(واشنطن، 7 يوليو/تموز 2016) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السجلات الحكومية الأمريكية التي كُشف عنها مؤخرا، والتي تلخص التحقيقات التي جرت في وفاة 18 مهاجرا محتجزا لدى سلطات الهجرة الأمريكية، تدعم الاستنتاج بأن سوء الرعاية ساهم في 7 وفيات منها على الأقل.
تكشف مراجعة حالات الوفاة، التي حصلت من منتصف 2012 إلى منتصف 2015، عن تدني مستوى الرعاية الطبية التي قُدمت للضحايا، وعن انتهاكات لمعايير الاحتجاز المعمول بها. خلص خبيران طبيان مستقلان –استشارتهما هيومن رايتس ووتش – إلى أن هذا التقصير ساهم ربما في وفاة 7 من أصل 18 معتقلا، وتسبب في تعريض معتقلين آخرين للخطر. تضمنت السجلات أيضا أدلة على سوء استخدام الحبس الانفرادي في حق ذوي الإعاقات الذهنية، وعدم كفاية العلاج النفسي المقدّم لهم، والتقصير في تقديم الرعاية الطبية اللازمة في حالات أخرى.
قالت كلارا لونغ، باحثة في برنامج الولايات المتحدة في هيومن رايتس ووتش، "في عام 2009، وعدت إدارة أوباما بإصلاحات رئيسية لمرافق احتجاز المهاجرين، منها وضع منظومة رقابة مركزية وتحسين الرعاية الصحية. لكن مراجعة الوفيات تؤكد أن تلك المشاكل الهيكلية مازالت على حالها، بما في ذلك الفشل في إصلاح المعايير الطبية المتدنية التي تتسبب في قتل الناس".
تغطي المراجعات، الصادرة عن "إدارة الهجرة والجمارك" في يونيو/حزيران 2016، 18 حالة وفاة من أصل 31 أقرّت بحدوثها منذ مايو/أيار 2012. لم تصدر مراجعات بشأن 13 حالة وفاة أخرى في نفس الفترة الزمنية.
لدى الولايات المتحدة القدرة على احتجاز 34000 شخص من غير المواطنين في مراكز اعتقال مدني في وقت واحد، في شبكة موسعة تضم أكثر من 200 مرفق احتجاز، منها سجون مقاطعة ومراكز احتجاز خاصة ومعتقلات اتحادية. يخضع مئات الآلاف من الأشخاص المحتجزين في هذا النظام كل عام لقوانين اعتقال إلزامية قاسية. لا تسمح هذه القوانين بمراجعة وضع اعتقالهم بشكل فردي أثناء النظر في أوضاع هجرتهم.
أجرى مكتب الإشراف على الاحتجاز التابع لإدارة الهجرة والجمارك مراجعة للوفيات. ورغم أنه حدد الأمور التي رآها تمثل انتهاكات لمعايير الاحتجاز المعمول بها، إلا أنه لم يتوصل إلى استنتاجات بشأن مدى مساهمة أوجه القصور المحددة في وفاة المعتقلين.
طلبت هيومن رايتس ووتش من خبيرين مستقلين مراجعة حالات الوفاة، كما هي موضحة في مراجعات مكتب الإشراف. راجع الحالات الدكتور مارك ستيرن، خبير صحة للإصلاحيات وأستاذ مساعد في الصحة العامة في جامعة واشنطن، وخبير في تحقيقات سابقة لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية، ومدير خدمات صحية سابق لإصلاحية ولاية واشنطن. الخبير الثاني هو الدكتور ألين كيلر، أستاذ مشارك في كلية الطب في جامعة نيويورك، وأستاذ مشارك في كلية غالاتين للحالات الفردية في جامعة نيويورك، ومدير برنامج جامعة نيويورك/كلية بلفيو للناجين من التعذيب، ومدير مركز كلية الطب للصحة وحقوق الإنسان في جامعة نيويورك، وطبيب باطني عام مع خبرة في مجال تقييم وعلاج المهاجرين وفي حصول السجناء على الرعاية الصحية.
وجد الخبيران أدلة على أن الرعاية الطبية كانت متدنية – وحتى خطرة – في معظم المراجعات، ومنها التقصير في متابعة الأعراض التي تحتاج إلى رعاية؛ وممارسة الطاقم الطبي لأمور خارج نطاق تراخيصه وخبرته؛ وسوء استخدام الحبس الانفرادي لمرضى الصحة النفسية؛ والاستجابة البطيئة لحالات الطوارئ.
اتفق الخبيران، في 7 حالات، على أن عدم كفاية الرعاية كانت سببا في وفاة المعتقلين. أبدى الخبيران مخاوف جدية تجاه جودة الرعاية الصحية النفسية في 3 حالات إضافية لأشخاص انتحروا. اتفق الخبيران، في إحدى تلك الحالات، على أن سوء الرعاية تسببت في الوفاة.
في 16 مراجعة، اتفق الخبيران على وجود أدلة لممارسات طبية متدنية يمكنها أن تشكل خطرا على المعتقلين الحاليين أو المستقبليين في تلك المنشآت، حتى في الحالات التي لم يثبت أن التقصير في الرعاية الطبية هو سبب الوفاة الموثقة في المراجعة. لم يجد الخبيران أي دليل على رعاية غير مناسبة في حالتين فحسب من 18 حالة.
حالة مانويل كوتا دومينغو، (34 عاما) هي إحدى الحالات التي اتفق فيها الخبيران على أن الرعاية كانت دون المستوى المطلوب. توفي كوتا، في ديسمبر/كانون الأول 2012، لأنه يعاني من مرض القلب والسكري ومن التهاب رئوي، في مركز ومشفى سانت جوزيف الطبي. توفى بعد فترة وجيزة من نقله إلى هناك من مركز احتجاز إلوي –مرفق خاص تديره شركة الإصلاحيات الأمريكية.
تضمنت مراجعة حالات الوفاة أدلة مقنعة على عدم استجابة أعوان السجن لطلبه المساعدة لنحو 3 ساعات عندما كان كوتا-دومينغو يعاني من صعوبة في التنفس. بعدما أخبر الأعوان مقدمي الخدمات الطبية عن وضعه، تأخروا في تقييم حالته، ثم نقلوه لاحقا إلى المشفى في سيارة عادية بدلا من سيارة إسعاف. خلص الخبيران إلى أن هذه التأخيرات مجتمعة ساهمت على الأرجح في حالة وفاة كان يمكن تلافيها.
خلص الخبيران إلى وجود حالات وفاة مرتبطة بممارسات طبية متدنية، منها راؤول ارنستو موراليس، سانتياغو سييرا سانشيز، بيتر جورج كارليزل روكويل، ليليز رودريجيز، مارجوري آن ماري بيل، وتيومي كيمانا كارلوس. في حالات تيومي كيمانا كارلوس، كليمنتي موندا، وخوسيه دي خيسوس دنيز ساهاجون، التي انتهت بالانتحار بعد إظهار علامات نفسية حرجة، خلص الخبيران إلى أن عدم كفاية الرعاية الصحية العقلية أو إساءة استخدام الحبس الانفرادي زادت من أمراضهم العقلية بشكل كبير.
كشفت المراجعات في أغلب القضايا الـ 18 عن أدلة على ممارسات طبية متدنية يمكنها تعريض المعتقلين في المرافق إلى خطر أذى جسيم.
تمثل القضايا الـ 18 جزءا صغيرا جدا من مئات الآلاف من حالات معتقلي الهجرة المحتجزين خلال الفترة المذكورة، ولا تشمل أوضاع أكثر من 200 مرفق مختلف تستخدمه إدارة الهجرة والجمارك للاحتجاز. تثير المراجعات مخاوف جدية بشأن قدرة الهجرة والجمارك على الكشف والاستجابة المناسبة والنجاح في تصحيح الهفوات الخطيرة التي تحصل في مجال الرعاية الطبية في هذه المرافق. يشمل ذلك حتى الحالات التي أجرت فيها الوكالة تحقيقات مفصلة حول وفاة معتقلين.
كشف تقرير سابق "للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية"، و"شبكة مراقبة الاحتجاز"، و"مركز العدالة الوطني للمهاجرين" أن انتهاكات معايير الرعاية الطبية لعبت دورا هاما في 8 وفيات في الاحتجاز في الفترة 2010–2012. فشلت آليات التفتيش والرقابة في الهجرة والجمارك في تحديد أو معالجة المشاكل التي ساهمت في حالات الوفاة.
قالت جينيفر تشان، مؤلفة مشاركة في تقرير الاتحاد الأمريكي وشبكة المراقبة ومركز العدالة، والمدير المساعد لمركز العدالة، "تشبه الوفيات المأساوية الموصوفة في التحقيقات المنشورة حديثا بشكل مزعج حالات الوفاة المذكورة في تقريرنا إهمال فادح للفترة 2010-2012."
تثبت مراجعة وفاة المعتقلين الـ 18 إخفاق الحكومة الأمريكية في ضمان توفير رعاية صحية ملائمة للمهاجرين في جميع مرافق الاحتجاز. ما يزيد الوضع سوءا هو أن الكثير من المحتجزين لا يجب أن يُحتجزوا أصلا. تستخدم الحكومة الأمريكية مرافق الاحتجاز على نحو واسع، لكن يجب أن يقتصر استخدامها على الحالات التي تحدد فيها المراجعة الفردية أن مصالح الحكومة الشرعية لا يمكن تحقيقها بوسائل أخرى أقل تقييدا.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على إدارة أوباما اتخاذ إجراءات فورية لتحسين آليات الرقابة والتوقف عن استخدام مرافق الاحتجاز التي هي غير قادرة أو غير راغبة في توفير الرعاية الصحية الكافية. على إدارة أوباما أيضا إنهاء استخدام الحبس الانفرادي للمعتقلين ذوي الإعاقات الذهنية.
قالت لونغ "يجب أن تشمل عمليات التدقيق الاتحادية الروتينية لمرافق احتجاز المهاجرين الممارسات الطبية الخطيرة المذكورة في هذه المراجعات. فشل إدارة الهجرة في معالجة تدني الرعاية الطبية قبل حدوث هذه الوفيات، والمراجعات المتعلقة بعديد الوفيات في أحد المرافق المذكورة، تؤكد أن المشاكل لم تُعالج بشكل كاف بعد هذه الوفيات."