Skip to main content

على تركيا فتح حدودها للسوريين الهاربين من داعش

ما لا يقل عن 30 ألف عالقين وسط القتال شمال سوريا

(إسطنبول) –  على تركيا الكف عن إطلاق النار على المدنيين السوريين الذين يفرون من القتال، وأن تسمح لهم فورا بعبور الحدود لالتماس الحماية. أدى تجدد القتال بين داعش وجماعات المعارضة المسلحة شمالي حلب إلى نزوح ما لا يقل عن 30 ألف شخص خلال الـ 48 ساعة الماضية، مع إطلاق حرس الحدود الأتراك النار على بعضهم عند اقترابهم من الجدار الحدودي التركي الجديد.
 

نازحون سوريون قرب بلدة أعزاز فارين من تقدم داعش شمال حلب قرب الحدود التركية المغلقة. © 2016 خاص.


ما زالت الحدود التركية مغلقة تماما بعد عام من بدء رفض السلطات التركية دخول جميع السوريين، باستثناء المصابين إصابات خطيرة. سبق وأشارت تركيا لأنها تريد تهيئة "منطقة آمنة" في سوريا يمكن على حد زعمها للسوريين الفرار إليها، ويمكن لتركيا أن تعيد إليها لاجئين سوريين. قال الاتحاد

الأوروبي في اتفاقه المبرم في 8 مارس/آذار 2016 مع تركيا إنه سيعمل معها على "السماح للسكان المحليين واللاجئين بالعيش في مناطق أكثر أمنا".

قال جيري سيمبسون، باحث أول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "مع فرار المدنيين من مقاتلي داعش، ترد تركيا بالذخيرة الحية بدلا من التعاطف. العالم بأسره يتحدث عن قتال داعش، لكن الأكثر عرضة لخطر داعش ومن وقعوا ضحايا لانتهاكاتهم المروعة عالقين على الجانب الخطأ من جدار خرساني".

بحسب عاملين بالمساعدات الإنسانية في تركيا ورؤساء 6 من 10 مخيمات للاجئين شرقي أعزاز قرب الحدود التركية، فإن زحف داعش في 13 و14 أبريل/نيسان أجبر ما لا يقل عن نصف سكان المخيمات البالغ عددهم 60 ألف نسمة على الفرار. فروا إلى مخيمات أخرى، إلى مخيم باب السلامة على الحدود التركية وبلدة أعزاز القريبة. أصبحت 3 مخيمات – هي أكدة وحرمين والشام – خالية تماما من 24 ألف شخص كانوا يحتمون بها.

تحدثت هيومن رايتس ووتش في 14 أبريل/نيسان إلى ممثلين عن 6 من 10 مخيمات وإلى 7 سوريين نازحين كانوا يعيشون في المخيمات التي سيطرت داعش عليها وكانت قريبة من جبهة قتال داعش التي تتغير سريعا. قال جميع السكان إنهم يريدون الفرار لتركيا لكن الحدود المغلقة تعني أن لا مكان أمامهم يفرون إليه. قال البعض إنهم مكثوا بالمخيمات الخاضعة لتهديد داعش لأنهم خافوا من عدم العثور على مأوى بمكان آخر، وهم يعرفون أن المخيمات الأخرى على الحدود التركية ممتلئة تماما. قال آخرون إنهم عادوا إلى قراهم القريبة رغم أنها مازالت غير آمنة.

قال مدير مخيم إيكدة الواقع قرب الحدود التركية إن داعش سيطرت على المخيم الذي يأوي أقل من 10 آلاف نسمة بقليل، في ساعة مبكرة من 14 أبريل/نيسان، وأطلقوا الرصاص الحي في الهواء وقالوا للسكان أن يغادروا.

وصف شخص من سكان المخيم ما حدث:

"سمعنا طلقات نارية قرب المخيم ساعة الفجر. بعد قليل وصل مقاتلو داعش وأخبرونا بمكبر صوت أن نغادر جميعا. قالوا ألا نخشى شيئا وأن علينا الخروج إلى الشرق، إلى مناطق داعش. خرجنا من المخيم لكن مضينا إلى الشمال وسط أشجار الزيتون، صوب الحدود التركية. كنا نحو ألفي شخص. مع اقترابنا من الجدار الحدودي رأينا الجنود الأتراك على تلّة وراء الجدار، وبدأوا في الصياح فينا. أطلقوا النار صوب أقدامنا، فعاد الجميع أدراجهم، وركضنا في كافة الاتجاهات. أخذت أسرتي وسرنا إلى مخيم [نازحين آخر] قريب يُدعى الريان. نحن الآن خائفون لأن داعش قريبة من هذا المخيم أيضا، لكن أين عسانا نذهب".

قال مدير مخيم الشام القريب من بلدة كفر بريشة الواقعة على مسافة كيلومترين جنوبي الحدود التركية أثناء مقابلة إن صوت رشاش آلي كان مسموعا من حيث تقترب شاحنات داعش، التي جاءت من عند الجبهة الجديدة، من بلدة كفر شوش، على مسافة كيلومتر. قال إن الرصاص أصاب رجلا عمره 30 عاما بالمخيم في وقت مبكر من اليوم وأن الناس في المخيم غير القادرين على الفرار سريعا راحوا يحفرون في الأرض ليحموا أنفسهم.

في 14 أبريل/نيسان قال ممثلون عن النازحين على الجانب السوري من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، لـ هيومن رايتس ووتش إن نحو 5 آلاف نازح من المخيمات الواقعة شرقا والتي سيطرت عليها داعش أو أصبحت تهددها داعش ليلة الأمس والصباح السابق، قد توافدوا على مخيم باب السلامة وعلى بلدة أعزاز القريبة.

قال سيمبسون: "تجبر الحدود التركية المغلقة رجالا ونساءً وأطفالا سوريين على حفر خنادق والاختباء للفرار من فظائع الحرب. محاولة تركيا لتهيئة ما تسميه منطقة آمنة هي مزحة مرعبة على المدنيين الذين يختبئون تحت الأرض ويتوقون للفرار من سوريا".

حتى مطلع أبريل/نيسان كانت تركيا قد أتمت بناء ثلث الجدار الخرساني المقاوم للصواريخ الممتد لمسافة 911 كيلومترا على حدودها مع سوريا. اطلعت هيومن رايتس ووتش على صور أقمار صناعية بتاريخ 8 أبريل/نيسان تُظهر إغلاق الجدار بإحكام لأجزاء كبيرة من الحدود شمالي حلب.

منذ أواخر مارس/آذار بدأت جماعات المعارضة المسلحة السورية عملية هجومية من معقلها في أعزاز لاستعادة مناطق مهمة من داعش على امتداد الحدود مع تركيا. بعد استيلاء الجماعات المسلحة على بلدة الراعي، بدأت داعش في هجوم مضاد في 9 أبريل/نيسان فاستعادت بعض المناطق. تستمر المصادمات في البلدات قرب الحدود التركية مع محاولة الجماعات المتمردة وداعش السيطرة على تلك البلدات.

حسب تقدير مصادر موثوقة بالأمم المتحدة في تركيا، بحلول 14 أبريل/نيسان كانت داعش قد بدأت هجوما على قرى شرق أعزاز، القريبة من الحدود مع تركيا، وسيطرت على عدد منها، مثل حوار كلس، وكفر شوش، والزيزفون-إيكدة، وبراغيدة.

بحسب تقدير عدة منظمات، فإنه حتى 12 أبريل/نيسان، كان 75 ألفا من السوريين يقيمون في نحو 10 مخيمات غير رسمية وعدة مواقع في أعزاز، شرقي البلدة على امتداد الحدود، وفي باب السلامة. كما قدروا أن 25 ألفا على الأقل من النازحين يتواجدون في مواقع عدة شرق أعزاز. فر الكثيرون منهم من عدة جولات قتال وعمليات هجومية شمالي سوريا.

 

ملاجئ تحترق في مخيم إيكدة للنازحين قرب الحدود التركية المغلقة شمال حلب بعد سيطرة داعش عليه في 14 أبريل/نيسان. © 2016 خاص.


منذ بدايات 2015 أغلقت تركيا حدودها بشكل شبه كامل في وجه السوريين الهاربين من النزاع. في 12 و13 أبريل/نيسان 2016 قابلت هيومن رايتس ووتش 8 أشخاص وصفوا كيف أعادهم حرس الحدود الأتراك باستخدام العنف على الحدود مع سوريا، ومعهم عشرات آخرين، إلى سوريا، في فبراير/شباط ومارس/آذار 2016. وصف اثنان كيف ضرب حرس حدود أتراك طالبي لجوء آخرين بقسوة لدرجة أنه لم يعد ممكنا التعرف إليهما من النظر إلى وجهيهما.

هذه الشهادات الحديثة عن انتهاكات حرس الحدود الأتراك تتسق مع ما توصلت إليه هيومن رايتس ووتش من نتائج أواخر 2015، بأن حرس الحدود ضربوا وأعادوا عشرات السوريين دون اتباع إجراءات اللجوء، وكانوا قد عبروا إلى تركيا بالاستعانة بمهربين.

سمحت السلطات التركية لمنظمات الإغاثة الإنسانية في تركيا بالعبور إلى سوريا والانضمام لجماعات الإغاثة السورية، من أجل توزيع الخيام والمساعدات الأخرى على السوريين العالقين على المعبر الحدودي وبالمناطق الحدودية القريبة.

قالت هيومن رايتس ووتش إن السماح بالمساعدات الإنسانية المُلحة والضرورية العابرة للحدود لا يعفي تركيا من التزامها باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية. هذا المبدأ، بحسب القانون الدولي العرفي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يحظر رفض طالبي اللجوء على الحدود وقت تعرضهم لتهديد الاضطهاد والتعذيب.

في يوليو/تموز 2015 قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "تطهير المنطقة من جميع العناصر الخطرة وإنشاء منطقة آمنة هو الأساس لعودة 1.7 مليون لاجئ سوري". في الشهر نفسه قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو: "عندما يتم تطهير مناطق شمال سوريا من التهديد [الذي تمثله داعش]، فسوف تمتلئ المناطق الآمنة بشكل تلقائي... يمكن عودة النازحين إلى هذه المناطق الآمنة".

قالت هيومن رايتس ووتش إنه في حين أن رغبة تركيا في الحد من عدد اللاجئين قد تكون مفهومة، فالوضع الحالي في شمال سوريا يقول إن أي "منطقة آمنة" لن تكون آمنة حقا، مع تعريض حياة النازحين للخطر.

في أواسط مارس/آذار عقد الاتحاد الأوروبي اتفاق هجرة مع أنقرة لتقليل تدفقات اللجوء والهجرة على أوروبا، إذ قدم 6 مليار يورو لمساعدة السوريين في تركيا، مع تجديد مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وإمكانية إلغاء متطلبات استصدار تأشيرة لسفر المواطنين الأتراك لدول الاتحاد. كان من أهداف الاتفاق الأساسية تمكين اليونان، بدعم أوروبي، من رفض جميع طالبي اللجوء الذين يفدون إليها من تركيا بدعوى أن تركيا دولة آمنة. تعهد الاتحاد الأوروبي الصريح بالتعاون مع تركيا لكي تهيئ في سوريا "مناطق تكون أكثر أمنا" حيث "يتمكن السكان المحليون واللاجئون من العيش" يجب أن يُرى كجزء من خطة أكبر لاحتواء تدفق طالبي اللجوء.

قال سيمبسون: "العنف على الحدود التركية السورية إثبات مخيف على وجود أخطاء في الصفقة الأوروبية التركية. على دول الاتحاد الأوروبي وتركيا التعاون على توفير ملاذا آمنا للاجئين السوريين، لا إغلاق الأبواب في وجوههم بقسوة هكذا".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.