Skip to main content

التهديد المزدوج للرجال مثليّي الجنس في سوريا

نُشر في: واشنطن بوست

 

لمدة 23 يوما خضع فني هواتف خلويةوسائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 26 عاما، وهو من حلب، للاحتجاز في مصنع للمثلجات تحول إلى مركز اعتقال، حيث تعرض للانتهاكات البدنية واللفظية.كان قد تم القبض عليه عند نقطة تفتيش تابعة لجبهة تحرير سوريا الإسلامية واتهم بالعمل لصالح النظام. في أثناء اعتقاله شهد إعدام اثنين من السجناء بتهمة التجديف وكان يخشى نفس المصير، ولكن والده الذي ينتمي إلى "قبيلة معروفة" دفع أموالا من أجل تحريره وساعده على الفرار إلى لبنان.

كان ذلك قبل أن تعرف عائلته. فعندما كشف محتجزوه السابقون أنه مثليّ، اتصل به والده في بيروت وهدد بالوصول إليه وقتله. كما هدده شقيقه الذي انضم إلى الجبهة الإسلامية بقتله أيضاً. ومع عدم وجود من يلجأ إليه قام بطلب الحماية من وكالة الأمم المتحدة للاجئين وهو يعيش في خوف دائم.

في خضمّ الحرب الوحشية في سوريا لا يبدو من المناسب أن أخصّ بالذكر تجارب مجموعة واحدة، ولكن ما يزال العديد من مثليّي الجنس من الرجال هناك يواجهون تهديداً مزدوجاً؛ فهم يتعرضون للاضطهاد من قبل الجيش السوري والجماعات المسلحة وغالباً ما تنبذهم أسرهم أو يتعرضون إلى ما هو أسوأ.

بالتأكيد لم تجلب الحرب كراهية المثليّة الجنسيّة إلى سوريا، فقد كان مثليّو الجنس من الرجال هناك لفترة طويلة هدفاً لـ "جرائم الشرف" كما أنهم يُعتبرون وصمة عار على أسرهم. وتم سجن آخرين على أساس المادة 520 من قانون العقوبات لسنة 1949 في سوريا والتي تدعو إلى المعاقبة بالحبس لمدة ثلاث سنوات لـ "كل مجامعة على خلاف الطبيعة". ومع هذا، فقد عززت الحرب المراقبة والتشهير والإيقاع بمثليّي الجنس من الرجال.

قابلت هيومن رايتس ووتش على مدى يومين في فبراير/شباط الماضي 19 رجلاً سورياً مثلييّ الجنس لجأوا إلى لبنان. (من الصعوبة أن نجد مثليات الجنس في الثقافة السورية المنغلقة) وقدمت قصصهم لمحة عما يواجهه مثليّو الجنس بينما تغرق البلاد في العنف مع عدم وجود نهاية في الأفق.

وصف هؤلاء الظروف المروّعة في سجون سوريا المؤقتة والاكتظاظ الشديد - فنحو 400 شخص يتم الزج بهم في غرفة واحدة - واللجوء المتكرر للتعذيب.

تعرض العديد من الرجال لشكل معين من أشكال المضايقة، إذ تعرّض اثنان للضرب بعد اكتشاف أنهما من مثليّي الجنس استناداً إلى رسائل نصية بينهما، وأطلق عليهما بما يحط من شأنهما وصف "طنط" ولمدة 10 ليال أجبرا على خلع ملابسهما وممارسة الجنس مع بعضهما البعض أمام المحققين في الجيش السوري الذين استخدموا الطباشير لتلوين وجهيهما. كما اختطف رجل آخر كان يعمل في صناعة الأزياء من قبل مسلحين مجهولين في منطقة من دمشق يسيطر عليها الجيش السوري وأطلقوا عليه كذلك وصف "طنط" وأجبروه على خلع ملابسه واغتصبوه.

قال أحد الرجال، ويبلغ من العمر 26 عاماً، إن مجهولين قال إنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة،  قيدوا يديه إلى السقف وهو معصوب العينين ، وحاولوا حمله على الكشف عن أسماء أصدقائه المثليين. كما تم احتجاز خياط يبلغ من العمر 25 عاما مرتين من قبل إسلاميين حاولوا أيضا إجباره على منحهم قائمة بأسماء أصدقائه المثليين.

وبالإضافة إلى هذه الانتهاكات التي ارتكبها جميع أطراف النزاع في سوريا، فإن أكثر من نصف السوريين من مثليّي الجنس الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش رووا قصصا مؤلمة عن رفض الأسرة وبين النبذ واستخدام العنف - والتهديد بالقتل في خمس حالات.

تقطعت السبل بطالب يبلغ من العمر 22 عاماً في بيروت بعد أن اكتشفت أسرته التي كانت تسانده من قبل أنه مثليّ، فكان عليه أن يتخلى عن دراسته وهو يعتمد الآن على منحة صغيرة من مؤسسة خيرية تتولى تقديم الضروريات الأساسية. قال: "لا يمكنني العثور على وظيفة أو العودة إلى الجامعة".

كذلك فإن عامل مخبز يبلغ من العمر 38 عاماً والذي غادر منزله في 2007 عندما اكتشفت عائلته أنه مثليّ الجنس، عَلِم مؤخراً أن عائلته قدمت اسمه إلى جماعة جبهة النصرة الإسلامية المسلحة. قال: "أعرف أن عائلتي سوف تحاول دائماً أن تجدني حتى تقتلني". وهو يخشى أن يسعى إلى إيجاد عمل يرتبط بمهنته وقال: "لا أستطيع أن أعمل في مخبز لأن هذا أول مكان ستبحث فيه عائلتي".

كما فر مدرّس يبلغ من العمر 30 عاماً الى لبنان بعد أن تنامى إلى علمه أن شقيقه الذي انضم إلى جماعة معارضة مسلحة قتل شريكه وكان يبحث عنه.

يمثل لبنان أملا لإعادة توطين اللاجئين السوريين الأكثر استضعافاً، ورغم ذلك فمحنة الرجال مثليّي الجنس لا تنتهي بالضرورة عند الحدود اللبنانية.

قال شريكان مثليّا الجنس قابلناهما إنهما كانا في ضاحية بيروت الجنوبية حين ضربهما رجال مسلحون يرتدون ملابس سوداء وأضافا أنه قبل طردهما من مسكنهما المؤقت قال لهما المسلحون إنه "بدلاً من المجيء إلى لبنان لتكونا مثليّي الجنس اذهبا للقتال في بلدكما".

وثقت هيومن رايتس ووتش حالتين على الأقل تعرض فيهما  رجال مثليو الجنس للفحص الشرجي من قبل قوى الأمن الداخلي اللبناني على الرغم من دعوات من نقابة الأطباء اللبنانية ووزير العدل في عام 2012 إلى إلغاء هذه الممارسة التي ترقى إلى التعذيب.

اتخذ لبنان خطوات لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك إنشاء إدارة لحقوق الإنسان في عام 2008 ولجنة لرصد المعاملة في السجون في عام 2011 ولكن هذه الهيئات لا تمارس أي سلطة فعالة، وليس لديها أي سلطات للتحقيق لذلك تتواصل الانتهاكات، والأشخاص الذين يشتبه في سلوكهم الجنسي يحاكمون بموجب قانون مشابه للقانون السوري.

يجب على الجهات التي تتولى تقديم المساعدات الإنسانية والحكومة اللبنانية بدعم من المانحين الدوليين التأكد من أن اللاجئين السوريين مثليّي الجنس يتلقون مستويات أساسية من المساعدة والحماية. لا سبيل أمام مثليي الجنس السوريين للعودة لبلدهم ، وليست هناك علامات واضحة في الطريق أمامهم. 

غرايم ريد هو مدير برنامج حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي التفضيل الجنسي ومتحولي الجنس في هيومن رايتس ووتش.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة