(بيروت) – إن المملكة العربية السعودية قامت بإعدام 19 شخصاً على الأقل منذ 4 أغسطس/آب 2014. تشير تقارير إخبارية محلية إلى أن 8 من أولئك الذين جرى إعدامهم كانوا قد أدينوا في جرائم غير عنيفة، حيث أدين 7 منهم لتهريب مخدرات، وحالة واحدة على خلفية ممارسة الشعوذة.
كما قال أقارب رجل آخر، هو هجرس بن صالح آل قريع، لـ هيومن رايتس ووتش في 17 أغسطس/آب إنهم يخشون أن يكون إعدامه قد صار وشيكاً. أصدرت المحكمة العامة في نجران، جنوبي المملكة، حكماً بإعدام آل قريع بقطع الرأس يوم 16 يناير/كانون الثاني 2013، لتهريبه المزعوم للمخدرات، ومُهاجمته لأحد ضباط الشرطة أثناء القبض عليه.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "أي حكم بالإعدام مروع بطبيعته، إلا أن أحكام الإعدام في جرائم مثل تهريب المخدرات والشعوذة، التي لا ينجم عنها خسارة في الأرواح أمر صادم على نحو خاص. وليس هناك ببساطة ما يبرر استخدام المملكة العربية السعودية المستمر لعقوبة الإعدام، خاصة لمثل هذه الأنواع من الجرائم".
أعدمت السلطات السعودية 4 رجال سعوديين في منطقة نجران في 18 أغسطس/آب، بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)، وهي وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وكانت محكمة قد أدانتهم في وقت سابق بالشروع في تهريب مخدر الحشيش إلى البلاد، وهم هادي آل مطلق، وعوض آل مطلق، ومفرح اليامي، وعلي اليامي.
وقامت السلطات بقطع رؤوس 3 رجال آخرين في أنحاء متفرقة من البلاد لقيامهم بتهريب المخدرات من بينهم شخص سعودي الجنسية، وآخر سوري الجنسية، وثالث باكستاني الجنسية، في الفترة ما بين 4 أغسطس/آب و14 أغسطس/آب، بحسب تقارير وكالة الأنباء الرسمية ومنافذ إخبارية محلية. وقامت السلطات بضرب عنق رجل سعودي آخر علناً، وهو محمد بن بكر العلوي، يوم 5 أغسطس/آب في منطقة الجوف على خلفية ممارسته المزعومة للشعوذة، بحسب صحيفة سعودي جازيت.
وقال أقارب آل قريع لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يخشون من أن يتعرض لقطع الرأس علناً في خضم الموجة الأخيرة من الإعدامات. وبحسب حيثيات الحكم الصادر بحقه، والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، ألقت الشرطة القبض على آل قريع ونجله محمد في 7 يناير/كانون الثاني 2012، عند معبر الخضراء، الواقع على الحدود مع اليمن، بعد أن حاول ضباط الجمارك توقيفهما للاشتباه بقيامهما بتهريب المخدرات. وادعت النيابة العامة أن آل قريع صدم مركبات شُرطية ومدنية أثناء محاولته الهرب، وقاوم إلقاء القبض عليه على نحو عنيف، تضمن قيامه بالاعتداء على ضابط شرطة باستخدام سكين.
ووفقا لحيثيات الحكم، اعترف نجل آل قريع بقيامه بتهريب المخدرات، إلا أنه قال إن والده لم يكن يعلم بوجود المخدرات في السيارة. كما أخبر المحكمة أن المحققين وضعوه في الحبس الانفرادي للضغط عليه حتى يعترف بارتكاب الجريمة. كما ادعى آل قريع قيام المُحققين بالإساءة إليه أثناء خضوعه للحبس الاحتياطي حيث قاموا بضربه وإهانته للضغط عليه حتى يعترف بالجريمة، رغم إصراره طوال الوقت على أنه بريء.
كما ادعى آل قريع في المحكمة أنه لا يستطيع تذكر تفاصيل إلقاء القبض عليه لأنه يعاني من إعاقة ذهنية. وأمرت المحكمة بإجراء فحص طبي لتحديد إذا ما كان مسؤولاً عن أفعاله جنائياً أم لا. واكتشف الأطباء الذين قاموا بإجراء الفحص أن آل قريع يُعاني من أعراض مرض عقلي، من بينها هلاوس سمعية، إلا أنها خلصت إلى وجوب اعتباره مسؤولاً عن أفعاله جنائياً، كما نص حكم مُحاكمته. وأصدرت المحكمة في يناير/كانون الثاني 2013 حكماً بإعدام آل قريع، وحبس نجله 20 عاماً، وجلده ألف جلدة. كما أيدت محكمة استئناف سعودية والمحكمة العليا بالمملكة الحكم بإعدام آل قريع في وقت لاحق، بحسب أفراد الأسرة.
وتلزم المعايير الدولية الدول التي ما زالت تُطبق عقوبة الإعدام بقصر استخدامها على "أشد الجرائم خطورة"، وفي ظروف استثنائية. وفي كافة الحالات، يجب أن تحظى أحكام الإعدام بالحق في التماس العفو أو تخفيف العقوبة. وفي عام 1996، ذكر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفاً، ذكر صراحة أنه يجب إلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم المُتعلقة بالمخدرات.
وتُظهر قاعدة بيانات عقوبة الإعدام حول العالم، والتي تجمع معلومات بشأن حالات الإعدام من جميع أنحاء العالم، تظهر أن المملكة العربية السعودية، لديها أكبر معدلات حالات إعدام في العالم، كما تطبق عقوبة الإعدام على مجموعة من الجرائم التي لا تُشكل "أشد الجرائم خطورة"، ومن بينها جرائم المخدرات والشعوذة والردة. وقد أعدمت المملكة العربية السعودية 34 شخصاً على الأقل في عام 2014، من بينهم 19 شخصاً بين 4 أغسطس/آب، و20 أغسطس/آب، بحسب تقارير إعلامية. كما أعدمت المملكة العربية السعودية 78 شخصاً على الأقل في عام 2013، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الدول، وتحت كافة الظروف. فلا مثيل لعقوبة الإعدام في قسوتها ونهائيتها، وما يشوبها، عالمياُ وعلى نحو لا مفر منه، من تعسف وتحيز وخطأ.
وقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2013، في أعقاب قرارات مُماثلة في 2007، و2008، و2010، دعت الدول الأعضاء إلى فرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام، وتقييد تطبيقها تدريجياً، وتقليص الجرائم التي يمكن أن تفرض عليها، سعياً إلى إلغائها في نهاية المطاف. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الدول الأعضاء إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
قالت سارة ليا ويتسن: "تعد موجة الإعدامات الراهنة في السعودية قطعا نقطة سوداء إضافية في سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان".