أقر مجلس الوزراء السعودي، بعد تأخر طويل، قانونا من شأنه تمهيد الطريق لعمل المنظمات غير الخيرية على نحو قانوني بالمملكة. يُعد القانون، الذي طال انتظاره، تقدما ملحوظا في بلد يمنع عمل منظمات المجتمع المدني عامة، ويحبس النشطاء بسبب التعبير عن آرائهم.
ظل القانون قيد النظر لمدة سنوات. في 2006، تقدمت وزارة الشؤون الاجتماعية بمسودة إلى مجلس الشورى، أعلى هيئة استشارية للملك. أقر مجلس الشورى صيغة مُنقحة من القانون، وقدمها إلى مجلس الوزراء في 2008، وبعدها لم يحدث أي شيء لمدة 7 سنوات. ودون مُقدمات، أعلنت وكالة الأنباء الحكومية فجأة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أن مجلس الوزراء أقر القانون بالفعل في جلسة برئاسة الملك سلمان.
يؤسس القانون الجديد لإطار تشريعي خاص بتأسيس وإدارة ومراقبة منظمات المجتمع المدني. في ظل غياب قانون للجمعيات، أُجبرت الجمعيات غير الحكومية على التسجيل باعتبارها منظمات خيرية. كانت وزارة الشؤون الاجتماعية ترفض عادة تسجيل جمعيات حقوق إنسان، وفي عام 2013، نُصحت منظمة حقوق إنسان سعودية على نحو خاص بانتظار صدور قانون التسجيل، بزعم أنه قد "ينص على تأسيس منظمات أهلية في مجال حقوق الإنسان". وفي ذات الوقت، نشطت السلطات في مُحاكمة أعضاء في جمعيات حقوق إنسان غير رسمية بتُهمة تأسيس مُنظمات غير مُسجلة.
القانون الجديد خطوة إلى الأمام، إلا أنه من غير المُرجح أن يسمح بعمل الجمعيات على نحو حر ومُستقل. تضمنت مسودات سابقة للقانون قيودا صارمة، من بينها منح الحكومة صلاحية حل أو استبدال مجلس إدارة أي جمعية استنادا إلى تبريرات فضفاضة من قبيل "الإخلال بالنظام العام"، أو مُخالفة الشريعة الإسلامية، وتشترط كذلك موافقة حكومية على تلقي المنظمات تمويلا أجنبيا. لم تراجع هيومن رايتس ووتش نص القانون حتى الآن، ولكن، بحسب بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية، سوف تتمكن الوزارة من فرض رقابة قوية على مجالس إدارة المنظمات، وفرض قيود على التبرعات للمنظمات التي توافق عليها.
حتى قبل الإعلان الصادر هذا الأسبوع، ألمحت السلطات السعودية إلى موقف جديد مُحتمل تجاه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان. بحسب مقال في صحيفة "تليغراف" في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، هناك مزاعم عن إصدار بعض مُستشاري محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، بيانا يُشير إلى أن المملكة قد "تفتح أبوابها للجان ومنظمات حقوق إنسان دولية".
جعلت السعودية، لوقت طويل، عمل منظمات حقوق الإنسان، سواء من داخل البلاد أو خارجها، صعبا للغاية. ويبقى أن نرى إن كانت السلطات ستسمح لمنظمات حقوق الإنسان بالتسجيل رسميا بموجب القانون الجديد أم لا.
بغض النظر عمّا سيأتي بعد ذلك، يُعتبر الإعلان عن قانون الجمعيات الجديد موجة تغيير كبيرة في بلد ينظر بريبة إلى المجتمع المدني منذ أمد طويل. يجب أن يُصاحب القانون إطلاق سراح جميع النشطاء المُستقلين الذين يقضون عقوبات بالحبس جراء تأسيس منظمات غير مُرخصة.