بيروت – ظهرت مزاعم عن تعذيب قوات الأمن المصرية مجموعة من 20 شخصا، بينهم 8 أطفال، في فبراير/شباط 2016 إثر حملة اعتقالات في الإسكندرية. قال أهالي ومحامون إن السلطات رفضت الإقرار باحتجازهم أو إخبار الأهالي بأماكنهم لأكثر من أسبوع، وعذبتهم لإجبارهم على الاعتراف بجرائم أو تقديم أسماء مشتبهين آخرين
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أهالي ومحامين يمثلون 3 صبية، بين 16 و17 عاما، و3 شبان بين 18 و21 عاما، تم احتجازهم في حملة اعتقالات على خلفية التظاهر دون تصريح، مع مزاعم بارتكاب أعمال تخريب وإشعال حرائق والانضمام لتنظيم محظور. رغم أن الأهالي قالوا إن الاعتقالات وقعت في 4 و5 فبراير/شباط، زعم الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية في تقارير قُدمت للنيابة إن الاعتقالات تمت في 12 فبراير/شباط، قبل يوم من ظهور المعتقلين أمام النيابة. يستوجب القانون المصري إصدار تصاريح للقبض على الأفراد، وأن يمثل أي مُحتجز أمام النيابة خلال 24 ساعة من توقيفه.
قالت زاما كورسن-نيف مديرة قسم حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش: "أخفى بعض المسؤولين المصريين أطفالا ويبدو أنهم عذبوهم، ثم لفقوا سجلات التوقيف لإخفاء الحقيقة. تجاهلت السلطات تقارير عن التعرض لانتهاكات ورفضت التحقيق".
وصف 6 من المعتقلين للأهالي كيف عُذبوا وتعرضوا لضروب أخرى من سوء المعاملة في مديرية الأمن، بحسب الأهالي. من أشكال المعاملة السيئة التعرض إلى اللكم والصعق بالكهرباء في الأعضاء التناسلية، وربط الذراعين والتعليق منهما، والتقييد بالأصفاد في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وسكب المياه عليهم، والإجبار على النوم على الأرض في طقس بارد. وقعت الاعتقالات بعد تقارير عن هجوم لإحراق مرآب وسيارة شرطة مرور في الساعات الأولى من صباح 4 فبراير/شباط بحي العصافرة في الإسكندرية، وهي التهمة الموجهة إلى بعض المعتقلين. هناك جرائم أخرى يُزعم أن المعتقلين ارتكبوها وقعت في أوقات مختلفة.
تتفق الاعتقالات المذكورة مع نسق الانتهاكات والأذى المعروف عن عناصر الأمن الوطني. وثقت هيومن رايتس ووتش منذ 2014 ارتكاب عناصر الأمن الوطني تكرارا الإخفاء القسري والتعذيب، وإخفاق النيابة والقضاة في التحقيق في الانتهاكات التي يذكرها المحامون. بين 1 ديسمبر/كانون الأول 2015 و31 مارس/آذار 2016 وثقت "المفوضية المصرية المستقلة للحقوق والحريات" 204 حالة اختفاء قسري على يد أجهزة الأمن المصرية.
قال الأهالي لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يذهبون يوميا إلى نيابة الإسكندرية لكن عرفوا بمكان المحتجزين للمرة الأولى في 13 فبراير/شباط عندما شاهدوهم يؤخذون إلى سراي النيابة بالسيارات. قبل ذلك كان ضباط الأمن الوطني يتحفظون على المعتقلين في الطابق الرابع من مديرية أمن الإسكندرية، وهو مبنى إداري لا يُعتبر موقع احتجاز رسمي، وعذبوهم هناك، بحسب قول المعتقلين للأهالي.
في إحدى الوقائع، قام رجال في ثياب مدنية عرّفوا أنفسهم بصفتهم من الأمن الوطني، باعتقال ن. (16 عاما) في 4 فبراير/شباط فيما كان نائما في فراشه بالبيت، ولم يسمحوا له بارتداء حذائه قبل أخذه حافي القدمين، على حد قول أحد أقاربه لـ هيومن رايتس ووتش. وصف قريبه ما حدث عندما رأته الأسرة أخيرا بعد أسبوع: "حاولت احتضانه، لكنه لم يتحمل يدي على ظهره. كان يؤلمه".
حصلت هيومن رايتس ووتش على أسماء المعتقلين العشرين.
قال محام يمثّل بعض المعتقلين وبينهم طفلين: "عُذبوا بالكهرباء. عُلقوا من معاصمهم، ولم يُسمح لهم بالنوم، وجردوا من ثيابهم".
قال المحامي إن الأطفال أخبروا النيابة بما حدث، لكن النيابة لم تأمر بأية تحقيقات لأن وقت مثولهم أمامها لم تكن هناك آثار تُذكر باقية على أجساد الضحايا.
اعتقلت قوات الأمن 3 أشخاص آخرين في القضية نفسها في الأيام التالية على حملة الاعتقال الأولى. من بين المحتجزين الـ23، أفرج المسؤولون عن 5 معتقلين، بينهم طفلين، دون اتهامات بعد المثول أمام النيابة في 13 فبراير/شباط. أُفرج عن 9 آخرين بكفالة 5000 جنيه مصري (560 دولارا) عن كل منهم، في جلسات منفصلة في مارس/آذار. كما أفرج بموجب كفالة عن 5 آخرين، بينهم طفل، في 19 أبريل/نيسان. قال محام إن 4 أشخاص ما زالوا محتجزين.
إضافة إلى الاعتقالات والإخفاء في 4 و5 فبراير/شباط ، ذكر الإعلام المحلي ونشطاء وحركات حقوقية إنه تم إخفاء أكثر من 25 شخصا قسرا، بينهم أطفال، في الإسكندرية شهريّ مارس/آذار وأبريل/نيسان، مع ادعاءات بنقل بعض المعتقلين إلى مديرية الأمن ومبنى الأمن الوطني بالإسكندرية وتعذيبهم. قالت لـ هيومن رايتس ووتش عائلة معتقل أوقف في قضية أخرى ومحام سابق من الإسكندرية، كل على انفراد، إن المعتقلين احتُجزوا وعُذبوا في الطابق الرابع بمديرية أمن الإسكندرية.
يحظر دستور 2014 التعذيب والإكراه وكذلك الاعتقال دون أمر قضائي، وينص على أن من تقيّد حريته "يُمكن من الإتصال بذويه وبمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته". الدستور وقانون الطفل المصري لعام 1996، المعدل في 2008، يعرّفان الطفل بأنه أي شخص تحت 18 عاما، ويطالبان بإمداد الطفل المحتجز بالمساعدة القانونية وبالاحتجاز "في أماكن مناسبة ومنفصلة عن البالغين".
كما تعهدت مصر بكفالة القوانين الدولية التي تحمي حقوق الطفل وتحظر – دون استثناءات – التعذيب والاختفاء القسري، وتعريفه هو رفض الدولة الإقرار بحرمان شخص من حريته على يد أعوان الدولة، أو إخفاء مصير شخص أو مكانه. يُعرّف التعذيب على أنه قيام أعوان الدولة قصدا بإلحاق ألم بالغ أو معاناة، سواء بدنية أو نفسية، بشخص ما لغرض انتزاع معلومات أو اعترافات. مطلوب من مصر التحقيق في المزاعم القابلة للتصديق بالتعرض للتعذيب وغير ذلك من الجرائم، وأن تلاحق الجناة قضائيا.
وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية مصرية و"المجلس القومي لحقوق الإنسان" الاختفاءات القسرية والتعذيب للمعتقلين، وبينهم أطفال، والإفلات شبه الكامل من العقاب المُتاح للأجهزة الأمنية المسؤولة عن تلك الانتهاكات.
قالت كورسن-نيف: "أجهزة الأمن المصري تخفي وتعذب الأطفال بناء على اشتباهات واهية بجرائم تمس ممتلكات، أو لمجرد مشاركتهم في احتجاجات". وأضافت: "تستحق العائلات المصرية سلامة أطفالها والمحاسبة لمسؤولي الأمن، الذين آذوهم بكل قسوة".
إخفاء الأطفال وتعذيبهم
قابلت هيومن رايتس ووتش أقارب 6 معتقلين ذكروا إنهم – المعتقلين – أخبروهم كيف عذبهم رجال الأمن وأساؤوا معاملتهم في مديرية الأمن. قالوا إن المعاملة السيئة شملت اللكم والصعق بالكهرباء في الأعضاء التناسلية، وربط أذرعهم وتعليقهم منها، والتقييد بالأصفاد في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وسكب الماء عليهم، وإجبارهم على النوم على الأرض في طقس بارد. كان متوسط درجة الحرارة في الإسكندرية في فبراير/شباط 13 درجة مئوية.
قال قريب شقيقين (16 و18 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش إنهما "كانا يرتديان نفس الثياب التي كانت عليهما طيلة اختفائهما 10 أيام، لذا عندما رأيتهما [في 13 فبراير/شباط] كانا في حالة بائسة".
قال المحامون والأهالي إن مسؤولي الأمن الوطني أخبروا النيابة بأن مجموعة من المعتقلين متهمة بتخريب ماكينة صراف آلي (أيه تي إم) وبارتكاب أعمال حرق، واتهام مجموعة أخرى بالمشاركة في مظاهرات غير قانونية و"الانضمام إلى تنظيم محظور"، في إشارة واضحة إلى "الإخوان المسلمون".
ن.
ن. يبلغ من العمر 16 عاما وكان في الصف الثالث الثانوي. كان نائما في فراشه عندما قبض عليه أكثر من 12 رجلا في ثياب مدنية في الثامنة صباح 4 فبراير/شباط، على حد قول أحد أقاربه.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 2 من أقاربه في 10 فبراير/شباط، وقت كان مكان ن. ما يزال مجهولا، وفي 13 فبراير/شباط عندما ظهر للمرة الأولى في المحكمة. لم تعرض السلطات أمر تفتيش ولم تذكر سبب الاعتقال، لكن عرّف الرجال عن أنفسهم بصفتهم من عناصر الأمن الوطني "وهم يخرجون من الباب، بعد أن أخذوه وفتشوا حجرته وأخذوه هاتفه [المحمول]، ووحدتي ذاكرة "يو إس بي"، ووشاح مكتوب عليه كلمة فلسطين"، حسبما قال قريب له.
"أخذوا بعض الزجاجات الفارغة، وجركن يحتوي قليلا من البنزين المستخدم في أغراض النظافة" ربما كدليل على إلقاء ن. زجاجات المولوتوف، وهو الأمر الذي تناولته التحقيقات فيما بعد. "لم يدعوه حتى يرتدي حذاءه، فأخذوه حافي القدمين".
قال قريب ن. إن الأسرة بحثت عنه وتقدمت بشكاوى وطلبت المساعدة من مسؤولين بالدولة، دون جدوى، وهي العملية المماثلة لتلك التي وصفها أهالي المعتقلين المختفين الآخرين:
بدأنا بالسؤال في جميع أقسام الشرطة عنه. أرسلنا برقية إلى مكتب النائب العام والمحامي العام لنيابات الإسكندرية، وتقدمنا ببلاغ في قسم الشرطة. هناك نحو 20 شخصا اعتُقلوا في يوم واحد، وتقدم الأهالي ببلاغات منفصلة بالإضافة إلى بلاغ مشترك. ذهب والده [والد ن.] إلى قسم المنتزه ثاني، لكنهم أنكروا وجوده عندهم، بل وتحفظوا على والده لساعتين قبل تركه يذهب.
سألنا عنه [ن.] في أقسام الشرطة الأخرى لكنهم قالوا الشيء نفسه. ثم ذهبت بعض العائلات إلى رئيس نيابات الإسكندرية الذي أنكر معرفته بأي شيء عن الاعتقالات. وعد بزيارة بعض أماكن الحجز ليرى إن كانوا بها.
دأب أقارب المعتقلين المفقودين على الذهاب لمجمع المحاكم بالمنشية كل يوم أملا في رؤية المعتقلين إذا نُقلوا إلى النيابة هناك. في 13 فبراير/شباط، على حد قول قريب ن.: "رأينا الكثير من رجال الشرطة والجنود هناك، وجُلب الأولاد في عدة سيارات إلى النيابة".
طلبت الأسرة من 3 محامين تولي قضية ن. لكنهم رفضوا "لأنهم رأوا أن في ذلك خطر عليهم". وافق محام رابع، على حد قول القريب. رفض المحامي الحديث إلى هيومن رايتس ووتش خوفا على سلامته.
سمحت النيابة للمحامي بحضور استجواب ن.، وقال المحامي للأسرة إن محضر الشرطة يزعم أن ن. أُوقف من الشارع في 12 فبراير/شباط، على حد قول قريبه. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الاطلاع على نسخة من محضر ن.، لكن أقارب للأطفال والبالغين الآخرين المتهمين في القضية نفسها ومحاميّيهم – تمت مقابلة بعضهم كل على انفراد – قالوا جميعا إن الشرطة رفعت محاضر بنفس تاريخ التوقيف الملفق. قال محاميه للأسرة إن ن. متهم بتخريب ماكينة صراف آلي وبالمشاركة ضمن مجموعة في محاولة إحراق سيارة شرطة.
قال قريب ن. إنه تمكن من الحديث لأسرته لخمس دقائق أخيرا، وقال إن ضباط الأمن عذبوه في الطابق الرابع من مديرية أمن الإسكندرية:
كانت هناك كدمات على رقبته. عندما حاولت احتضانه لم يحتمل يدي على ظهره الذي كان يؤلمه للغاية. راح يحك عينيه. سألته عن السبب فقال إنه كان معصوب العينين طوال احتجازه. فقد الكثير من وزنه.
قال القريب إن بعد استجواب النيابة، نُقل ن. إلى قسم المنتزه حيث احتُجز في زنزانة مع بالغين 3 أيام قبل أمر النيابة باستمرار احتجازه على ذمة التحقيق 15 يوما أخرى، فنُقل إلى زنزانة للأطفال في نفس القسم.
وصف ن. الزنزانة بأن مساحتها 2×1.5 مترا وفيها 15 شخصا، على حد قول قريبه، الذي أضاف: "لم يتمكنوا من النوم أو حتى الجلوس بشكل عادي. كنت أريد أن أعطيه زجاجة ماء لكنه قال إنه لا يريد طعاما لأنه لا يوجد مرحاض [في الزنزانة]". أُفرج عنه بكفالة في 10 مارس/آذار.
ي. و م.
اعتُقل الشقيقان ي. و م. (16 و18 عاما) في قضية واحدة، وتعرضا للاختفاء القسري والتعذيب وأشكال أخرى من المعاملة السيئة، على حد قول قريب لهما في مكالمة هاتفية مع هيومن رايتس ووتش في 30 مارس/آذار. قال الشقيقان لأسرتهما إنهما واجها في مديرية أمن الإسكندرية:
التعليق من المعصمين، والصعق بالكهرباء والضرب في مناطق حساسة وسكب المياه عليهما، والتجريد من الثياب باستثناء السراويل الداخلية. كانا ينامان على الأرض، وارتديا نفس الملابس على امتداد 10 أيام من الاختفاء، لذا فعندما رأيناهما كانا في حالة بائسة. تعرضا للتعذيب لانتزاع اعترافات أو على الأقل لإعطاء أسماء آخرين.
قال الشقيق الأصغر ي. إنه احتُجز يومين في قسم المنتزه، ثم نُقل إلى مكتب الأمن الوطني في حي سموحة، ثم نُقل إلى الطابق الرابع في مديرية الأمن على حد قول قريبه، الذي أضاف: "لم يعرف ماذا يقول لهم، أو طبيعة التهمة. هددوه بأنهم سيعتقلون أمه وأخته ويضربوهما".
أوقف الشقيقان في ساعة مبكرة من صباح 5 فبراير/شباط بمحل عمل الشقيق الأصغر، وكان يعمل في وردية ليلية من السادسة مساءً إلى الرابعة صباحا. آخر مرة تواصلت الأسرة مع ي. كان في مكالمة هاتفية في الواحدة صباحا، عندما قال ي. إنه عائد إلى البيت في نهاية ورديته. عندما لم يعد، ذهب قريب لزيارته في مكان عمله في السابعة صباحا، فقال صاحب عمل ي. للقريب إن رجالا في ثياب مدنية قبضوا عليه، بالإضافة إلى شقيقه الأكبر م. وصديق وهما كانا يزوران ي. في مكان عمله. ثم، وضعوهم في سيارة شرطة كانت تنتظر بالخارج. أنكرت الشرطة في قسم المنتزه احتجاز الشقيقين، كما أنكرت أقسام شرطة أخرى ومكاتب لوزارة الداخلية احتجازهما، على حد قول القريب.
تلك الليلة حضرت مجموعة من 30 رجل شرطة – وكانوا رجالا في ثياب مدنية ويرتدي بعضهم أقنعة تغطي الوجه عدا العينين ورجل قدم نفسه بصفته ضابط أمن وطني – لتفتيش بيت الشقيقين دون إظهار إذن تفتيش، على حد قول القريب: "اقتحموا البوابة المعدنية بالأسفل. السبب الوحيد لعدم كسرهم باب الشقة هو أننا أفقنا من النوم وكنا بانتظارهم عندما صعدوا إلينا. عندما سألت [عن ي. و م.] قالوا لا نعرف شيئا عنهما".
تم الإفراج عن ي. دون اتهامات في 13 فبراير/شباط وما زال م. في سجن برج العرب القريب من الإسكندرية.
قال القريب إن ي. (وليس م.) قد اعتقل 3 مرات من قبل، وكان عمره في المرة الأولى 14 عاما. في كل مرة كانت الاتهامات متشابهة، من قبيل التظاهر دون تصريح وقطع الطريق والانضمام لتنظيم محظور. بعد احتجاز ي. 20 يوما في فبراير/شباط 2014، أُفرج عنه بعد إنزال عقوبة تأديبية به بصفته حدث، وفي مايو/أيار 2014 قبضت عليه الشرطة وحكم عليه قاض بالسجن عدة سنوات على اتهامات مماثلة لاتهامات القضية الحالية، على حد قول قريبه، لكن تمت تبرئته بعد الطعن بالحُكم وأُفرج عنه بعد قضاء 10 شهور في السجن، في يناير/كانون الثاني 2015. قُبض عليه مرة أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 واحتُجز 45 يوما، ثم أُفرج عنه قبل فترة وجيزة من إخفائه على يد عناصر في ثياب مدنية في 4 فبراير/شباط. قال القريب: "يوم اختفائه كان يوم انعقاد الجلسة الأخيرة في القضية [قضية نوفمبر/تشرين الثاني]". برأه القضاة من تلك القضية في جلسة انعقدت في 24 فبراير/شباط رغم عدم وجوده في المحكمة.
أ. و س.
قام رجال أمن بينهم جنود يرتدون زيا رسميا أخضر، وقوات من الأمن المركزي في زي أسود، وعناصر شرطة ورجال في ثياب مدنية، بالقبض على أ. (17 عاما) وشقيقه س. (20 عاما) من بيتهما في العصافرة يوم 4 فبراير/شباط، على حد قول قريب لهما لـ هيومن رايتس ووتش. أضاف: "دمروا أغراضا في البيت وذهبوا إلى حجرة الأولاد وأغلقوا الباب ثم خرجوا ومعهم الصبيين وقد ربطوهما بحبل وأخذوهما دون الإفصاح إلى أين يذهبون". لكن يزعم محضر الشرطة أنهم اعتقلوا في توك توك [سيارة أجرة بـ 3 عجلات] وأنه كان معهما زجاجات مولوتوف". اتُهما فيما بعد بارتكاب أعمال تخريب وإحراق، على حد قول القريب.
قال القريب إن الشقيقين اختفيا بعد القبض عليهما ولم يقر أي مسؤول باحتجازهما أو بمكانهما إلى أن ظهرا في النيابة في 13 فبراير/شباط، وحينها كان س. مصابا بكدمات في وجهه. ثم تم احتجاز الشقيقين في قسم المنتزه لعدة أيام.
ليلة 13 فبراير/شباط، على حد قول القريب: "تمكن الصبيان من الحصول على هاتف خلوي في قسم الشرطة واتصلوا بنا وكانا يبكيان. قالا إنهما متهمان بقضية خطيرة". قالا إنهما قضيا فترة في الطابق الرابع بمديرية أمن الإسكندرية، وهناك تم ربط أيديهما بشكل مؤلم وراء الظهر وقيدت أرجلهما بالسلاسل. نُقل س. إلى سجن برج العرب وظل أ. في زنزانة بقسم الشرطة مع أطفال آخرين.
كان الاثنان ملتحقان بالمدرسة الثانوية، "لكن فصلتهما المدرسة بسبب الغياب لفترة طويلة" على حد قول القريب في 18 مارس/آذار. "استغرقنا 3 أيام للحصول على تصريح من النيابة بتسليم الكتب المدرسية وأغراض الدراسة لهما في السجن، وقضى [أحد الأقارب] الأيام العشرة الأخيرة محاولا تأمين الأوراق اللازمة لتسجيلهما في المدرسة مرة أخرى".
قال كل من القريب ومحامي الأسرة – تمت مقابلة كل منهما على انفراد – إن القاضي ودون تفسير رفض طلبهم بالإفراج عن الشابين. قال المحامي: "قال الأولاد لوكيل النيابة إنهما تعرضا للاختفاء القسري والتعذيب لكن وكيل النيابة لم يأمر بتحقيق".
م.
م. طالب إدارة أعمال عمره 21 عاما، تم القبض عليه في بيته في السابعة صباح 4 فبراير/شباط على يد رجال رفضوا الإفصاح عن هوياتهم، ولم يظهروا أمر توقيف، على حد قول قريب تحدث إلى هيومن رايتس ووتش في 18 فبراير/شباط ثم في 18 مارس/آذار. قال م. أيضا لأسرته إنه احتُجز وعُذب في الطابق الرابع بمديرية أمن الإسكندرية. قال قريب م. إن أسرته اشتكت أيضا لوكيل النيابة بشأن الاختفاء، فوعد وكيل النيابة بالبحث عنه، لكن لم يعرفوا شيئا حتى ظهر في مقر النيابة في 13 فبراير/شباط. تمكن قريبه فيما بعد من الحديث لفترة وجيزة إلى م.، الذي وصف ما حدث للمعتقلين في مبنى مديرية الأمن. قال القريب:
عندما رأيته أول مرة صُدمت بحالته. كان يحتاج للمساعدة ليتمكن من الوقوف. كان يبيت على الأرض، وكانوا يسكبون عليه الماء. قال إنه صُعق بالكهرباء وعصبوا أعين المعتقلين وجلدوهم، وقال إنهم سجلوا اعترافاتهم.
م. متهم بتخريب نفس ماكينة الصراف الآلي المذكورة في القضايا الأخرى، وبإشعال النار في مرآب في حي العصافرة، وإحراق محطة حافلات في حي المنتزه، بحسب محام على اطلاع على قضيته. أضاف المحامي: "هناك محضر آخر للشرطة عن ماكينة الصراف الآلي، يتهم أشخاص آخرون. لكن النيابة اعتمدت على ملف تحقيقات الأمن الوطني".
بعد الجلسة في النيابة، احتُجز م. 5 أيام في قسم المنتزه ثم نُقل إلى سجن برج العرب. أمر قاضٍ بالإفراج عنه بكفالة 5 آلاف جنيه (560 دولارا) في 7 مارس/آذار، ونقلته وزارة الداخلية من السجن إلى مبنى الأمن الوطني في إبيس، من مناطق الإسكندرية، حيث قام رجال الأمن بـ "ضربه وركله" قبل الإفراج عنه في 10 مارس/آذار، على حد قول قريبه.