كما هو معتاد في هذا النوع من العمل، أصدرنا هذا الأسبوع تقريرًاحول الانتهاكات التي يُواجهها المهاجرون في المغرب بالتزامن مع خطوات بدأت تتخذها الحكومة لمعالجة هذه المسألة.
تعتقد السلطات المغربية أنه كان علينا التركيز أكثر على الجوانب الإيجابية، وخاصة المبادرة التي أعلن عنها الملك محمد السادس في سبتمبر/أيلول لإصلاح سياسات الهجرة، مع إشارة صريحة إلى حقوق المهاجرين التي يكفلها دستور 2011.
قدّم تقريرنا معطيات حول أعمال العنف والانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن المغربية ضدّ المهاجرين الوافدين من أفريقيا جنوب الصحراء، والذين تعتقلهم قرب جيبي سبتة ومليلية الإسبانيين. وكُنا قد شرعنا في توثيق هذه الانتهاكات قبل أن تعلن الحكومة عن إصلاح سياسة الهجرة، ولكن المقابلات التي أجريناها مع مهاجرين هذا الشهرأبرزت أن العديد من الانتهاكات مازالت مستمرة.
قد يكون المغرب بلدًا فقيرًا، ولكن قرابة 25 ألف مهاجر من الغرب الأفريقي يفضلون المغرب على بلدانهم التي فروا منها. وقدم الكثير منهم وهم عاقدون العزم على الوصول إلى إسبانيا، ولكنهم واجهوا حدودًا محصنة أكثر من أي وقت مضى، فاستقروا في مدن مثل الدار البيضاء والرباط يبيعون السلع الرخيصة، ويبحثون عن أعمال يومية، أو يتسولون. ولأن العديد منهم دخلوا إلى المغرب بطريقة غير شرعية، أو تجاوزوا مدة تأشيرتهم، فهم يعيشون في خوف من الشرطة.
ركّز بحثنا على المهاجرين المنتشرين على امتداد الساحل الشمالي قرب سبتة ومليلية، وهو المعبر الوحيد الذي يربط أفريقيا بأوروبا. وتحدث هؤلاء عما تقوم به قوات الأمن من سرقة لأمتعتهم، وإحراق لملاجئهم العشوائية، وطردهم إلى الحدود الجزائرية ـ على امتداد صيف 2013 ـ دون مراعاة الإجراءات القانونية التي ينص عليها القانون المغربي.
وبحسب مهاجرين ومنظمات غير حكومية، نتج عن سياسة إصلاح الهجرة التي تبناها الملك بعض التحسينات، ومنها الكف عن طرد المهاجرين إلى الحدود. إضافة إلى ذلك، فتح المغرب بابًا جديدًا لتسوية وضعية بعض الأجانب، وشرع في منح تأشيرات مدتها سنة واحدة، مع ضمان الحق في العمل، لكل من اعتبرتهم الأمم المتحدة لاجئين.
يُعتبر الإعلان عن إصلاحات خطوة جريئة في بلد مازال فيه الرأي العام يكنّ أحيانًا معاداة للمهاجرين الفقراء. ولكن كلّ شيء يتوقف على تنفيذ الإصلاحات: عن طبيعة التشريعات المرتقبة وآليات دراسة مطالب اللجوء المستقبلية. كما سيتوقف ذلك على إجراءات ترحيل المهاجرين الذين لا تتوفر فيهم شروط الوضع القانوني، وعلى حملات توعية الرأي العام لمناهضة كراهية الأجانب، وعلى مدى سهولة السماح للمهاجرين بتسجيل أطفالهم في المدارس.
إذا أدّت الإصلاحات إلى ضمان حقوق ملتمسي اللجوء وغيرهم من المهاجرين، قد يُصبح المغرب نموذجا في شمال أفريقيا الذي تعامل فيه أغلب الدول المهاجرين الوافدين من بقية أفريقيا بشكل مخز. ومع ذلك، يتعين على المغرب أن يشرع في منع قواته من معاملة المهاجرين بطريقة مخزية.