تمارا الرفاعي
أخيراً، أنباء سارة وسط كآبة النزاع السوري، فقد أعلنت الخارجية المصرية في 10 ديسمبر/كانون الأول عن الإفراج عن 171 من اللاجئين السوريين الـ206 الذين كان المسؤولون قد احتجزوهم لشهور بأقسام شرطة في أنحاء مصر. ثم أفرجت السلطات عن عدد آخر من اللاجئين في الأيام التالية.
كانت هيومن رايتس ووتش قد أصدرت تقريراً عن محنتهم في نوفمبر/تشرين الثاني. ومن بين قصص الرعب العديدة عن محاولات اللاجئين للفرار وبلوغ أوروبا بطريق البحر، تظل أقساها بالنسبة لي هي قصة الأم السورية التي اضطرت أن تختارمن بين أطفالها الأربعة أي منهم ستنقذ، بينما كان قاربهم يغرق. كانت تحاول مغادرة مصر، معتقدة أن متاعبها كلاجئة ستنتهي فور وصولها إلى أوروبا. ولم يكن بوسعها أن تحمل أكثر من طفلين، وهي تسبح نحو أحد قوارب النجاة. الأرجح أن الكوابيس ستلاحقها طول حياتها.
كان مسؤولون مصريون قد احتجزوا نحو 1500 شخص، بينهم ما لا يقل عن 250 طفلاً ومنهم رضيع عمره شهر واحد، للاشتباه في محاولتهم استخدام قوارب المهربين للهجرة إلى أوروبا. ورغم أن النيابة أمرت بالإفراج عنهم، إلا أن مكتب الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية أبلغ الشرطة تعليمات باحتجاز اللاجئين دون أجل مسمى، إلى أن يغادروا مصر على نفقتهم الخاصة. وقد أكره المسؤولون أكثر من 1300 منهم على الرحيل، وعاد بعضهم إلى الخطر في سوريا.
استقبلت مصر نحو 300 ألف لاجئ منذ بداية النزاع في سوريا، وعبر الكثيرون عن شعورهم بأنهم "في وطنهم" الثاني مصر، على عكس اللاجئين في الأردن ولبنان، الذين أشاروا بالتعرض للتمييز، بل والعداء.
إلا أن الحكومة المدعومة عسكرياً، والتي تولت السلطة منذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز، فرضت قيوداً تعسفية على السوريين والفلسطينيين، تشمل القيود على تجديد تصاريح الإقامة وتسجيل الأطفال في المدارس الحكومية. علاوة على هذا قام صحفيون باتهام اللاجئين السوريين بتأييد مرسي.
وافقت الحكومة المصرية على إطلاق سراح اللاجئين السوريين بعد مفاوضات مكثفة بين المسؤولين المصريين والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني المصرية والدولية، وعدد من الحكومات الأجنبية المتعاطفة مع اللاجئين.
وعلى مصر أن تستكمل ما بدأه إعلان الأسبوع الماضي، فتفرج عن اللاجئين الذين يبلغ عددهم نحو الثلاثين. كما يتعين على المسؤولين المصريين التوصل إلى حل شامل ودائم للاجئين القادمين من سوريا، وخاصة للفلسطينيين الذين يقارب عددهم الخمسة آلاف وسطهم، بما في ذلك استيضاح وضعهم القانوني، وتسهيل حصولهم على المساعدات وتدابير الحماية التي ينص عليها القانون الدولي. وعلى البلدان الأخرى أن تدرس إعادة توطين اللاجئين السوريين، كما يجب على المانحين دعم مصر في تحمل عبء المسؤولية الجماعية عن رعاية السوريين المحتاجين للرعاية.
لا ينبغي لسيدة تفر من العنف في سوريا أن يضطرها اليأس لركوب قارب من قوارب الموت، ثم الاختيار بين أطفالها، أيهم ستساعده على البقاء حياً.