Skip to main content
تبرعوا الآن

بقلم إرين إيفرز

نشرت هيومن رايتس ووتش اليوم تقريراً يستفيض في توثيق انتهاكات تتعرض لها السيدات في نظام العدالة الجنائية بالعراق ـ الاعتقال دون وجه حق، والاحتجاز، والتعذيب وإساءة المعاملة على نطاق واسع، بما في ذلك الانتهاك الجنسي، أثناء الاستجواب. وقد بينا كيف يقوم القضاء العراقي المتعثر في أحيان كثيرة بإدانة سيدات بناءً على اعترافات منتزعة بالإكراه وشهادات مرشدين سرييين، وكيف تحتجز سيدات بالشهور، بل السنوات، دون تهمة محددة.

إلا أن العديد من الأشخاص ـ نشطاء وصحفيون، وبالأخص مسؤولون حكوميون ـ دعوني إلى عدم نشر التقرير، وكان مبعث خوفهم هو أنه قد يلهب العنف الطائفي الذي يهدد بتمزيق البلاد.

لقد بلغ العنف في العراق مستويات لم نشهدها منذ الحرب الأهلية في 2006-2007، كما اشتدت التوترات الطائفية على نحو استثنائي، وأذكى نيرانها القتال المستمر بمحافظة الأنبار فيما بين القاعدة، والدولة الإسلامية في العراق والشام، وغيرها من المتمردين المسلحين الذين يقاتلون مع الحكومة وضدها على السواء، وقوات الأمن العراقية، وكذلك رجال السياسة الذين يناورون من أجل الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويخشى العراقيون أن يكون كل هجوم، وكل تقرير عن الانتهاكات، هو الشرارة التي تشعل الحرب الأهلية التالية.

سألني كثيرون ممن نصحوا بعدم نشر التقرير عما إذا لم يكن يجدر بي خفض صوتي لبعض الوقت، على الأقل حتى "تهدأ الأمور" ـ خاصة حين يتعلق الأمر بالحديث عن الانتهاكات التي تبدو في كثير من الأحيان طائفية: "ألا تصبين الزيت على النار؟"

هو سؤال مشروع. لكنه ينبئني أيضاً بأن النقاش حول أسباب وقوع العراق في هذه الأزمة الحادة قد انحرف بعيداً عن جذور المشكلة. من الواضح أن على العراق حماية مواطنيه من الهجمات العنيفة للجماعات المسلحة، التي يمكنها إحداث فوضى عامة والتسبب في أزمة إنسانية، كما في الأنبار. لكن الحكومة أيضاً تستغل الخوف من التهديد الإرهابي لقمع المعارضة بوحشية. والعنف في الأنبار ليس إلا أحدث الأمثلة على أن لجوء الحكومة إلى إجراءات عنيفة باسم مكافحة الإرهاب قد تسبب في تسارع الأزمة: لقد بدأ القتال في الأنبار بسبب محاولة الحكومة لقمع احتجاجات السنة المشروعة على الانتهاكات. والأساليب الوحشية لقوات الأمن موثقة بإسهاب في تقرير اليوم عن الانتهاكات بحق السيدات، والتي تواتر وقوعها أثناء عمليات مكافحة الإرهاب.

ولعل أفضل السبل لتسليط الانتباه على الأسباب الأوفى لانتهاكات الأنبار، والعنف الذي يتهدد العراقيين كل يوم في أنحاء البلاد، هو أن نرفع أصواتنا بدلاً من خفضها، للتذكير بأحد أهم منابع المشكلة، وإعادة توجيه الانتباه نحو الحل الحقيقي ـ ألا وهو حاجة الحكومة العاجلة إلى إنهاء انتهاك الحقوق والوفاء بوعودها المتعلقة بالإصلاح.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد
الموضوع

الأكثر مشاهدة