Skip to main content
تبرعوا الآن

على مجلس الأمن الأممي التصدي للجرائم المرتكبة في ليبيا

واستغلال مذكرة اطلاع المحكمة الجنائية الدولية لإبراز ضرورة التحرك بشأن الإفلات من العقاب

(نيويورك) ـ إن على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يستغلوا مذكرة رئيسة مكتب الادعاء المعدة لإطلاع المحكمة الجنائية الدولية على تحقيقها في ليبيا في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 للتعبير عن بواعث القلق من الوضع المتدهور في البلاد. وعلى أعضاء مجلس الأمن أن يشددوا على استمرار اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الأطراف كافة.

تأتي مذكرة الاطلاع وسط تصاعد لانعدام الأمن في ليبيا، وفيما تسعى الدول المهتمة إلى تسوية سياسية ووقف العنف بين أطراف النزاعات المسلحة في شرق البلاد وغربها. وعلى أعضاء مجلس الأمن إرسال رسالة قوية للسلطات الليبية تفيد بضرورة التعاون مع المحكمة، وبوجه خاص الامتثال لأمرها بتسليم سيف الإسلام القذافي، نجل معمر القذافي، إلى لاهاي.

وقال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "يتعين على أعضاء مجلس الأمن أن يوضحوا ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب في ليبيا، فقد كان إغضاء الطرف عن العدالة هو الدافع الأساسي وراء انعدام الاستقرار الحالي في البلاد".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن المحاسبة على الانتهاكات الجسيمة يجب أن تظل الركن الأساسي في أي حل مستدام للحوار السياسي في ليبيا. وقد أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش في بلدان عديدة أن الإخفاق في محاسبة المسؤولين عن أخطر الجرائم الدولية قد يؤجج الانتهاكات المستقبلية.

منذ مايو/أيار، اشتدت الاشتباكات العنيفة بين الجماعات المسلحة المتنافسة وتطورت إلى نزاعات مسلحة تشمل أرجاء ليبيا، فاعتدت جماعات مسلحة على مدنيين وممتلكات مدنية، وارتقت الانتهاكات في بعض الحالات إلى مصاف جرائم الحرب. أما عمليات الاغتيال ذات الدوافع السياسية فقد ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً انتهاكات جسيمة أخرى للقانون الدولي منذ 2011، بما فيها عمليات احتجاز تعسفي، وتعذيب، وتهجير قسري، وقتل غير مشروع. ويتسم الكثير من هذه الانتهاكات بالتنظيم وسعة النطاق بما يكفي لإدراجها في عداد الجرائم ضد الإنسانية.

وينتظر من مذكرة رئيسة مكتب الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية أن توفر رؤية محدثة للتحقيق في ليبيا، بعد أن تضمنت قضيتها الأولى معمر القذافي (الذي قتل منذ ذلك الحين) وسيف الإسلام القذافي، وعبد الله السنوسي، رئيس المخابرات في عهد القذافي.

وقد أفادت رئيسة مكتب الادعاء في مذكرتها الأخيرة بأن مكتبها يواصل تحقيقه في قضية ثانية، كما يجمع أدلة بحق آخرين من المشتبه بهم المحتملين، مع التركيز على المسؤولين الموالين للقذافي خارج ليبيا.

وكانت هيومن رايتس ووتش، في خطاب بتاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني، قد دعت رئيسة مكتب الادعاء إلى النظر في قضايا إضافية تتصدى لانتهاكات خطيرة ومستمرة ترتكبها أطراف أخرى في ليبيا. وتتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالاختصاص في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة العرق المرتكبة في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011. وتقع على عاتق أعضاء مجلس الأمن، الذين فوضوا المحكمة الجنائية الدولية بالإجماع للتحقيق في ليبيا، مسؤولية خاصة لتقديم كامل دعمهم بغرض تسهيل استمرار عمل رئيسة مكتب الادعاء في ليبيا، بحسب هيومن رايتس ووتش.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الليبية أخفقت في إجراء التحقيقات أو ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة المستمرة، فساهم الجمود المحلي في وجه جرائم متصاعدة في توليد ثقافة من الإفلات من العقاب، وساعد على تمهيد المسرح لفوضى المليشيات التي تشهدها ليبيا اليوم.

في أكتوبر/تشرين الأول قامت هيومن رايتس ووتش وثماني منظمات أخرى بدعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى عقد جلسة خاصة بشأن الوضع في ليبيا وبغرض تشكيل لجنة لتقصي الحقائق أو آلية مشابهة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها كافة الأطراف. وعلى أعضاء المجلس أيضاً دراسة الوسائل الكفيلة بالفحص العاجل للانتهاكات الجسيمة الجاري ارتكابها في ليبيا، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قال ريتشارد ديكر: "لقد وثقت هيومن رايتس ووتش جرائم بشعة في ليبيا منذ 2011، وعلى المسؤولين عنها أن يعلموا بقدرة المحكمة الجنائية الدولية على محاسبتهم. وبالنظر إلى عجز الحكومة الليبية عن كبح جماح الانتهاكات، ناهيك عن ملاحقة مرتكبيها، فإن مكتب الادعاء بالمحكمة لا يزال عليه القيام بدور محوري نيابة عن الضحايا في ليبيا، ولا ينبغي أن يقصر تحقيقاته على الضحايا المرتبطين بالقذافي".

ويعمل قرار مجلس الأمن رقم 1970، الذي أحال الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، على إلزام السلطات الليبية بالتعاون التام مع المحكمة ـ وهو شرط ملزم بموجب ميثاق الأمم المتحدة، رغم أن ليبيا ليست دولة طرفاً في المعاهدة المنشئة للمحكمة. ويشتمل هذا التعاون على التقيد بقرارات المحكمة وطلباتها.

في 21 مايو/أيار أيد قضاة المحكمة الجنائية الدولية حكماً سابقاً برفض طلب ليبيا محاكمة سيف الإسلام القذافي في طرابلس. إلا أن ليبيا أخفقت في تسليم سيف الإسلام إلى المحكمة، رغم التزامها المستمر بتسليمه. وفي 11 يوليو/تموز لاحظت إحدى غرف المحكمة الجنائية الدولية استمرار الالتزام الليبي منذ ما يزيد على العام، وأشارت إلى أن المحكمة قد تتخذ إجراءات إضافية لضمان تعاون ليبيا. ورغم هذا فإن ليبيا تابعت إجراءاتها الوطنية بحق سيف الإسلام القذافي في مخالفة لواجبها القاضي بتسليمه إلى لاهاي.

وتجيز المادة 87 من معاهدة المحكمة الجنائية الدولية أن تحكم المحكمة بعدم التعاون، ولأن اختصاص المحكمة في ليبيا قد نتج عن إحالة من مجلس الأمن فإن من شأن حكم كهذا أن يرسل إلى مجلس الأمن للمتابعة. وعندئذ يتاح لمجلس الأمن طيف من الخيارات، تشمل إصدار القرارات وفرض الجزاءات والتصريحات الرئاسية. وقد قامت هيومن رايتس ووتش مراراً بدعوة ليبيا إلى تسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي 24 يوليو/تموز أيد قضاة المحكمة قراراً سابقاً بالموافقة على طلب ليبي منفصل بملاحقة السنوسي في المحاكم الوطنية. ويخضع السنوسي، مع سيف الإسلام القذافي وآخرين، للمحاكمة في ليبيا بتهم تشمل ضمن تهم أخرى ارتكاب جرائم خطيرة تتعلق بدوره المزعوم في محاولة قمع انتفاضة ليبيا في 2011. وقد كشف تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني أن ليبيا أخفقت في منح السنوسي وشركائه في الاتهام حقوقهم الأساسية في سلامة الإجراءات. وفي خطاب نوفمبر/تشرين الثاني، دعت هيومن رايتس ووتش مكتب الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية إلى دراسة التقدم لقضاة المحكمة بطلب لإعادة النظر في حكم السنوسي، استناداً إلى ما استجد من وقائع.

قال ريتشارد ديكر: "لقد قام مجلس الأمن بمنح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص بالتحقيق وأمر ليبيا بالتعاون. وعلى أعضاء المجلس أن يوضحوا ضرورة امتثال ليبيا لأوامر المحكمة أو التعرض لخطر العقوبات".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة