Skip to main content

المغرب/إسبانيا: مهاجرون يلقون وفاة مروعة على حدود مليلية

حققوا بالكامل، وحافظوا على الأدلة، واضمنوا المعاملة الكريمة للمتوفين

مهاجرون يحملون لافتات خلال مظاهرة مناهضة للعنصرية في العاصمة المغربية الرباط، في 28 يونيو/حزيران 2022. © 2022 أ ف ب عبر غيتي إيمجز

(ميلانو) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مقتل 23 رجلا أفريقيا على الأقل على الحدود بين مليلية والمغرب في 24 يونيو/حزيران 2022 يتطلب تحقيقا مستقلا ونزيها قادرا على تحديد ما حدث ومن يتحمل المسؤولية عن مثل هذه الخسائر في الأرواح.

وقعت الوفيات أثناء محاولة 2,000 شخص دخول إسبانيا عن طريق تسلق السياج الشبكي المرتفع المحيط بمليلية، أحد الجيْبين الإسبانيين في شمال أفريقيا. يجب أن يحدد تحقيقٌ مستقل ونزيه أسبابَ الوفاة وما إذا كانت قوات الأمن مسؤولة عن الخسائر في الأرواح، بما يضمن المساءلة والعدالة من أجل عائلات الضحايا.

قالت جوديث سندرلاند، نائبة مدير أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "تُظهر الفيديوهات والصور جثثا متناثرة على الأرض في برك من الدماء، وقوات الأمن المغربية ترفس وتضرب الناس، و"الحرس المدني" الإسباني يطلق الغاز المسيل للدموع على رجال متشبثين بالسياج. ينبغي للمسؤولين في إسبانيا، والمغرب، و"الاتحاد الأوروبي" إدانة هذا العنف وضمان إجراء تحقيقات فعالة ونزيهة لتحقيق العدالة لمن فقدوا أرواحهم".

تُكرر هيومن رايتس ووتش دعوات المنظمات المغربية والإسبانية، ومفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، و"الاتحاد الأفريقي" لإجراء تحقيق. دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد إلى "تحقيق فوري"، وذكّر بالالتزامات بموجب القانون الدولي "لمعاملة جميع المهاجرين بكرامة وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الإنسانية، مع الابتعاد عن استخدام القوة المفرطة".

قالت هيومن رايتس ووتش إن التقارير التي تفيد بأن السلطات المغربية ربما تنظم مقابر جماعية على عجل مقلقةٌ للغاية. في 26 يونيو/حزيران، نشرت "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" صورتين على "تويتر" لما قدرت أنه بين 16 و21 قبرا في مقبرة سيدي سالم، على مشارف مدينة الناظور المغربية المقابلة للحدود مع مليلية. نُشرت أولى هاتين الصورتين على تويتر من قبل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الساعة 1:01 بعد الظهر بالتوقيت المحلي في 26 يونيو/حزيران.

بمراجعة هذه الصور، تمكنت هيومن رايتس ووتش من تحديد 10 قبور فردية على الأقل حفرت حديثا. حصلت صحيفة "إل باييس" الإسبانية على صورة لنفس موقع المقبرة نشرتها في 26 يونيو/حزيران. بمطابقة شكل محيط المقبرة، والمباني، والأشجار، والمعالم الظاهرة في الخلفية مع صور الأقمار الصناعية، تحققت هيومن رايتس ووتش بشكل مستقل من أن الموقع الدقيق للقبور هو في مقبرة سيدي سالم.

قبور حفرت حديثا في مقبرة سيدي سالم، الناظور، المغرب، حيث يعتقد ناشطون محليون أن السلطات تسعى إلى دفن جثث المهاجرين الذين قضوا خلال محاولة لتسلق السياج الفاصل بين إسبانيا والمغرب. 26 يونيو/حزيران 2022. © 2022 الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع الناظور © 2022 AMDH Nador

تُظهر صور الأقمار الصناعية التي جُمعت في 27 يونيو/حزيران 2022 تقليبا حديثا للتربة في موقع المقابر المحفورة حديثا والتي حُددت في الصور التي تحققت منها هيومن رايتس ووتش. لم تكن هذه العلامات مرئية في صور الأقمار الصناعية المسجلة في 23 يونيو/حزيران، اليوم السابق للحادث. الحفاظ على الأدلة أمر بالغ الأهمية لضمان إجراء تحقيق كامل. قالت هيومن رايتس ووتش إنه، لتحقيق ذلك، من المهم للغاية أن تبذل السلطات المغربية قصارى جهدها للحفاظ على الجثث بما يحفظ كرامتها ويسمح بالتشريح والتحقق من سبب الوفاة.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للسلطات بذل قصارى جهدها للتعرف على الموتى وإبلاغ عائلاتهم. عقب جمع أدلة الطب الشرعي على الإصابات وأسباب الوفاة التي قد تكون مرتبطة بالتحقيق، ينبغي للمغرب تنظيم نقل المتوفين إلى عائلاتهم لدفنهم وفقا لرغباتهم. يستحق الناجون الرعاية الطبية والنفسية المناسبة.

في وقت مبكر من صباح يوم 24 يونيو/حزيران، حاول ما بين 1,300 و 2,000 رجل، معظمهم من السودان وجنوب السودان، وفقا لوسائل الإعلام، تسلق السياجات الشبكية البالغ ارتفاعها 6 إلى 10 متر والتي تفصل بين الأراضي المغربية والإسبانية. تزعم السلطات المغربية، وبعض المراقبين المستقلين، أن بعض الرجال كانوا مسلحين وعنيفين، وأن أشخاصا ماتوا في تدافع أو بعد سقوطهم أثناء تسلق السياج.

إلا أن ثمة فيديوهات تُظهر قوات الأمن المغربية وهي تستخدم القوة المفرطة، بما فيها الضرب، وهناك أيضا مخاوف بشأن تصرفات الحرس المدني على الجانب الإسباني.

يُظهر فيديو التقطته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المغرب وحللته صحيفة "نيويورك تايمز" عنصر أمن مغربي يضرب رجالا مصابين منبطحين على الأرض وآخر يرمي جثة على كومة من الناس.

قالت هيومن رايتس ووتش إن التحقيقات الموثوقة فيما حدث يجب أن تشمل خبراء ومراقبين دوليين لتعزيز النزاهة، والاستقلالية، والفعالية، في الممارسة والمفاهيم على حد سواء.

أكدت السلطات المحلية مقتل 23 شخصا، بينما قدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العدد بـ 27، لكنها أعربت عن قلقها من ارتفاع العدد. تقدر منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية أن 37 شخصا فقدوا حياتهم. وأفادت تقارير عن إصابة العشرات.

كما توجد مؤشرات على أن الحرس المدني الإسباني أعاد بإجراءات غير كافية مئات الأشخاص الذين تمكنوا من تسلق السياج والوصول إلى منطقة مليلية، التي تخضع للسيطرة الإسبانية. قالت مصادر رسمية إن حوالي 500 شخصا تمكنوا من الوصول إلى إسبانيا، لكن بقي 133 فقط منهم في مليلية. أكدت وزارة الداخلية "حدوث حالات رفض على الحدود" دون تحديد عددها. "الرفض على الحدود" هو مصطلح في التشريع الإسباني للإعادة بإجراءات موجزة، عبر بوابات موجودة في الأسوار حول سبتة ومليلية، دون أي ضمانات إجرائية أو فرصة لتقديم طلب اللجوء. تنتهك هذه الممارسة قانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي.

يُظهر فيديو التُقط على الجانب الإسباني من السياج قوات الأمن المغربية تتجول وسط عناصر الحرس المدني والمهاجرين. يظهر عنصر مغربي يقود رجلا بعيدا عن الكاميرا، بينما يروي مصور الفيديو أن عناصر مغاربة كانوا يعتقلون أشخاصا على الأراضي الإسبانية.

بينما ألقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز باللوم على "المافيات"، كانت أحداث 24 يونيو/حزيران المروعة نتيجة متوقعة لتركيز إسبانيا على الردع والاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود مع غض الطرف عن انتهاكات المغرب ضد المهاجرين واللاجئين. في أبريل/نيسان، جددت إسبانيا والمغرب التزاماتهما بشأن التعاون في مجال الهجرة عقب فترة من التوتر الدبلوماسي بين البلدين. ترسخ الاتفاقية نموذجا ينطوي على انتهاكات وشكّل أساسا لنهج الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة واللجوء.

الحدود حول الجيبين الإسبانيين سبتة ومليلية هي من بين أكثر المناطق تحصينا في أوروبا. على مر السنين، لجأ المهاجرون وطالبو اللجوء الأفارقة إلى محاولات تسلق الأسوار المحيطة بالجيبين بأعداد غفيرة بسبب الافتقار إلى قنوات الهجرة الآمنة والقانونية والعقبات أمام الوصول إلى المراكز الحدودية الرسمية.

تتطلب "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون" من عناصر الأمن والشرطة، بمن فيهم حرس الحدود، استخدام وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى القوة، واستخدام القوة بما يتناسب فقط مع خطورة الجريمة، واستخدام القوة القاتلة فقط عندما لا يمكن تجنبها لحماية الأرواح. كما تنص المبادئ على أنه ينبغي للحكومات ضمان أن الاستخدام التعسفي أو المنتهِك للقوة والأسلحة النارية من قبل عناصر الأمن يُعاقَب كجريمة جنائية بموجب قوانينها.

صرّحت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" بوضوح في عدة قضايا تتعلق بمراقبة الحدود أنه بينما يمكن للدول اتخاذ تدابير لمنع الدخول غير المصرح به إلى أراضيها، بما فيها استخدام القوة، فإن الحاجة إلى مراقبة الحدود لا يمكن أن تبرر اللجوء إلى الممارسات أو استخدام القوة بطريقة تنتهك حماية حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة وعدم التعرض للمعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

قالت سندرلاند: "على الجانب الآخر من أوروبا، يلقى اللاجئون الأوكرانيون ترحيبا محقا بأذرع مفتوحة، لكن هنا وفي أماكن أخرى على طول حدود أوروبا، نرى تجاهلا تاما لحياة الناس السود. المحاولات الواسعة لتسلق الأسوار حول مليلية تثير مخاوف أمنية، ولكنها لا تبرر بأي حال العنف الذي شهدناه. يستحق الرجال الذين ماتوا والناجون تحقيقا موثوقا ومحاسبة المسؤولين".

 

Correction

29/6/2022: 

تم تصحيح كتابة اسم منطقة مليلية. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة