(بيروت) ـالسلطات المصرية أن تفرج فوراً عن سبعة رجال قبضت عليهم في 6 سبتمبر/أيلول 2014 لمزاعم بـ"التحريض على الفجور". أمر النائب العام هشام بركات باعتقال الرجال السبعة و"توقيع الكشف عليهم" بعد ظهور مقطع فيديو على الإنترنت يبين حضورهم لما بدا وكانه حفل زواج مثلي على أحد المراكب النيلية.
وتعد هذه الاعتقالات هي الأخيرة في سلسلة طويلة من القضايا التي قامت فيها السلطات المصرية بملاحقة رجال يشتبه في ممارستهم لسلوك جنسي مثلي. في آخر أحكام الإدانة، في أبريل/نيسان، حكم على أربعة رجال بالسجن لمدد تصل إلى ثماني سنوات.
قال غريم رايد، مدير برنامج حقوق المثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج والمتحولين جنسياإن "السلطات المصرية قامت مراراً وعلى مدار سنوات باعتقال وتعذيب واحتجاز رجال يشتبه في ممارستهم لسلوك جنسي مثلي بالتراضي، وتمثل هذه الاعتقالات هجمة جديدة على حقوق الإنسان الأساسية، كما تعكس احتقار الحكومة المصرية المتزايد لسيادة القانون".
في بيان يعلن عن عمليات الاعتقال، وجه مكتب النائب العام إلى الرجال السبعة تهمة إذاعة مواد "مخلة بالحياء العام" واستحث المحققين على سرعة إحالة المشتبه بهم للمحاكمة، "صوناً لقيم المجتمع وتنفيذاً للعدالة الناجزة". وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن السلطات ما زالت تبحث عن رجلين يزعم تورطهما في الواقعة، التي وصفتها بأنها "حفل شيطاني ماجن".
وثمة تقارير عن قيام أحد الرجال الضالعين في الواقعة بمهاتفة برنامج إخباري تلفزيوني مصري لإنكار مثليته أو أن الواقعة المصورة كانت تمثل حفل زفاف مثلي. قال الرجل إن نشر مقطع الفيديو على يوتيوب جعله يخشى الظهور العلني.
وبحسب توجيهات النائب العام، خضع المعتقلون المشتبه بهم للكشف الشرجي بواسطة الطب الشرعي ـ وهو الإجراء الذي استخدمته السلطات المصرية مراراً في قضايا المسلك الجنسي المثلي المزعوم ـ والذي ينتهك المعايير الدولية المناهضة للتعذيب. قال الخاضعون لذلك الكشف في مصر سابقاً إنهم كانوا يرغمون على الانحناء فيما يقوم طبيب يعمل لدى هيئة الشرطة بتدليك أردافهم وفحص فتحة الشرج وجسّها في بعض الأحيان.
وقد تمت الاستعانة بـ"نتائج" هذا الكشف في المحاكم، رغم أن الخبراء أسقطوها من الحسبان لانعدام جدواها طبياً وعلمياً في تحديد وقوع الممارسة الجنسية الشرجية بالتراضي من عدمه. أعلن هشام عبد الحميد، الناطق باسم مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة الصحة، في 8 سبتمبر/أيلول أن الرجال "ليسوا من الشواذ" استناداً إلى نتائج الفحص الشرجي الشرعي.
ولا يجرم القانون المصري العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بين البالغين صراحة، لكن الزواج المثلي غير قانوني، وقد دأبت السلطات على اعتقال أشخاص يشتبه في ممارستهم لسلوك جنسي مثلي بالتراضي بتهمة "الفجور". في أكتوبر/تشرين الأول 2013، أمرت النيابة باعتقال 14 من المشتبه بهم وإحالتهم للكشف الشرجي لممارسة سلوك جنسي مثلي في أحد المراكز الطبية بالقاهرة. وفي أبريل/نيسان 2014، أدين أربعة رجال بتهمة "الفجور" وحكم عليهم بالسجن لمدد تصل إلى 8 سنوات، بعد إقامة حفلات عثرت السلطات فيها على مستحضرات زينة وملابس نسائية، ويزعم أنها انطوت على سلوك جنسي مثلي بالتراضي.
أما أكبر القضايا من تلك النوعية في التاريخ المصري، المعروفة بقضية "كوين بوت"، فقد وقعت في 2001 عند اعتقال أكثر من 50 رجلاً لمزاعم بالتورط في حفل بمرقص على باخرة نيلية ترسو على النيل.
سبق للسلطات المصرية أيضاً الاعتداء الجنسي على سيدات بحجة إجراء بكشوف طبية لا تقل إساءة، ففي 2011 تم إخضاع 7 سيدات لـ"كشوف العذرية" من طرف سلطات عسكرية بعد احتجاجات في ميدان التحرير. لم يجر الجيش تحقيقات كافية في الواقعة ولا حاسب أي مسؤول عليها قط.
في 1994 حكمت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في قضية "تونن ضد أستراليا" بأن القوانين المجرّمة للسلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين البالغين تنتهك الحقوق في الخصوصية وفي عدم التمييز. وتتولى اللجنة مراقبة امتثال الدول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر طرف فيه. علاوة على هذا فإن استخدام مصر للكشف الشرجي الطبي ينتهك المعايير الدولية المناهضة للتعذيب، وقد قامت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، في استعراضها لمصر في 2002، بالتحقيق في قضية الكشف الشرجي ودعت الحكومة إلى "منع جميع أشكال المعاملة المهينة عند إجراء التفتيش البدني".
خلال الشهور الـ14 المنقضية منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي، تم اعتقال ما لا يقل عن 22 ألف مصري، واعتقل الكثيرون منهم لإبداء المعارضة السياسية. كما وثقت منظمة مصرية غير حكومية اعتقال ما يزيد على 41 ألف شخص أو توجيه الاتهام إليهم في الفترة نفسها. واحتجزت السلطات العديد من الأشخاص دون اتهام أو محاكمة طوال شهور، وسط تقارير متصاعدة عن تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم.
قال غريم رايد: "يجب على السلطات المصرية وضع حد فوري لممارسات الاعتقال التعسفي وتعذيب البالغين الذين يمارسون علاقات جنسية خاصة بالتراضي. إن هذه الاعتقالات الأخيرة تمثل نذيراً بأن حكومة الرئيس السيسي لن تظهر احتراماً لحقوق الجماعات المستضعفة يزيد عما أظهرته سابقاتها".