(عمان) - الادعاء الأردني وجه تُهما إلى رئيس تحرير صحيفة وأستاذ جامعي في قضيتين منفصلتين على خلفية تعبيرهما السلمي عن آرائهما.
في 18 أغسطس/آب 2015، استدعى الادعاء العام الأردني عاطف الجولاني، رئيس تحرير صحيفة "السبيل" اليومية، بسبب مقال رأي كتبه ونشره في 17 يونيو/حزيران، ينتقد السلطات الأردنية لرفضها شحنة اسطوانات غاز من الهند. قال صحفي في السبيل لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات وجهت اتهامات جنائية ضده وأفرجت عنه بكفالة في وقت لاحق من ذلك اليوم. تحتجز السلطات الأردنية أيضا الأستاذ الجامعي إياد قنيبي منذ 15 يونيو/حزيران بسبب منشورات على فيسبوك تنتقد ما اعتبره الظواهر الإجتماعية غير الإسلامية في الأردن والتعاون بين الأردن وإسرائيل، ضمن أمور أخرى.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط: "يواجه الأردن تهديدات حقيقية لأمنه واستقراره، لكنها لا تشمل مقالات الرأي حول اسطوانات الغاز والتعليقات المنشورة على فيسبوك التي تنتقد الحكومة سلميا. على السلطات الكف عن ملاحقة المنتقدين السلميين وسن إصلاحات تحمي حرية التعبير بشكل حقيقي".
مقالة الجولاني "اسطوانات الغاز .. هل نحن أكثر حرصاً من "الطليان"؟" انتقدت قرار الحكومة برفض شحنة اسطوانات غاز من الهند. كتب الجولاني أن رئيس الوزراء عبد الله النسور وغيره قد رضخوا لضغوط وسائل الإعلام بعدم استيراد الاسطوانات. باع الأردن الاسطوانات إلى شركة إيطالية في صفقة خاسرة.
نقلت السبيل أن رئيس "مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية"، الوكالة الحكومية التي رفضت السماح باستيراد اسطوانات الغاز إلى الأردن، رفع شكوى جنائية ضد الجولاني. اتُهِم الجولاني بسب وقذف هيئة رسمية بموجب المادتين 190و191 من قانون العقوبات الأردني، وكذلك نشر أخبار كاذبة بموجب قانون النشر والمطبوعات، وفقا لمحاميه.
هو واحد من 6 صحفيين وكُتّاب على الأقل يواجهون الملاحقة القضائية في الأردن بسبب كتاباتهم.
قنيبي، 39 عاما، هو عالم أدوية وأستاذ في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة في الأردن. اعتُقِل على خلفية منشور على فيسبوك، "الأردن والإسراع نحو الهاوية"، انتقد ما اعتبره تطورات غير إسلامية في الأردن. لائحة اتهام محكمة أمن الدولة، التي لم توزعها السلطات على أفراد أسرة قنيبي لغاية 16 أغسطس/آب، تدلل على أن التهم وجهت إليه بـ "تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة أو التحريض على معارضته" بموجب المادة 149 من قانون العقوبات الأردني، وهو ما يعرف في القانون كتهمة بالإرهاب.
تستشهد لائحة الاتهام بمقتطفات من منشور فيسبوك كدليل، منها: "[في الأردن] الملتحون [أي المتدينين] والمحجبات يتم القبض عليهم ويُبطحون أرضا ضمن تدريبات ما يسمى بمكافحة الإرهاب، ويتزامن ذلك مع استقبال بابا الفاتيكان بطقوس تقديسية احتفالية ".
كما تذكر لائحة الاتهام، كدليل، انتقاد مشاركة المسؤولين الأردنيين في مسيرة باريس التي أعقبت هجمات تشارلي إبدو في يناير/كانون الثاني، واتهام مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية بتشجيع المزارعين الأردنيين على زراعة العنب لإنتاج النبيذ، وانتقاد زيارة الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز إلى الأردن عام 2013 لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي. تشير لائحة الاتهام إلى أن قنيبي لديه أكثر من 735 الف متابع على فيسبوك.
قنيبي محتجز حاليا في سجن الموقّر الأول، على بعد 40 كيلومترا جنوب شرق من عمان.
اعتقلت السلطات قنيبي في 2011 واحتجزته لمدة 14 شهرا خلال ملاحقته قضائيا على خلفية إرساله أموالا إلى حركة طالبان الأفغانية، الأمر الذي لم ينكره. كتبت هيومن رايتس ووتش إلى رئيس مجلس القضاء الأردني في سبتمبر/أيلول 2011 بشأن هذه القضية، وحثت المجلس على وقف تطبيق هذه المادة بموجب قانون العقوبات المستخدمة في حينه لمقاضاة قنيبي على أساس أن طبيعتها الغامضة والفضفاضة تفتحها على تفسيرات سياسية قد تؤدي إلى انتهاك حرية التعبير. برّأت محكمة الاستئناف في وقت لاحق قنيبي في هذه القضية، لكن أحد أفراد أسرته قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه ما يزال ممنوعا من الخطابة في المساجد.
حرية التعبير مضمونة بموجب المادة 15 من الدستور الأردني. كما أن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، الذي صادق عليه الأردن، يحمي الحق في حرية التعبير، بما فيها "حرية التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار بشتى أشكالها، دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو ضمن قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها" (المادة 19). بحسب لجنة حقوق الإنسان، التي تفسر العهد، "ينبغي ألا تحظر الدول الأطراف انتقاد المؤسسات، مثل الجيش أو الإدارة"، و"جميع الشخصيات العامة، بما في ذلك أولئك الذين يمارسون أعلى سلطة سياسية مثل رؤساء الدولة والحكومة، تخضع للنقد والمعارضة السياسية المشروعة".
بموجب المادة 9.3 من العهد الدولي، "لا يجوز أن يكون اعتقال الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة".
قالت ويتسن: "الاعتقالات والمحاكمات بسبب الانتقاد السلمي غير مبررة وعقابية، ليس في حق من تستهدف فحسب، بل لها تأثير أوسع ومخيف على حرية الكلمة والتعبير عن المعارضة المشروعة".