Skip to main content

الاتحاد الأوروبي يقوم (أخيرا) بتطبيق قانونه الخاص على المستوطنات الإسرائيلية

نُشر في: إي يو أوبزرفر

إنه "خطأ كبير"، حسب ما صرّح به نائب وزير الخارجية الإسرائيلي لإذاعة الجيش.

إنه "هجمة إرهابية اقتصادية على السلام"، كما قال وزير الاقتصاد.

وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: "لن أسمح لأحد بإيذاء مئات الآف من الإسرائيليين الذين يعيشون في [الضفة الغربية] مرتفعات الجولان أو في القدس".

كما أنه "يخرّب" الجهود الأمريكية لإحياء مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية، على حد قول وزير المالية، قبل أيام من قيام وزير الخارجية الأمريكي بالإعلان عن موافقة الأطراف المبدئية على التباحث.

فما هذا الخطب الجلل إذن؟

منذ سنوات قليلة أفاق الاتحاد الأوروبي على الحقيقة المتمثلة في أن سماحه بذهاب تمويله إلى المستوطنات الإسرائيلية لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل قانون الاتحاد الأوروبي أيضاً.

وفي 16 يوليو/تموز أعلنت المفوضية الأوروبية عن "خطوط إرشادية" جديدة يقصد بها منع هذا من الحدوث. وهو ترتيب للبيت الأوروبي يبلغ من وضوحه أن من الصعب أن نرى لماذا لم يسبق القيام به منذ وقت طويل.

من الوجهة القانونية لا تعد هذه الخطوط الإرشادية عقوبات مفروضة على إسرائيل، ولا حتى على المستوطنات. بل هي جهد متأخر وضروري لتطبيق قانون الاتحاد الأوروبي على النحو الصحيح، والحفاظ على نظافة يده.

فالمستوطنات غير مشروعة بموجب القانون الدولي. ولطالما اعترف الاتحاد الأوروبي بهذا ودعا إسرائيل إلى إزالتها.

كما أن الاتحاد الأووربي يمول أنشطة في إسرائيل، التي تصر على مشروعية المستوطنات.

وبموجب الخطوط الإرشادية يقتصر الاتحاد الأوروبي، بدءاً من 2014، على منح "الهبات والجوائز وغيرها من الأدوات المالية [القروض]" للكيانات الإسرائيلية غير العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعد بألا تنفق الأموال فيها.

تذهب الهبات في المعتاد إلى تشكيلة واسعة من الأنشطة، تشمل مشروعات البحث والتطوير والمشروعات الثقافية والبرامج الرياضية للشباب.

لكن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى الخطوط الإرشادية كنوع من لي الذراع السياسي بسبب المستوطنات.

قال أحد المسؤولين لصحيفة "الغارديان": "نحن لا نعتقد أنه من الصحيح أن يحشر موقف الاتحاد الأوروبي في حلوقنا كالإوز".

لكن الاتحاد الأوروبي، كما تبين الخطوط الإرشادية، ملتزم بدعم القانون الدولي، وبألا يدعم خرقه على أيدي أطراف ثالثة أو "يعترف" بهذا الخرق. وقيام الاتحاد الأوروبي بمنح المال إلى كيانات إسرائيلية تعمل في المستوطنات قد يرقى إلى معاملة الاتحاد الأوروبي لسياسات الاستيطان الإسرائيلية وكأنها مشروعة.

إلا أن هذه السياسات تخرق الحظر الذي يفرضه القانون الدولي على نقل تجمعات سكانية مدنية إلى أراض محتلة، ومعاملة تلك الأراضي وكأن لإسرائيل سيادة عليها بأي شكل.

وعلى هذا فلا يمكن للاتحاد الأوروبي الادعاء باحترام هذا القانون الدولي ـ كما يتحدد على سبيل المثال في اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية ـ بينما يقوم بمنح المال إلى كيانات إسرائيلية تقدم العون والتحريض لأنشطة الاستيطان غير المشروعة.

ومع ذلك فإن هذا بالضبط هو ما فعله الاتحاد الأوروبي في الماضي.

لقد قدمت أوروبا هبات بحثية بقيمة 1,12 مليون يورو لشركة "أهافا" التي تنتج مستحضرات تجميل في مصنع يقع داخل مستوطنة. وحين قام برلماني أوروبي بلفت نظر المفوضية لهذا الخطأ، كان تفسيرها الواهي هو أن مقر شركة "أهافا" "يقع رسميا" داخل إسرائيل.

كما قدم دافعو الضرائب الأوروبيون 114400 يورو، بموجب برنامج ثقافي، إلى هيئة الآثار الإسرائيلية التي يقع مقرها في القدس الشرقية، والتي هي جزء من الضفة الغربية التي ضمتها إسرائيل من جانب وحيد في انتهاك للقانون الدولي.

قامت الهيئة بعمليات تنقيب في الأراضي المحتلة دون مشاركة فلسطينية، وتعاقدت من الباطن مع منظمة "إيلاد" الاستيطانية لإدارة موقع "مدينة داوود" السياحي الأثري في قلب حي فلسطيني بالقدس الشرقية.

وتضررت منازل فلسطينية من عمليات التنقيب.

قالت المفوضية إن الهيئة تقدمت بطلب التمويل باستخدام [عنوان] صندوق بريدي في القدس الغربية.

وتجنباً لتكرار هذه الأخطاء، فرضت الخطوط الإرشادية اختباراً من 3 أجزاء على الكيانات الإسرائيلية ـ بما فيها الهيئات الحكومية والشركات والمنظمات غير الهادفة للربح ـ التي تلتمس التمويل الأوروبي، خلال الدورة المالية الجديدة، من 2014 إلى 2020.

أولاً، يجب أن تكون هذه الكيانات مقامة داخل الحدود الإسرائيلية الصحيحة.

وثانياً، لا تتاح الهبات والجوائز إلا للأنشطة الجارية داخل إسرائيل، ولا تتاح القروض إلا للكيانات التي لا تعمل مطلقاً داخل الأراضي المحتلة.

وأخيراً فإن على الإسرائيليين المتقدمين بطلبات للتمويل الأوروبي أن "يقدموا إعلان شرف" [يفيد] بتلبيتهم لهذه المعايير والتزامهم بها.

يمكن للجمعيات الإسرائيلية المقامة داخل إسرائيل تلقي مساعدات أوروبية للأنشطة التي يجرونها في الأراضي المحتلة لصالح السكان الفلسطينيين.

وعلى الاتحاد الأوروبي وقادة الدول الأعضاء تذكر التزامات أوروبا القانونية عند مواجهة الضغط المضاد الحتمي.

ظهرت تقارير عن قيام رئيس الوزراء نتنياهو بدعوة رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إلى تأجيل نشر الخطوط الإرشادية، بينما قام ممثل المستوطنات داني دايان، على نحو غريب، بالإشارة إلى محرقة اليهود وهو يغرد ضدها: "كيف سيتم اختيار وفود الشباب الإسرائيليين؟ سيقول ألماني: تل أبيب إلى اليمين والقدس الشرقية إلى اليسار؟ أم أنها ستكون عملية بولندية؟"

لقد بدأت بروكسل تدرك ببطء ضرورة تمحيص تصرفات المفوضية بعناية، لتجنب مخالفة قوانين الاتحاد الأوروبي التي تجسد التزاماته بموجب القانون الدولي.

وما زال هناك عمل كثير ينتظر القيام به.

لكن محاولة الاتحاد الأوروبي الامتناع عن إحداث الضرر بدوافع قانونية هي مفاجأة سارة، فهل ستظهر واشنطن أخيراً قدراً من الصلابة المبدئية بحيث تحذو حذوه؟

الكاتب باحث أول بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة