(بيروت) – على السلطات الإيرانية الموافقة على تعديلات مقترحة لقانون المخدرات، لإنهاء استخدام عقوبة الإعدام في جميع جرائم المخدرات غير العنيفة. على السلطات أيضا أن تحقق مع المسؤولين عن الانتهاكات بحق السجناء المحتجزين في اتهامات متعلقة بالمخدرات، وتقدمهم للعدالة.
وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة لسلامة الإجراءات القانونية وانتهاكات أخرى، في مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2015 مع 8 سجناء ينتظرون الإعدام أو صدور أحكام متعلقة بجرائم مخدرات ويُعاقب عليها بالإعدام. كان هؤلاء من بين أكثر من 2000 محتجز في أحد أقسام سجن قزلحصار وقد حُكم على أغلبهم بالإعدام في جرائم متعلقة بالمخدرات.
قال إريك غولدستين نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "يواجه مجرمو المخدرات المزعومون انتهاكات صارخة لحقوقهم، بدءا من توقيف الشرطة لهم بناء على أسانيد قانونية مشكوك في صحتها. تكديس طابور المنتظرين للإعدام بمجرمي المخدرات لن يحل مشكلة المخدرات في إيران".
السجناء قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر من إدارة مكافحة المخدرات يعصبون أعين السجناء ويضربونهم بشكل منهجي، لإجبارهم على توقيع اعترافات. قال السجناء أيضا إن السلطات ترفض إظهار أدلة الاتهام بحقهم. بحسب قول البعض، يقول المحققون والقضاة في المحكمة إن أحكامهم تستند إلى "الحدس".
لا يُسمح للمحامين المعيّنين من المحكمة بالتواجد أثناء الاستجواب أو مقابلة موكليهم على انفراد، حسب قول السجناء. وأثناء جلسات المحكمة لا يُسمح للمحامين إلا بتقديم مذكرات مكتوبة، وليس عرض حجج الدفاع شفهيا.
نقلت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية "إسنا" أن ميرهادي قره سيد رومياني، وهو نائب برلماني، أعلن في 8 ديسمبر/كانون الأول أنه تقدم برفقة نواب آخرين بمقترح لتعديل عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات، باستثناء أعمال التهريب المسلح. وقال رومياني أيضا لوكالة أنباء البرلمان الرسمية، "وكالة مجلس الشورى الإسلامي للأنباء"، إن أكثر من 70 من بين نواب المجلس البالغ عددهم 290 وقعوا على الخطة. سوف تراجع لجنة الشؤون القانونية والقضائية بالمجلس الخطة المقترحة قبل أن تمضي إلى المراحل التالية.
بموجب تعديلات بدأ نفاذها في 2011، وسّع قانون مكافحة المخدرات الإيراني من الجرائم التي يُمكن أن يُعاقب عليها بالإعدام، لتشمل حيازة أكثر من 30 غراما من المخدرات المركّبة مثل الميثامفيتامين. فيما سبق كان القانون يُعاقب بالإعدام على التهريب والحيازة والإتجار لأكثر من 5 كيلوغرامات من الأفيون، أو 30 غراما من الهيروين أو المورفين، وعلى المُخالفين بشكل متكرر المتلبسين بكميات أصغر، وعلى صناع أكثر من 50 غراما من المخدرات المركّبة. كما يسمح القانون بالعقاب البدني في جرائم المخدرات الأقل خطورة.
بحسب تقرير صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2015 عن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران، فإن 69 في المئة على الأقل من الإعدامات خلال الشهور الستة الأولى من 2015 كانت متصلة بجرائم المخدرات. أعدمت إيران أكثر من 830 شخصا بين 1 يناير/كانون الثاني و1 نوفمبر/تشرين الثاني.
تنص المادة 6(2) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" – صدقت عليه إيران – على امتناع الدول عن فرض عقوبة الإعدام إلا في حال "أشد الجرائم خطورة". قالت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، المسؤولة عن تفسير العهد، إن جرائم المخدرات لا تمثل "أشد الجرائم خطورة" وإن استخدام الإعدام في هذه الجرائم يخالف القانون الدولي. تُعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف لأنها بطبيعتها لا يمكن الرجوع عنها ولا إنسانية.
قال إريك غولدستين: "من الواضح أن على إيران التصدي لمشكلة التعذيب الخطيرة في صفوف قوات إنفاذ القانون ونُظم السجن. على المحاكم الإيرانية استبدال "الحدس" القضائي بسلامة الإجراءات القانونية".
شهادات السجناء مُنتظري الإعدام
بهمن (اسم مستعار) ينتظر صدور الحُكم ضده في جرائم يُعاقب عليها بالإعدام. 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"أنا في الحبس الاحتياطي منذ 5 سنوات، عالق في متاهة قانونية. معي 8 مدعى عليهم آخرين في هذه القضية ولم نذهب قط إلى مكان فيه مخدرات. ليس لأي منا سجلّ جنائي أيضا. ذات يوم ذهبت برفقة بعض الأصدقاء إلى مكان في كرج. قضينا هناك ساعة ونصف. أنا أعمل في الإنشاءات، لذا ذهبنا لنرى ذلك المبنى لنفكر كيف سنجدده.
ثم جاء بعض رجال الشرطة وقالوا لنا: "قفوا! قفوا! ارقدوا على الأرض!" ثم قيدونا بالأصفاد. سألت: "ماذا تفعلون؟" قالوا لنا إن شخصا مات هنا ويريدون سؤالنا إن كنا نعرفه. قلت: "هذه أول مرة آتي إلى هذه المنطقة، كيف سأتعرف على هذا الشخص الميت؟" قالوا: "سنأخذك إلى بيت آخر وستعرف كل شيء هناك". ثم نقلونا مباشرة إلى وحدة المخدرات، ونحن هنا منذ 5 سنوات. مهما أنكرنا: "لا توجد [مخدرات في الموضوع]" يقولون: "بل توجد". لم يعرضوا علينا أوراقهم الثبوتية أو مذكرة التوقيف عندما قبضوا علينا".
مهرداد (اسم مستعار)، محكوم عليه بالإعدام. 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"أقسم بالله ضربوني لمدة أسبوع كامل. يرمونك في قبو ويضربونك. لم يكن يسمعنا أحد. أسبوع من الضرب في وحدة مكافحة المخدرات في طهران. قيدونا بالأصفاد وربطوا أرجلنا بالسلاسل وضربونا على رؤوسنا وأقدامنا بكابل كهرباء. علقونا [من السقف]. فعلوا بنا أشياء كثيرة تجعلك تسلّم بالقول: "نعم، لا بأس، كانت [المخدرات] لي".
لكني بريء. هذه المخدرات لا تخصني. قلت هذا في اليوم الأول وبصمت على أقوالي. لكنهم قالوا إنني متورط في المخدرات. لست وحدي. معي زوجة وولد خارج السجن، ولي أم وشقيقة. إن كنت وحدي في السجن كنت شنقت نفسي. ما كنت لأدعهم أن يأخذوني إلى حبل المشنقة. المسألة سهلة، كنت سأسكب بعض الميثامفيتامين في الماء وأشربه كله. فعل هذا الكثير من الناس مؤخرا في السجون. يمكنني القول إن 5 إلى 6 أشخاص يموتون كل شهر في السجن هكذا. كلما قتل أحدهم نفسه هكذا تقول السلطات إنه مجرد مدمن ومات وهو يعاني من أعراض الحرمان من المخدر.
أخذونا للمحكمة مرة واحدة، بالإضافة لجلسة استجواب واحدة. رآنا المحقق وقال: "ماذا حدث؟" وقلت: "أنتم من قبضتم عليّ. دعوني أحادث رجل الأمن وجها لوجه مرة واحدة [حتى نتحدث عن] أين وكيف قبضتم عليّ". قال المحقق: "ما أخبروني به [في وحدة مكافحة المخدرات في طهران] يكفي، أقبل أي شيء قاله رجال الأمن لي". ثم كتب ما دار من كلام وأرسلنا إلى القاضي. كان القاضي يمسك بيده قرار الاتهام الذي كتبه المحقق. سألته: "لماذا لم تسألني أي أسئلة؟"
بهنام (اسم مستعار) ينتظر صدور حكم في جرائم يُعاقب عليها بالإعدام. تمت المقابلة في 27 مارس/آذار 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"ليس لي سجل جنائي. لم يجدوا معي غراما واحدا حتى من المخدرات. أنا هنا بناء على اعترافات رجل آخر مُتهم. في 2012 كنت أجلس في متجري فجاؤوا وقبضوا عليّ. لا أقول إنني بريء. لنفترض أنني مذنب. لكن لم أبع أي شيء للرجل الذي اتهمني في اعترافاته.
في هذه الوحدة في سجن قزلحصار يوجد 2000 نزيل وكلهم في انتظار تنفيذ الإعدام، على مخالفات من [حيازة] 100 غرام إلى 100 كيلوغرام... في حين أن الشخص المتلبس بمخدرات يُتهم بالحيازة... مجرد الحيازة لنحو، مثلا، 5 كيلوغرامات من الميثامفيتامين. يسألونه عند القبض عليه: "من أين جئت بهذه المخدرات؟" ثم يقبضون على شخص مثلي.
لم أُعذَّب. ضغطوا عليّ لكن لم أعترف مطلقا... عندي محامي، لكن المحامين في قضايا المخدرات غير مفيدين بالمرة. آسف لقولي هذا. لكن المحامين لا يمكنهم فعل أي شيء".
متين (اسم مستعار)، حُكم عليه بالإعدام. 27 مارس/آذار 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"في الأسبوع الأول ضُربنا فقط. لم يطرحوا عليّ أي سؤال. في الأسبوع الثاني قالوا إن علينا توقيع بعض الأوراق. قلت: "كيف أوقعها؟ لم أفعل شيئا". قالوا: "لا، يبدو أنك لم تفهم بعد". هكذا ببساطة. ضرب وإهانات طوال الوقت. أخيرا وقعت ببصمتي على أقوال عرضوها عليّ وهكذا انتهى بي المطاف مع حكم بالإعدام".
قال إن المحقق أخبره أنه أطلق سراحه لكن المسؤولون أخذوه للمحكمة في اليوم التالي وأضافوا اسمه إلى قائمة مدعى عليهم في قضية مخدرات.
"قال المحقق [الذي رافقني إلى المحكمة]: "لكن اسمه ليس في القضية" قال له [مسؤولو المحكمة] أن يفعل ما قالوا. لذا أُضيف اسمي وأُخذت إلى طهران. في طهران أخذوني إلى قبو حيث تعرضت للتعذيب. عصبوا عيني وربطوا يديّ وقدميّ... كل مرة كانوا يأخذوننا للاستجواب خلال الأسبوع الثاني من حبسنا، كنا على وشك فقدان الوعي من فرط الرعب. كانت عيوننا معصوبة فلم نر الضابط...
بعد الاحتجاز 55 يوما دون أن تعرف أسرتي مكاني، تمكنت زوجتي، عبر محام تعرفه، أن تعلم أنني محتجز من قبل المحكمة الثورية. كانت مكالمتي الهاتفية الأولى مع العالم الخارجي بعد 4 شهور في الحبس. لم تصدر عقوبتي إلا بعد سنتين و8 شهور...
لا أهمية على الإطلاق للمحامين في قضايا المخدرات. المحامي في هذه الحالة مجرد إجراء شكلي لا فائدة منه. تم تعيين محاميَّ ولم أختره. لكن يجب دفع 200 أو 300 ألف تومان (حوالي 100 دولار) للمحامي الذي لا يُسمح له بالتكلم. فقط عند إنزال الحُكم بك يظهر المحامي. في المحكمة يسألون إن كان معك محامٍ وعندما تقول "لا" يقولون: "لا بأس، سنجلب لك محامي". لا يقابلنا المحامي أبدا ويقرأ ملفاتنا فحسب. لا تعرف المحامي ولا تقابله. في المحكمة، يسأل المحامي 4 أسئلة ويضع بعض الأوراق في ملفك. ثم يأتي ويقول لك: "أنا محاميك وسوف دافعت عنك قدر إمكاني" فيما لم يقل أي شيء في الحقيقة... ليس لدى المحكمة أية أدلة تُظهر لماذا أدانتك. لدينا شيء هنا يُعرف بـ "حدس القاضي".
أفشين (اسم مستعار) محكوم عليه بالإعدام. 13 مارس/آذار 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"على مدار 20 يوما راح عناصر وحدة مكافحة المخدرات يضربوننا ليلا نهارا في قبو. لم يعرف أهلنا مكاننا ولم يسمحوا لنا الاتصال بهم... عندما كنا في الحبس الاحتياطي لم نتواصل مع أحد. لم يُسمح لي لمدة 3 شهور بأية زيارات أو مكالمات هاتفية... لم أعترف. قال المحقق إنه بناء على حدسه فأنا مُذنب.
استغرقت محاكمتي 4 جلسات في المحكمة. تم استجوابي مرتين [خارج المحكمة] ومرتين أمام القاضي. لم تدم كل جلسة أكثر من 5 دقائق. ثم قضيت سنتين عالقا لا أعرف مصيري، حتى حكموا عليّ بالإعدام. لم يدعونا نتكلم في المحكمة. كانوا يقرأون تقرير رجل الشرطة [أو يقولون إنهم يعرفون بعض الأشياء] بناء على الحدس".
أمين (اسم مستعار)، حُكم عليه بالإعدام. 7 مارس/آذار 2015. سجن قزلحصار، كرج:
"عندما يأخذونك للاستجواب يضربونك بالعصي والكابلات. ليسوا بشرا. أثناء الاستجواب يأخذوننا واحد تلو الآخر ونحن معصوبي الأعين إلى قبو. في البداية تتعرض للضرب، ثم تأتي الأسئلة. لا يكتبون إجاباتك، بل يكتبون ما شاؤوا ويجبرونك على التوقيع ببصمتك. إذا لم تفعل يمسكون بيدك وتبصم على الورقة مجبرا...
لا يحضر المحامي إلا للمثول أمام القاضي. لا يوكل لك محام أثناء فترة الاستجواب الأولية أو أثناء الاستجواب الرسمي. لا يسمحون بدخول المحامين حتى. عندما تصل إلى القاضي، لا يفعل المحامي أي شيء. لا يدعونه يدافع عنك. يختلقون القصة ويكتبونها، هكذا ببساطة. آخر شيء قاله لنا القاضي المسؤول عن قضيتنا: "ليكن الله بعونك، لا يمكنني مساعدتك". كانت المحكمة غير علنية. أمضيت هنا 3 سنوات، وقد قتلوا 300 إلى 350 شخصا... هذا العام (2014/2015) عجّلوا بتنفيذ أحكام الإعدام".