Skip to main content

سيثير تقرير حرب غزة الصادر هذا الأسبوع عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في جنيف، جدالا حادا، غير أن ثمة نقطة واحدة لكن تكون موضع خلاف؛ ألا وهي أن هذه الحرب ذات تأثير مدمر على الأطفال.

إن حصيلة القتلى لوحدها تكشف عن تباين لافت. ففي قطاع غزة، قتلت العمليات العسكرية الإسرائيلية 551 طفلا وأصابت أكثر من 3436، وتيتم أكثر من 1500 طفل. أما في إسرائيل، فقد كان طفل واحد من بين المدنيين الستة الذين قتلتهم القذائف الصاروخية وقذائف الهاون التي أُطلقت من الجانب الفلسطيني، كما أصيب العشرات أو عانوا من الصدمة.

كانت الأغلبية الساحقة من الأطفال القتلى والمصابين والمشردين في قطاع غزة، بيد أنه لا يمكن تجاهل الأثر الذي خلفه القتال على صغار السن جميعا. وكما ذكر التقرير فقد "تأثر الأطفال الفلسطينيون والإسرائيليون بطريقة وحشية بالنزاع".

وفي قطاع غزة، فاقم من الصدمة بطء وتيرة إعادة الإعمار. فقد بلغ عدد المنازل الفلسطينية التي تضررت جراء الهجمات الإسرائيلية 18000 منزل، بالإضافة إلى نصف المنشآت التعليمية (261 من أصل 520 مدرسة وروضة أطفال ومبان جامعية، وفقا للأمم المتحدة)، بما فيها المدرسة الوحيدة للأطفال ذوي الإعاقة. وبعد مرور عام تقريبا على انتهاء القتال، لم يتم إعادة بناء إلا أقل القليل من المنازل والمدارس التي تضررت بشدة، وذلك جراء القيود المفروضة على الواردات وتدني المساهمات المالية من المانحين.

وتتطلب مساعدة الأطفال على التعافي في المدى الطويل خطوات عدة:

أولا، يتعين تسريع وتيرة إعادة بناء المنازل والمدارس وغيرها من البنية الأساسية المدنية في قطاع غزة، حتى يتسنى للأطفال استعادة جزء من الإحساس بالحياة الطبيعية. كما يتعين تخفيف الحصار الذي تفرضه إسرائيل- وتشارك مصر في تنفيذه- من أجل تسهيل جهود إعادة الإعمار بطريقة لا تخل، أيضا، بحاجات إسرائيل الأمنية.

ثانيا، يتعين على المانحين الدوليين أن يهبوا لتقديم المساعدات. فقد بلغت جملة المساعدات التي تعهدت بها الحكومات 2,7 مليار دولار أمريكي لجهود إعادة الإعمار بعد القتال، لكنها لم تسلم من هذا المبلغ إلا الربع. كما أن هناك حاجة ماسة لزيادة التمويل المخصص للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في قطاع غزة. وكما أكد تقرير تلو الآخر، يعاني الأطفال من قلق شديد وإحباط بعد ثلاثة نزاعات كبيرة هناك في السنوات الست الأخيرة.

أخيرا، ينبغي محاسبة المسؤولين عن انتهاك القوانين الخاصة بوضع الأطفال أثناء الحرب. وبالنظر إلى القتال في العام الماضي وما سبقه من نزاعات، فقد جدت لجنة الأمم المتحدة- عن حق- أن "الإفلات من العقاب كان هو سيد الموقف".

إن التبعة القانونية تقع على إسرائيل والسلطات الفلسطينية في إجراء التحقيقات ومحاكمة الجنود والقادة وكبار المسؤولين الذين انتهكوا قوانين الحرب ولو عن طريق سياسات قادت إلى وقوع قتلى دون داع من الأطفال وغيرهم من المدنيين. أما إذا استمرت إسرائيل والسلطة الفلسطينية في رفض إجراء تحقيقيات داخلية ذات مصداقية، مثلما كان دأبهم طوال سنوات عديدة، فقد حان الوقت كي تضطلع المحكمة الجنائية الدولية بدور.

إن استمرار الإخفاق سواء في مساعدة الأطفال المصابين بالصدمة النفسية وضمان تعليمهم ووضع نهاية للإفلات من العقاب، سيضر بأجيال مقبلة وسيزيد من فرص قراءة تقرير آخر أكثر كآبة عن قطاع غزة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع