبب اعتقالها وزوجها. قالت إن المسؤولين وافقوا على إطلاق سراحها بشرط أن تظل مستعدة للعودة للتحقيق والتوقيع على تعهد مماثل.
ضغط أعضاء الطائفة البهائية على سلطات صنعاء لإطلاق سراح الرجال الثلاثة. قالت زوجتا الأخوين لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي الأمن طلبوا منهما تقديم ضمانات مالية والتعهد بوقف الأنشطة البهائية، وهددوهما بترحيل قادري، وهو مواطن إيراني، وغيره من البهائيين دون جنسية يمنية.
وثّقت هيومن رايتس ووتش مضايقات واعتقال تعسفي واحتجاز لأعضاء الطائفة البهائية في إيران. يحظر القانون الدولي ترحيل أي شخص إلى بلد يمكن أن يتعرض فيه للاضطهاد أو سوء المعاملة.
سُمح لزوجتي الأخوين بعد إطلاق سراحهما برؤية زوجيهما المعتقلين مرة واحدة في 30 أكتوبر/تشرين الأول. قالتا إن زوجيهما بديا نحيلان بملابس بالية، وإنهما طلبا الطعام. أخذت الزوجتان – مع زوجة قادري – الطعام للرجال في موقع الاحتجاز في 6 أكتوبر/تشرين، ولكن الحراس رفضوا قبوله. أفرجت السلطات في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عن نديم السقاف ونادر السقاف، وأجبروهما على التوقيع على تعهدات مماثلة.
اعتقلت سلطات صنعاء تعسفيا واحتجزت أعضاء من الطائفة البهائية سابقا. من بينهم حامد كمال محمد بن حيدرة، المعتقل منذ ديسمبر/كانون الاول 2013 ويواجه عقوبة الإعدام بسبب معتقداته الدينية على ما يبدو، ولديه جلسة في المحكمة بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول. اعتقلت سلطات الحوثي سابقا الأخوين سقاف ليومين بعد أن حضرا جلسة استماع في قضية حيدرة في مارس/آذار 2015، وحققوا معهما بشأن دينهما وعن أعضاء آخرين من الطائفة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن اعتقالات أغسطس/آب بدت جزءا من مضايقات سلطات صنعاء للطائفة البهائية التي يبلغ تعدادها ألف عضو في اليمن. داهمت السلطات أوائل سبتمبر/أيلول، منظمتي "مؤسسة نداء للتعايش والبناء" و"معهد التميّز للتنمية" اللتان أسسهما بهائيون، وأغلقت المباني واستولت على الملفات والوثائق، واعتقلت الموظفين. داهمت السلطات أيضا منازل 3 بهائيين وصادرت أجهزة الكمبيوتر الشخصية والوثائق وجوازات السفر وملفات أعمالهم.
قالت روحية ثابت إن منزلها تعرض للمداهمة مرتين، وإن الأمن القومي وموظفين من مكتب النائب العام صادروا أجهزة العائلة الإلكترونية ووثائق شخصية. قالت إن السلطات لم تعد جوازي سفر والدها وصديقه الذين صادرتهما أثناء تلك المداهمات.
على الحوثيين وحلفائهم الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تنطبق في اليمن، باعتبارهم سلطات الأمر الواقع في صنعاء وغيرها من المناطق التي يحكمون السيطرة عليها. يضمن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي صادق عليه اليمن عام 1987، حق كل فرد في "حرية اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة".
قالت ويتسن: "اعتقال الأشخاص بسبب معتقداتهم الدينية، أو إجبارهم على التخلي عن تلك المعتقدات كشرط للإفراج عنهم، هو انتهاك لحق حرية الدين. إن أراد الحوثيون اظهار التزامهم بالحقوق الأساسية، عليهم السماح للطائفة البهائية في اليمن بممارسة معتقداتها".